تكنولوجيا

مراجعة NieR Replicant™ ver.1.22474487139

خاص | أحمد سامي

نادرًا ما تكون إعادات الإنتاج جيدة في صناعة الألعاب بشكلٍ عام، حيث أن الناس مهتمون في الغالب بكلاسيكية العمل الفني، ولا يتقبلون تقديمه في صورة عصرية بسهولة. لكن يبدو أن الحالة ليست هنا هذه المرة، فلعبة NieR التي تم تقديمها في 2010 ككلاسيكية خالدة، حصلت على إعادة إنتاج مؤخرًا تحت عنوان NieR Replicant™ ver.1.22474487139 على يد استوديو Cavia ونشر Square Enix.

اللعبة القديمة أحبها الناس بشدة نظرًا للفكرة الفلسفية التي قدمتها، لكن كان أسلوب اللعب للأسف مقيدًا بالفترة الزمنية نفسها، أو الميزانية، المهم أنه في النهاية لم تكن محتوية على فنيّات لعب ذات جودة، مما جعلها مخلدة في التاريخ كـ “قصة” فقط.

لكن الوضع مختلف مع النسخة الحديثة منها، فهي تحفة فنية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، لكن الأمر لا يخلو من السقطات بالطبع.

قبل شرح فكرة اللعبة (ذات النسخة الحديثة)، يجب أولًا تسليط الضوء على نسخ “نير” في الصناعة. في 2010 عندما صدرت اللعبة لأول مرة، كانت هناك نسختان منها، نسخة خاصة باليابان تحت عنوان NieR Gastalt ونسخة خاصة بالغرب (والعالم) تحت عنوان NieR Replicant، والتي عرفت اختصارًا بـ NieR فقط للتسهيل على التجّار واللاعبين. النسخة الأولى احتوت على شخصية كبيرة وذات عضلات كبطل، بينما الثانية بطلها هو فتى مراهق ونحيل. الأولى شخصيتها الأنثوية تكون ابنة البطل، بينما في الثانية هي أخته، ودون ذلك؛ فالأحداث واحدة تمامًا.

مراجعة NieR Replicant™ ver.1.22474487139

تتحدث القصة بالمجمل عن فتاة تدعى يونا، مصابة بمرض خطير يظهر على الجسد في صورة علامات ورموز سوداء، ويسبب الألم الفظيع لصاحبه، حتى يقضي عليه في النهاية. تشرع الأحداث في البدء فعلًا عندما يقرر البطل أن يجد علاجًا ليونا، فيشرع في الخروج من البلدة الصغيرة التي احتضنهما أهلها بإنسانية وحب، ثم البحث عن علاج للمرض في الأرض الواسعة.

لكن تأتي الرياح لما لا تشتهي السفن، فالأرض ليست مسالمة كما تعتقد؛ إنها مليئة بالوحوش المسماة “الظلال – Shades”، وهي مخلوقات ظلامية مختلفة الأحجام والأشكال، وتبدأ في مقاتلة اللاعب بمجرد الاقتراب منها. الآن على البطل التعامل مع معوقات عالمه، دخول الحصون، اقتلاع السبائك وسلخ الحيوانات، كل هذا ليحمي الفتاة المسكينة من المرض الذي لا نعرف سببه، وربما لن نكتشف علاجه حتى.

احتفظت النسخة الحديثة من اللعبة بالقصة كاملة، مع التركيز على أخذ مسار النسخة الغربية التي فيها البطل مراهق، ويونا هي أخته الصغيرة.

سنتحدث عن هذه اللعبة كعمل فني مستقل بذاته وغير مرتبط بسلسلة نير على الإطلاق، وذلك لضمان حيادية التقديم. لكن الجدير بالذكر أن اللعبة (حسب تسلسل القصة) تسبق أحداث لعبة NieR:Automata؛ اللعبة التي قدمت شخصية 2B الملحمية في صناعة الألعاب.

اعتمد أسلوب اللعب على تقديم آلية الكرّ والفرّ في أماكن ضيقة على الدوام، نادرًا ما تكون القتالات في أماكن واسعة، على عكس المقدمة التي تكاد تجعل اللاعب يؤمن أن اللعبة كلها ستكون عبارة عن قتالات في أماكن واسعة مليئة بالتضاريس المثيرة للدهشة. وفي الواقع، هذا غريب جدًا، نظرًا لكون التنقل بين مراحل اللعبة يكون عبر سهول ممتدة على طول البصر، مما يقنع اللاعب أن باقي المراحل ستكون هكذا، لكن العكس هو الذي يحدث في كل مرة، الأمر مثير للحزن فعلًا.

مراجعة NieR Replicant™ ver.1.22474487139

التضاريس عبقرية، وسنتحدث عنها بالتفصيل في فقرة الجرافيك، لكن نذكرها هنا لكونها جزءً لا يستهان به من أسلوب اللعب. فبالرغم من أن الصخور غير قابلة للتفجير، إلا أن القفز من فوقها أو منها لأعلى، قادر على إسعادك بشدة، يبعث على الرضا بشكلٍ مذهل.

كما أن هناك أجزاء من البيئة نفسها قابلة للكسر، مثل الصناديق الخشبية أو الحواجز التي يمكن تفجيرها بالقنابل. فيمكن القول أن أسلوب اللعب لا يعتمد بالكامل على القتال المباشر، بل أنت تقاتل البيئة حرفيًّا، في محاولة للنجاة في عالمٍ كل ما فيه يسعى لقتلك مع كل لحظة تمر.

أهم عنصر في أسلوب اللعب هو الثنائيًّات – Combos. والكومبو هنا يبدأ بمجرد ضربة ثنائية، لكن مع التعود على مفاتيح التحكم، سيجد اللاعب نفسه يضغط باستمرار على أزرار القفز والجري مع أزرار الضرب، لصنع ضربات مزدوجة قد تصل إلى 50 ضربة!

هذه الآلية الحركية في القتال نجدها في ألعاب كثيرة، وفي الواقع، لعبة نير الكلاسيكية هي التي ألهمت الصناعة بها. فعندما تلعب النسخة الحديثة، لا تقل أنها تشبه Devil May Cry مثلًا، بل قل أن ديفيل هي التي تشبهها. نير هي الأصل، أسلوب لعبها ألهم الصناعة كلها، قصتها فجرت العقول، وسلسلتها واحدة من أنجح السلاسل في التاريخ حصرًا.

التعقيب السلبي الوحيد على الأسلوب هو أن البيئة غير متفاعلة مع اللاعب بالقدر الكافي، فكان على الأقل يمكن إدراج خاصية لتفجير الصخور، أو تهشيم مفردات البيئة من آلات وقطع معدنية في أوقات القتالات القوية مع الزعماء الأشدّاء بين المراحل الرئيسية في القصة. كلها صغائر فنيّة كانت لتجعل التجربة انغماسية أكثر، لكن لم تقدم للأسف.

الجرافيك مثير للاهتمام بشكلٍ لا يصدق.

اعتمد الاستوديو المطور على تسطيح الألوان بنسبة كبيرة، مما جعل التجربة البصرية بشكلٍ عام أقرب إلى السينما الكلاسيكية منها إلى المعاصرة. فمثلًا في الأفلام الدرامية، التركيبة اللونية تكون غير مشبعة لإيصال شعور بالتيه والتشتت إلى المُشاهد، نفس الآلية مستخدمة هنا. طوال مدة اللعب (والتي تزيد عن 15 ساعة بالتمام والكمال)، يكون اللاعب في حالة تشتت، غير عالمٍ إذا كان العالم مساعدًا للبطل، أم مدمرًا له!

أما بالنسبة للتفاصيل الصغيرة في التضاريس، فهي جيدة جدًا من حيث رسم العشب، السماء، وغيرها من الأجزاء السطحية. لكن الرسم الخاص بنقوش الصخور والمعادن غير واضح بعض الشيء، حتى مع أعلى إعدادات على الحاسوب للأسف. لكن بالمجمل أعلى إعدادات لم تكن قوية جدًا على حاسوب متوسط الإمكانيات، وهذه نقطة إيجابية تحسب للعبة بالطبع.

الصوتيّات .. هذه ميزة وعيب في نفس الوقت.

طوال أحداث القصة، موسيقى.. موسيقى.. موسيقى.. حتى تكاد تفقد عقلك!

مراجعة NieR Replicant™ ver.1.22474487139

الموسيقى بالطبع خلّابة، قطعة من النعيم، لا غبار عليها. لكن الاستمرارية في تشغيلها بسبب وبدون سبب، يجعل تجربة اللعب مدمرة للذهن تمامًا. في البداية تجد أنها موسيقى لطيفة، لكن مع الوقت تشعر بانعدام الهدف، وتتحول من متعة إلى إزعاج.

أما بالنسبة لجودة الموسيقى فنيًّا؛ فتعلو وتهبط مع المعارك وفترات الراحة، وهذه لمسة فنية جميلة في الميكساج الصوتي.

الخلاصة: لعبة NieR Replicant™ ver.1.22474487139 تجربة تستحق العيش بدون شك. الجرافيك مريح للعين لكن غير مناسب لذوي الاهتمام بالتفاصيل، الموسيقى خلّابة لكن استخدامها زائد عن الحد، والقصة عبقرية بالكامل من البداية للنهاية، لا غبار عليها. أسلوب اللعب يجمع بين الكر والفر من جهة، والثبات والمشي من جهة أخرى. توازن ملحوظ بين عناصر العالم، وبالمجمل لعبة دسمة وجميلة.

التقييم النهائي : 8/10

[تم توفير هذه اللعبة من قبل الناشر عند صدورها في الأسواق]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى