اهم الاخبارمقالات مختارة

تحذير من الكارثة في ليبيا

سالم الهمالي

قبل خمس سنوات كتبت عن ما كنت أخشى وقوعه، وفيه استقراء لسياقات الأحداث ومآلاتها، حينها كان ابتزاز الدولة هو السمة الظاهرة لما يدور في سدة الحكم، متمثلا في إقرار أسوأ تشريع ، فيما سمي مكافآت ( الثوار) !!

تلك الخطوة الشيطانية الخبيثة، أشرعت أبواب الفساد على مصارعها، وفتحت بوابات كبيرة لنهب الدولة من قبل ( الثوار)، أو من سموا أنفسهم كذلك. آنذاك، علم القاصي والداني الحجم المهول لعمليات التزوير واختلاق القوائم، حتى أشيع أن عدد ( الثوار) ما بين المئتين والثلاثمئة ألف، على هيئة كتائب ودروع وميليشيات وحرس حدود، إلى حرس منشآت وغيرها من المسميات العجيبة والغريبة التي انتشرت في كل أرجاء ليبيا. شرَّع المؤتمر الوطني وقبله المجلس الانتقالي عمليات استنزاف ثروة الدولة الليبية، وأصبغوها شرعية قانونية، فنهبت استثمارات ليبيا في الخارج والداخل، وأفسح المجال لعصابات نهب الثروات المصرفية العالمية لتدخل المسرح الليبي، تحت اسم استعادة أموال النظام السابق، ضامنين نسبا عالية جدا لهم، وللفاسدين الذين تعاملوا معهم. الخزائن المملؤة والرصيد الكبير للدولة الليبية، مع اعتلاء سدة الحكم عصابة من الطماعين والسراق، لم يبق منه إلا القليل، بعد أن قضوا عليه إما نهبا أو في تمويل حرب أهلية باطلة وظالمة وخاسرة، ولدعم جماعات اعتادت الحصول على الملايين من الدولة بالابتزاز وتحت التهديد لساسة، عرفوا بالجبن والخوف والفساد.

خلال السنة الماضية جفّت خزائن الدولة، ولم يعد يكفي ما فيها، تلك الجماعات المسلحة التي اعتادت على تلك الأموال، فاستعاضت عن النقص بزيادة العمليات الإجرامية ضد المواطنين، فكثرت عمليات الاختطاف وسرقة المرافق العامة والأملاك الخاصة، لنشهد تنامي متسارع في وتيرتها في مختلف أنحاء البلاد. بل إن الأمر تعدى ذلك، فأصبحت عمليات التهريب من ليبيا واسعة، بشر، سيارات، ألومنيوم ، حديد، نحاس، مصانع مفككة، صوف، أغنام، زيت، دقيق، وكل ما يمكن أن تطاله أيدي المهربين، تحت إشراف تلك المجاميع المسلحة، التي لاقت الدعم في إنشائها من الحكومات المتعددة ماديا، والهيئات التشريعية تشريعا.

المرحلة الأخطر، والتي وجب التحذير العاجل منها، هي ما يمكن أن تصل إليه الأمور في حالة استمرار الانهيار الحالي بنفس الوتيرة والمنهج !! حينها، قد تشهد ليبيا عمليات انفلات أمني واسع جدا، وأرى ذلك مرتبطا إلى حد كبير جدا بتوقف دفع الدولة للمرتبات، بما يؤدى إلى لجوء عدد كبير إلى السرقة والحرابة وكل الأعمال الإجرامية التي على شاكلتها للحصول على المال، خصوصا ممن امتلكوا السلاح وتعودوا على سوء استخدامه بلا حسيب أو رقيب.

وحتى أكون قريبا للواقع أقول، إن مؤشرات الوصول إلى هذه المرحلة أصبحت ظاهرة لمن يتابع ما يجري على الساحة الليبية.

علينا أن ننقذ أنفسنا من هذا المصير بكافة السبل، وأولها دعم جهود الصلح والتصالح بين الليبيين، وتوحيد مرافق الدولة وإنهاء تشظي مؤسساتها التشريعية والتنفيذية الحكومية في أسرع وقت، وبلا تأخير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى