مقالات مختارة

وجوه الأزمة الليبية

محمد المفتي

رغم اختلاف الخطاب والمطالب الظاهرية إلا أن مواقف ومناورات الطرفين الرئيسيين في الحلبة السياسية لدينا شبه متطابقة فهي مزيج من المماطلة وقناعة كل طرف بأن الزمن في صالحه.

برقة تأمل اعتراف المجتمع الدولي فلديها برلمان يمتلك شرعية ما وجيش حقق استقرارا وبرهن على قدرته في السيطرة على الموقف الأمني وهو ما تصر طرابلس على إنكاره.

طرابلس (الإقليم وليس المدينة) من جانبها تحظى بالاعتراف الرسمي فعلا من مجلس الأمن، أعلى سلطة قضائية في العالم .. وتأمل بالبقاء في سدة الحكم بحكم تعدادها.

كما يعتقد كل طرف بأن الأمور ثابتة لا تتغير مع الزمن. وان التكتلات باقية كما هي . غير أن التاريخ يقول عكس ذلك
ثم إن مغازلات الدول الأوروبية
وتصريحاتها لا تعني بالضرورة ان هذا ما سيتحقق. والأمثلة التاريخية على ذلك كثيرة.
ولهذا فإن ما يحدث الان مصطنع أو حتى
وهمي ومجرد ذريعة لاستمرار البقاء في السلطة، لكنه للأسف أيضا تكريس لتقسيم بمعنى ما وخاصة في ما يتعلق بتوزيع الميزانيات

التشكيلات المسلحة غير النظامية بتسمياتها المختلفة في طرابلس تصل الى 200 الف راتب كما اخبرنا المبعوث الأممي أي 2% من تعداد ليبيا. ورغم ضآلتها النسبية فإن نزع سلاحها بالقوة باهض انسانيا ومدمر كما تشهد به تجربة بنغازي وسرت ودرنة

ويبقى الدستور مجحفا على اكثر من مستوى.
واذا كان سلامة يتحدث عن احتمال تجدد الصدامات المسلحة فكيف له ان يقنعنا بامكانية الانتخابات أصلا؟

وهكذا تتداخل وتتشابه التكتيكات والجميع مستفيد من ديمومة الحالة الراهنة رغم بؤسها وعقمها

فماذا لو حاولنا أن نواجه كل هذه الاعتبارات بصدق وشجاعة. ونرضى بمعادلة الحد الادنى؟ من ذلك تعديل الرئاسي وتشكيل حكومة تنفيذية تحل محل المؤقتة ومجلس وزراء الوفاق المكلفين، ودمج مصرفي البيضاء وطرابلس، مع تأجيل البث في موضوع الدستور من الصياغة الى الاستفتاء وترك برنامج جمع السلاح لمرحلة قادمة

إن مجرد تشكيل حكومة فعالة مستقلة نسبيا وتمثل مختلف الأطياف سيعيد الإحساس بالوحدة الوطنية ويعيد للدولة بعض هيبتها وسيحرك عجلة الاقتصاد

بهذه الخطوات قد ننجح في استعادة مناخ من الثقة والعقل وهي العناصر الاساسية المفقودة في الوقت الحاضر وبدون ذلك سنبقى في حركة دائرية أشبه بدوران حجري الرحا دون تقدم إلى الأمام. وعندها لن يكون هناك ما يخفف حيرتنا سوى عبارات بائسة وساذجة عن مؤامرة ما

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى