كتَـــــاب الموقع

عندما يُثبّت الراحلون أقدامهم في الأرض‎

مبروك الصغير

ما يمكن تلخيصه عن الراحل ونيس بوخمادة، أنه مثّل نموذجاً حلمت به الجموع، وأصبح من الصعب وجوده في العالم الذي جذبت أفراده مصالح شخصية، والطمع في أن تتلألأ الذات دون النظر إلى كيف يحدث ذلك.

ونيس بوخمادة مثّل لدى الكثيرين حُلم البطل الذي يهدي روحه كل دقيقة من أجل الآخرين، وعاش كذلك زمناً صامداً غير متراجع على البذل والعطاء، والأسئلة تفجرها حيرة ما الذي جعله كذلك؟؟؟

إن كانت البيئة فقد عاش فيها الكثيرون، وإن كان العسكرية فقد انخرط فيها الآلاف، وهنا قد تلوح توقعات واحتمالات، هل هو الوطن الذي سكنه، أم قيم العدل ومحاربة الباطل التي سخر نفسه لها؟؟

كان إلقاء نفسه في جحيم المعارك لافتاً، والتصاقه بالأرض واضحاً، حتى أنه تحوّل إلى ما يشبه المستحيلات، وفي لقاء المستحيلات تولد الرغبة لدى المستضعفين في الأرض في الإبقاء عليه أنموذجاً مشعاً، والركون إلى السكينة بوجوده، باعثاً على الطمأنينة بحضوره، حتى عندما تهدأ المعارك، ليصبح وكأنه صمام أمان لمنع حدوث أي تجاوز.. فكيف يمكننا أن نحوصل ماهية هذا الحلم المتبلور في شخص رجل، ليبقى أنموذجاً يُحتذى ويتم التطلع إليه؟؟

رغم ما يتقد منه من شرار القوة في رفع الضيم، فإن وداعته تعلن عن نفسها عندما يلامس لحظات ضعف الأبرياء، حتى تجد الدموع في عينيه سبيلا، لكن الدموع لا تعلن عن ضعف بقدر ما تولد قوة يخافها من جابهوه من سدنة الظلم وقهر العباد، وتدمير البلاد.

يبقى الموقف اللازم هنا، كيف نغوص فيه، ونستشف منه أسرار الشجاعة والصمود، ليكون نهرا يروي من على شاكلته ولو كانوا قِلَّة.

زر الذهاب إلى الأعلى