كتَـــــاب الموقع

دلالات الصمت أثناء النزاع (4)

رينيه جندرون

ترجمة: عمر أبو القاسم الككلي

معالجة أبعاد معينة في النزاعات بين الأجيال

في سياق التعاطي مع الصمت بين الأجيال في الأسر الألمانية حول المحرقة والحرب العالمية الثانية، يرى شوان، (2001) مناقشة العناصر الآتية:

1- الاعتراف بالوقائع. 2- فهم المغزى الأخلاقي. 3- التفاعل العاطفي. 4- الصراع العاطفي. 5- التكامل المعرفي والمعنى وردود الفعل العاطفية ضمن النظام الأخلاقي.

تتعلق مقترحات شوان مباشرة، وبطرق متعددة، بالوساطة وبعملية وساطة محددة. ولغرض مشاركة المعلومات بين المشاركين في الوساطة، عليهم الاعتراف بالوقائع. قد يوجد بعض التعارض حول طبيعة الوقائع، وقد تحتاج عملية الوساطة، بداية، التركيز على ضرورة مناقشة أطراف النزاع للوقائع وتقرير أيها ذي علاقة بالمسألة المثارة، وتقييم سبب أهمية هذه الوقائع بالنسبة إلى موضوع النقاش. من خلال هذا الفعل يتفاوض المشاركون ويسبغون مغزى أخلاقياً على الوقائع محل الاعتبار، وبالمثل على تلك الوقائع التي أهملت. وخروج معلومات جديدة إلى دائرة الضوء خلال النقاش بين المشاركين يمكن لأطراف النزاع، حالة توفر الرغبة، الانخراط في النقاش على نحو أكثر عاطفية وبشكل بنّاء للتوصل إلى حل مُرضٍ. وتبعاَ لهذه المفاوضات، يحتمل أن يجد المشاركون حلاً وينفذوه، ويمكن المُضي قُدماً بهذا القرار إلى وجوه أخرى متعلقة بحيوات المشاركين. وبهذا يجعلون هذا القرار جزءا من منظومتهم الأخلاقية الشخصية.

الاستماع الفعال

مهارات الاستماع بانتباه من قبل المُصالح أو الوسيط يجري تطبيقها عند تحديد أي نوع من الصمت جرت معايشته. عرَّف سالم (2003) الاستماع الفعال بأنه ذلك الاستماع الذي يبني الثقة بين الأطراف ويخلق أيضا فرصاً أمام المشاركين للإعراب عن عواطفهم في مناخ من الثقة. وبعبارات أخرى، يسمح الاستماع الفعال للأطراف بالشعور بالراحة حين يبوحون بتجاربهم وعواطفهم بطريقة بناءة وخالية من الغموض. يرى سالم أن الاستماع الفعال يتطلب من أطراف النزاع عدم مقاطعة بعضهم وإظهار التعاطف مع الطرف النظير والتفكير في معنى ما يقوله المتحدث وتقييمه. وعرَّف وولد (2004) التعاطف أو الاستماع الفعال بأنه التركيز على فهم الشخص الآخر. وبعبارات أخرى، يولي السامع بفاعلية وعمداً انتباهاً لسياق القصة وليس للوقائع الواردة فيها فقط. ولتقرير الكيفية التي يؤثر بها الصمت على عملية الوساطة، على الوسيط أن يميز نوع الصمت المعاش. هل يدل فقط على طريقة متعلقة بالتواصل في ثقافة ما يُحتاج فيه إلى وقت للتفكير، أو أنه صمت جريح انسحب فيه طرف أو أكثر من العملية. عندها يستطيع المُصالح أو الوسيط التصرف على نحو ملائم. على سبيل المثال، إذا ارتأى الوسيط أن الصمت هو مجرد طريقة ثقافية متعلقة بالتواصل، فيمكن له احترام الصمت. أما إذا ارتأى أنه صمت مؤذ لأحد الأطراف عليه أن يعلن ذلك بوضوح للأطراف، كي يتمكنوا من تسريع النقاش بخصوص الموضوع المعني أو زيادة الوعي بالأطراف الأخرى، كما يحدث أحياناً عندما يفرض الطرف الأقوى الصمت دون أن يكون واعيا بالأذى الذي يلحقه بالطرف الآخر.

النتيجة

يدافع هذا المقال عن أن الصمت يمكن أن يحدث، ويحدث بالفعل، في أنماط مختلفة من النزاع، بما في ذلك النزاعات الشخصية بين طرفين والنزاعات بين الأجيال. يحدث الصمت في أوضاع عديدة، وأحيانا تكون له نتائج إيجابية حين يمنح للأطراف وقتاً للتفكير، وإعادة النظر على نحو ملائم في ردات فعلها وإيضاحها. كما يستكشف المقال الاستخدامات الهدامة للصمت. يمكن للصمت أن يكون أداة تستخدم من قبل الطرف الأقوى لإنكار خبرة أو حدث. ويمكن أن يستخدم الصمت للحصول على معلومات واستغلالها، مانعاً الأطراف الأخرى ذات العلاقة من الحصول على فرص إسهام أوفى مهم في التفاعل. مثلاً، في بيئة العمل قد تستخدم الإدارة، قصداً أو عن غير قصد، الصمت لإبقاء معلومات خارج طائلة الموظفين. وبتقييد الوصول إلى المعلومات تسوء نوعية العلاقة لأن الثقة وفرص انخراط أساسي من قبل الموظفين في المؤسسة يَضعُف. وعلى الجملة، حين يجري استخدام الذكاء العاطفي بشكل فعال من قبل أطراف النزاع وكذلك من قبل الوسيط، فإنه يمكن للصمت أن يوفر فرصاً مهمة لإحراز تبصرات وتعاطف مع الأطراف النظيرة. ويمكن للأطراف، خلال لحظات الوضوح الأكبر هذه وعمق الفهم، استكشاف ومناقشة خيارات أكثر أهمية وملائمة في التوصل إلى قرارات أكثر قبولا. ولوجود عدة أشكال للصمت بمداليل مختلفة، فإن الصمت لا يحتاج دوما إلى معالجة هادئة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى