مقالات مختارة

أردوغان يطبع 300 مليار ليرة بلا رصيد لشراء الفوز بالانتخابات

جان تيومان

عاد الخوف من خسارة الانتخابات ليسيطر على حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، بعد تسارع انحدار المؤشرات المالية والاقتصادية، وهو السبب الذي دفع إلى تقديم موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية من أواخر العام الماضي إلى 24 يونيو المقبل.

وبدأ حزب الرئيس رجب طيب أردوغان بتوزيع الهدايا على كل قطاعات المجتمع وتخلى عن فرض ضريبة الدخل لمنع زيادة أسعار الوقود، وخفض ضريبة القيمة المضافة وتوزيع القروض الائتمانية لمدة 10 سنوات بنسبة فائدة تقل 4 بالمئة عن مستويات السوق.

كل يجري لضمان الفوز في الانتخابات بأي ثمن باستخدام الأموال التي طبعها بدون أرصدة من خلال صندوق ضمان الائتمان والبنك المركزي التركي، والتي بلغت 300 مليار ليرة منذ استفتاء أبريل 2017 ولا تزال مستمرة حتى الآن.

هذه السياسات التوسعية التي تعني طباعة النقود دون رصيد وزيادة الاستهلاك والعجز التجاري وعجز الحساب الجاري أدت إلى انتقادات عالمية، لأنها تسببت في انحدار الليرة وارتفاع التضخم إلى مستويات خطرة.

ويعني ذلك أن حزب العدالة والتنمية يغامر بطبع النقود وتقويض كافة التوازنات الاقتصادية من أجل البقاء في السلطة مهما كان الثمن.

ويعاني الاقتصاد التركي من عجز في السيولة بعد تضاؤل تدفق الأموال الأجنبية منذ عام 2013، وقد حاول البنك المركزي سد العجز من خلال الإفراط في الإقراض طوال السنوات الثلاث الماضية.

ورغم انعكاسات تلك السياسة على ميزانية البنك المركزي فإن تلك الأموال عجزت عن تحقيق الاطمئنان والتوازن في الأسواق. ونتيجة لذلك اندفعت الحكومة في مغامرة مصيرية قبل استفتاء الدستور في 16 أبريل 2017 لضمان تمرير التحول إلى النظام الرئاسي وذلك بإدخال صندوق ضمان الائتمان باعتباره منقذا للاقتصاد.

وكان ذلك الصندوق، الذي تأسس عام 1991 لمنح قروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، منسيا لكنه بموجب اتفاق مع الخزانة العامة للدولة في مارس 2017 أصبح في قلب الاقتصاد التركي. وبدأ يساهم في صياغة آلية طباعة النقود بدون أرصدة في نظام التمويل الحكومي.

أصبح ذلك الصندوق ضامنا وكفيلا وشريكا في إقراض الشركات من البنوك بنسبة فائدة متدنية وآجال تصل إلى 10 سنوات وفترة سماح تصل إلى 3 سنوات.

حزب العدالة والتنمية ضخ أموالا هائلة في الاقتصاد من أجل تطبيق النظام الرئاسي والتحول إلى نظام الرجل الواحد

 

وينص الاتفاق على أنه في حال تعذر على الشريك سداد القرض يقوم البنك بتحصيل الخسارة من صندوق ضمان الائتمان، ويقوم الصندوق هو الآخر بتحصيل ذلك من الخزانة العامة. وبذلك أصبحت البنوك تحصل على دعم مباشر من الخزانة لتوفير قروض بفائدة أقل للشركاء حتى لو كانوا لا يملكون أصولا وضمانات كافية.

ووفقا للاتفاق المبرم بين الخزانة العامة وصندوق ضمان الائتمان يتم الاقتراض بالاكتفاء بالبيانات الواردة من البنك فتحصل الشركات على قروض دون تدقيق حتى لو كانت حديثة الإنشاء. وتجري زيادة القروض دون المطالبة بتقديم ضمانات إضافية والاكتفاء بالاستناد إلى القروض التي تم تقديمها بالفعل.

ولا شك أن الإقراض بتلك الشروط المغرية للغاية لا يمكن رفضه من أي شركة على الإطلاق. ولذلك انفجرت موجة محمومة للحصول على قروض صندوق ضمان الائتمان.

ورفع الصندوق في مارس 2017 كفالته للقروض إلى 186.6 مليار ليرة حتى نهاية العام الماضي ليرتفع عدد الشركات المقترضة إلى 291 ألف شركة. وبموجب التعديل الذي تم إجراؤه لم يعد عمل الصندوق يقتصر على توفير القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة بل صار يشمل أيضا تقديم قروض للشركات الكبيرة.

ورغم انحدار الليرة ورفع أسعار الفائدة لا تريد الحكومة التخلي عن النمو مهما كان الثمن. وقد أضافت 55 مليار ليرة أخرى لضمانات صندوق ضمان الائتمان. وبلغ عدد الشركات المستفيدة من تلك القروض في نهاية مارس أكثر من 410 آلاف شركة أي 20 بالمئة من الشركات العاملة في البلاد وبلغ حجم القروض أكثر من 228 مليار ليرة (الدولار يعادل أمس 4.72 ليرة).

ويبدو أن كل ذلك لم يكن كافيا، إذ قامت حكومة أردوغان بإجراء إضافة جديدة إلى صندوق ضمان الائتمان بإصدار قرار جديد في 18 مايو يضيف 35 مليار ليرة إلى الحد الأقصى للقروض التي يضمنها الصندوق.

ووفقا للشروط التي تم تجديدها فإن مقدار الضمانات الخاصة والمطلوبة من الشركاء الراغبين في الاقتراض بضمان الصندوق والمقدرة بنسبة 15 بالمئة على الأقل قد تم تخفيضه إلى 10 بالمئة.

ومن النسبة البالغة 5 مليارات ليرة المخصصة للمصدرين ضمن الحد الذي تمت زيادته يمكن منح قروض للشريك دون طلب أي ضمانات منه على الإطلاق كما كان الحال في السابق.

أما الشركاء المطالبون بـدفع 63 مليار ليرة من القروض التي استخـدموها عام 2017 بدعم صندوق ضمان الائتمان هـذا العام فسوف تسمح لهم الزيادات الأخيرة في الحد الأقصى للاقتراض بالإبقاء على ديـونهم الحالية من خلال زيادة قيمة القرض دون سـداد أي مبالغ.

ونتيجة ذلـك تمت زيادة قروض صندوق الائتمان بضمان الخزانة العامة من 4.1 مليار ليرة في مارس 2017 إلى 290 مليار ليرة، وتم ضخ كميات كبيرة من الأموال في الأسواق في سابقة لا مثيل لها.

وستؤدي التعديلات الجديدة وضخ تلك الأموال عبر طباعة أوراق مالية دون أرصدة إلى سحب السيولة المفرطة من الأسواق والتي تفاقم انحدار الليرة وزيادة التضخم.

منذ مارس 2017 فتح حزب العدالة والتنمية صنابير القروض بواسطة صندوق ضمان الائتمان، في وقت زاد فيه تمويل البنك المركزي بأكثر من 30 بالمئة ليجاوز 130 مليار ليرة.

في الخلاصة فإن حزب العدالة والتنمية ضخ أموالا دون أرصدة تجاوز 300 مليار ليرة خلال 14 شهرا من أجل تطبيق النظام الرئاسي وتحويل السلطة إلى نظام الرجل الواحد.

المصدر
العرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى