العالم

الجامعات تحت الأضواء في سعي اندونيسيا لاقتلاع التطرف

عندما أدى طلبة بمعهد الدراسات الزراعية المرموق في اندونيسيا،أكبر دول العالم من حيث عدد المسلمين، القسم لمناصرة دولة خلافة في البلاد العام الماضي انتشر مقطع فيديو لهذا الحدث كالنار في الهشيم على الانترنت وانزعجت الحكومة.

بعد شهور حظر الرئيس الاندونيسي جوكو ويدودو جماعة حزب التحرير- اندونيسيا المتشددة التي نظمت عملية أداء القسم للطلبة وأعلن أن هدفها إقامة دولة خلافة لا يتفق مع الدستور وقد يمثل تهديدا لأمن البلاد.

وفي الشهر الماضي وتحت إلحاح من الحكومة أدى آلاف من الطلبة في مختلف أنحاء البلاد قسما بمناهضة التطرف. وجاء ذلك في أعقاب تجمع لم يسبق له مثيل في أواخر سبتمبر ايلول شارك فيه نحو ثلاثة آلاف من أساتذة الجامعات في بالي وأقسموا أيضا على محاربة التطرف والدفاع عن الدستور العلماني.

تأتي تلك الحملة على التطرف في قطاع التعليم وسط تنامي التشدد الإسلامي في اندونيسيا الذي لم يكن حتى عهد قريب من الشواغل الأساسية في الحياة السياسية في البلاد.

وقال محمد سيروزي رئيس جامعة رادن فتح الإسلامية الحكومية في بالمبانج بجزيرة سومطرة “التنظيمات المتطرفة يمكن أن تنتشر مثل فيروس في الجامعات”.

وأضاف في إفادة صحفية لتوضيح سبل مساعدة الجامعات على معالجة التطرف في أعقاب مؤتمر بالي “هذه ليست التنظيمات التي يؤسسها الطلبة بأنفسهم بل هي من الخارج”.

ولم تقتصر حملة اقتلاع أنصار داعش على المعاهد الدراسية.

فقد ضمت وثيقة أعدتها المخابرات الاندونيسية قائمة بأسماء 1300 عضو من حزب التحرير يشغلون مناصب كبرى بالخدمة المدنية والجامعات والجيش والشرطة.

وأكد مصدر بالمخابرات صحة الوثيقة التي اطلعت عليها رويترز. وامتنع بعض من وردت أسماؤهم فيها عن التعليق عندما اتصلت بهم رويترز غير أن اسماعيل يوسانطو المتحدث السابق باسم حزب التحرير قال إنها تضمنت بالفعل بعض أعضاء الجماعة.

اندونيسيا

أساليب سوهارتو

فيما يصور مدى القوة التي اكتسبها الإسلام السياسي أظهر استطلاع للرأي الأسبوع الماضي أن ما يقرب من 20 في المائة من طلبة المدارس الثانوية والجامعات في اندونيسيا يؤيدون داعش.

بل إن حوالي ربع الطلبة المسلمين المشاركين في الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة ألفارا للاستطلاعات قالوا إنهم مستعدون، بدرجات متفاوتة، للجهاد من أجل تحقيق هذا الهدف.

وقد تم حظر حزب التحرير، وهو تنظيم دولي أسسه فلسطيني من رجال الدين عام 1953، في بعض الدول العربية والآسيوية والأوروبية.

ومن أعضائه السابقين في اندونيسيا بهرون نعيم الذي سافر للقتال في صفوف تنظيم داعش في سوريا ومتهم بتدبير سلسلة من الهجمات في اندونيسيا منذ أوائل العام الماضي.

تم تسجيل الحزب رسميا في اندونيسيا منذ عام 2000 وطلب إعادة النظر في قرار حله في المحكمة الدستورية.

وقال المتحدث يوسانطو الذي شبه قرار الحل بالأساليب المستخدمة لقمع المعارضين في عهد الرئيس السابق سوهارتو “لم يمنحونا فرصة للدفاع عن أنفسنا. أليس هذا تصرفا استبداديا قمعيا؟”

وسئل يوسانطو عما إذا كان الحزب لا يزال نشطا فقال إنه لا يمكن لأحد أن يمنع أعضاء الحزب من أداء واجبهم في الدعوة الإسلامية وإن تلك الأنشطة ستستمر.

وقال وزير التعليم العالي محمد ناصر للصحفيين في يوليو تموز إن أعضاء حزب التحرير يحاضرون في “جامعات كثيرة” وحذرهم من العزل من الوظيفة ما لم يظهروا ولاءهم للنظام العلماني. وتوجد في اندونيسيا 394 جامعة تابعة للدولة وحوالي 3000 جامعة خاصة.

غير أن يوسانطو قال إن أيا من أساتذة الجامعات الأعضاء في الحزب لم يتعرض للفصل. وقال متحدث باسم وزارة الداخلية إن مجموعة عمل خاصة شكلت للتوصل إلى أعضاء الحزب العاملين في الوظائف الحكومية لم تتوصل إلى أحد حتى الآن.

الجيش الأندونيسي

المتعاطفون في الجيش

قال آييك هريانسيه العضو السابق في حزب التحرير إن الجماعة تحاول كسب تأييد أفراد من أصحاب النفوذ في المجتمع ومتعاطفين معها في أجهزة الأمن من أجل الإطاحة بالحكومة أو ما تطلق عليه “تسليم السلطة”.

وأصبحت الجامعات ساحة رئيسية لتجنيد الأنصار.

وقال هريانسيه الذي كان رئيسا لفرع الحزب في جامعة اندونيسيا إن المستهدفين للتجنيد يدعون في العادة لحضور مجموعة للدراسات الإسلامية. وبعد ثلاثة أشهر ربما يطلب منهم المشاركة في دراسة مكثفة يجريها حزب التحرير. ويقول هريانسيه إنه انسحب من حزب التحرير بعد أن اختلف مع مجلسه المركزي.

ويضيف أن الحظر الذي فرض على الجماعة سيدفعها ببساطة إلى العمل السري.

وتابع “مازالوا يديرون الحركة كالمعتاد لكن بهيكل وقيادة جديدين”.

ويقول ريموند أريفيانتو الزميل الباحث بكلية إس. راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة إن مصادره تقول له إن عدد أعضاء حزب التحرير كان يبلغ نحو مليون عضو من بينهم 10 إلى 15 في المئة من صغار الضباط في الجيش ما بين أعضاء ومتعاطفين.

ونفى متحدث باسم الجيش الاندونيسي ذلك.

استهداف المدارس الثانوية

اكتسبت جماعة حزب التحرير وجودا قويا في جامعات الدولة التي يتخرج منها المدرسون في المدارس الحكومية الأمر الذي يعني أن بوسع المدرسين نشر أفكار حزب التحرير في المدارس الثانوية.

وأظهر استطلاع نشره في ديسمبر كانون الأول الماضي معهد دراسات الإسلام والمجتمع أن 78 في المئة من 505 مدرسين من مدرسي التربية الدينية في المدارس العامة يؤيدون تطبيق الشريعة الإسلامية في اندونيسيا.

كما وجد الاستطلاع أن 77 في المئة منهم يؤيدون الجماعات الإسلامية التي تنادي بتحقيق هذا الهدف.

وقال محمد عبد الله دراز مدير معهد المعارف، الذي يدعو للسماحة الدينية والتناغم الثقافي، إن حزب التحرير استهدف الدروس الدينية في مدارس الدولة الثانوية لنشر أفكاره.

وقال لرويترز إن رجال الدين يعرضون خدماتهم دون مقابل وغالبا ما يعرضونها على نظار المدارس ومدرسيها الذين لا يدركون انتماءهم للجماعة. ونفى المتحدث باسم حزب التحرير أن ذلك يمثل استراتيجية لكنه قال إن أعضاء الجماعة ملزمون بالعمل الدعوي دون مقابل.

وتؤيد أكبر جماعتان إسلاميتان في اندونيسيا، وهما جماعتا نهضة العلماء والمحمدية المعتدلتان، حظر حزب التحرير. وتقول الجماعتان إن مجموع أعضائهما معا يبلغ نحو 120 مليون عضو.

وقال ياقوت خليل قوماس رئيس جناح الشباب بجماعة نهضة العلماء إن اندونيسيا تقوم على أديان وثقافات متعددة لكن “حزب التحرير جاء وأراد تغيير هذا التنوع وتحويله إلى أمة واحدة تحت مسمى بلد إسلامي”.

عن: (رويترز)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى