كتَـــــاب الموقع

في “عشرية فبراير”.. مخاض عسير نحو ليبيا الجديدة الديمقراطية

عبد الحكيم بن عثمان

عشر سنوات مرت على ذكرى ثورة فبراير، عقد كامل ومايزال الليبيون يرزحون تحت وطء السلاح والصراعات المسلحة ولا استقرار سياسي حتى الساعة.

عقد كامل شهد فيه البلد حالة مؤقتة للاستقرار فمنذ إسقاط النظام توالت على قيادة البلد عدة أجسام وعدد من رؤساء الحكومة، إذ وفي أعقاب ثورة فبراير قررت النخب في بنغازي تشكيل مجلس انتقالي لقيادة زمام الأمور ويكون جسماً يتواصل معه المجتمع الدولي الراغب في إسقاط القذافي فكان مصطفى عبدالجليل رئيساً للمجلس الوطني الانتقالي الذي لم يعرف حتى الآن العدد الكامل لأعضائه ولا هوياتهم، فيما تولى الراحل محمود جبريل رئيسا للوزراء حينها تحت اسم المكتب التنفيذي.

بعد دخول الثوار إلى العاصمة ومقتل معمر القذافي وتحرير كامل التراب الليبي، أعلن جبريل استقالته من المكتب التنفيذي في حين تولى علي الترهوني مهام رئيس الحكومة حتى استلم الراحل عبدالرحيم الكيب الذي ألّف حكومة من التكنوقراط على أساس المحاصصة المناطقية.

أول اقتراع منذ 40 عاما

في عام 2012 أجرى الليبيون أول اقتراع لمجلس تشريعي بعد انقطاع دام ما يزيد عن أربعة عقود لاختيار أعضاء المؤتمر الوطني العام، المؤلف من 200 مقعد يمثلون 13 دائرة انتخابية مختلفة من عموم ليبيا، في حين بقيت حكومة الكيب مستمرة في تصريف الأعمال وبعد أن اختير محمد المقريف رئيساً للمؤتمر حصل شد وجذب حول الشخصية التي ستتولى مهمة رئاسة الحكومة، إلى أن وقع الاختيار على علي زيدان رئيس حزب الوطن للتنمية والرفاه والذي كان عضو مؤتمر عام ليتولى مهمة رئيس الوزراء، فيما جرت الأحداث وتلاحقت وساهم انتشار السلاح على ضياع هيبة الدولة في الداخل، وبعد اختطاف رئيس الوزراء اتهامات شابت الحكومة بشأن مخالفات وإساءة استخدام المال العام تحرك المؤتمر الوطني لعزله، في حين تم تكليف وزير الدفاع حينها عبدالله الثني بمهام تسيير الحكومة ثم أعيد تكليفه بتسيير أعمال الحكومة بصلاحيات واسعة على رأس اولوياتها الملف الأمني وكان ذلك في الثلث الأول من أبريل 2014.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، ففي يوليو من ذات العام وبعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في ذات العام لتكون خلفاً للمؤتمر الوطني حصل صدام مسلح عُرف بعملية فجر ليبيا، قادها معارضون لنتائج الانتخابات التي فشل فيها تيار الإسلام السياسي بعد أشهر من انطلاق حرب أخرى في بنغازي تحت اسم “عملية الكرامة” للقضاء على الإرهاب الذي استشرى في المدينة.

أسوأ انقسام

وبعد يوليو من ذلك العام واجهت ليبيا اسوأ منعطف تمر به وأسوأ انقسام في العصر الحديث، حيث رفض المؤتمر الوطني تسليم السلطة وتمسك مجلس النواب بنتائج الانتخابات، فيما دخل الليبيون في نفق سياسي استمر سنوات، حيث كلّف البرلمان عبدالله الثني رئيساً للحكومة المؤقتة في حين استمر المؤتمر الوطني في اختيار رئيس للحكومة حتى كلف عمر الحاسي رئيساً لحكومة أطلق عليها الإنقاذ حتى العام 2015 حين توصل الفرقاء برعاية أممية لصيغة توافقية سياسية، ووقّع الليبيون وثيقة الاتفاق السياسي في الصخيرات المغربية نهاية العام تمخض عنها خروج ثلاثة أجسام سياسية تمثلت في مجلس النواب مع الإبقاء على تسميته، إضافة لإحياء المؤتمر الوطني تحت اسم المجلس الأعلى للدولة، كما تم تشكيل مجلس رئاسي بتسعة أعضاء برئاسة عضو البرلمان عن حي الأندلس فائز السراج، في حين لم يتمكن من نيل ثقة البرلمان الذي انقسم بدوره إلى جسمين فيما بعد مع قيام الجيش الوطني بإطلاق عملية عسكرية لمحاولة تخليص العاصمة من المجموعات المسلحة.

ليسجل التاريخ أن ليبيا خلال عقدها الأول من بعد الثورة شهدت تواجد سلطتين تنفيذيتين بعد أن كانت ثلاث سلطات في آن واحد، حيث بقيت الحكومة الليبية برئاسة الثني وحكومة الوفاق برئاسة السراج ورحلت حكومة الإنقاذ، كذلك يوجد مجلسين تشريعيين أحدهما منقسم إلى شطرين وهما مجلس النواب بجزئية طرابلس وبنغازي، إضافة للمجلس الأعلى للدولة ولا ننسى غياب الدستور الذي لم يتم تمريره على الشعب للاستفتاء عليه، وبين هذا وذلك ماتزال تطلعات الليبيين كبيرة في وطن واحد وسلطة تنفيذية مُوحدة تقوم على معالجة كل المختنقات التي يعانيها والتي أدت إلى ضنك عيش مرير وضعف الخدمات على كل الصعد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى