أخبار ليبيااهم الاخبار

داعش سرت.. من دولة الخلافة إلى “مجموعة” مقاتلين

218TV.net

نشر موقع أتلانتيك كاونسل Atlantic Council، وهي مؤسسة بحثية تعنى بالشؤون السياسية والاقتصادية الدولية، بحثا عن تنظيم داعش في سرت وكيف أنه تحوّل من محاولة إنشاء فرع لدولة الخلافة الإسلامية في ليبيا، إلى مجرد أفراد مطاردين يحملون السلاح للنجاة بأنفسهم. وجاء فيه:

مع اقتراب تحرير مدينة سرت من هيمنة داعش، يبدو أن الأخير بدأ يتهاوى، ويردد قادة التنظيم أخيرا أنهم يخوضون معركة بقاء، وأن الجماعة المتطرفة تحاول بناء شبكة من العملاء والخلايا النائمة.

ففي تسجيل صوتي في الثاني من نوفمبر اعترف زعيم داعش، أبو بكر البغدادي، بصعوبة حشد المتطوعين في سوريا، لكنه حث الراغبين في نصرة دولته بالهجرة إلى ليبيا، وقد يشير ذلك إلى نوع من الثقة في إمكانية استمرار التنظيم هناك.

ومع ذلك يواجه داعش المصاعب في ليبيا، حيث أن تمركزات التنظيم في سوريا والعراق متجاورة تقريبا، بينما في ليبيا هو بعيد ومنفصل تماما، وقد عمل على تقسيم البلاد إلى 3 ولايات هي برقة وطرابلس وفزان، لكن واقع الحال يقول إنه لا يتواجد إلا في مساحات قليلة من سرت وبنغازي، أما فزان فلم يُسجّل له فيها وجود ظاهر ويُعتقد أنه يملك مجموعات متفرقة، كما توجد خلايا نائمة في فزان وفي طرابلس، يُعتقد أنها ستعمل على تجميع نفسها في المستقبل.

معارك سرت
في سرت قامت قوات البنيان المرصوص المرتبطة بحكومة الوفاق، والتي تتلقى الدعم الجوي من أميركا بدحر التنظيم وحصاره في مساحة محدودة هي الجيزة البحرية، ولكن خسارة سرت قد لا تعني نهاية طموحات داعش في ليبيا.

قبل خمسة أيام من بث تسجيل البغدادي صدرت نشرة “النبأ” لسان حال التنظيم وحوت مقابلة مع حاكم ولاية طرابلس “أبو حذيفة المهاجر” ادعى فيه أن التنظيم لا يزال يجتذب متطوعين أجانب، وأكد وجود كتائب التنظيم المنتشرة في الصحراء الليبية، وأنها مسؤولة عن الهجمات على الخطوط الخلفية لقوات البنيان المرصوص، التي نُفذت من الجنوب ومن الغرب وعلى الطريق السريع بين سرت ومصراتة.

قال أبو حذيفة المهاجر إن هذه الكتائب الصحراوية واسمها (سرايا الصحراء) قد شُكلت حديثا، وغالبيتها من الأجانب وتستعدُّ لأخذ المبادرة. وقد بيّن شريط فيديو بُث في أبريل 2015 إحدى هذه الكتائب من ولاية فزان وهي تعدم مسيحيين أثيوبيين، وتبنت المجموعة نفسها هجوما على مدينة سوكنة في عملية سمّتها باسم قائدها السابق أبو عثمان الأنصاري.

كما بث أمير داعش في بنغازي “أبو مصعب الفاروق” رسالة قصيرة في أواخر أغسطس الماضي، قال فيها إن المقاتلين يعيدون تنظيم صفوفهم بالقرب من سرت، وادعى بأن قادة ولاية طرابلس الذين فرّوا من سرت، بخيرٍ وينشطون لبث الحياة في قضيتهم.

مع مقتل قادة بارزين للتنظيم في معارك سرت ومن بينهم أمير ولاية برقة “أبو إبراهيم الورفلي” ومفتيها “حسن الكرّامي” ومسؤول الشريعة “وليد الفرجاني”، عيّن التنظيم قادة جددا بديلا عنهم. ويقول المهاجر إنه عُين في المنصب بعد أن فجّر سابقه نفسه منذ ثلاثة أشهر. وتقول مصادر أمنية إن لواء القيادة العسكرية في ليبيا معقود لـ “جلال الدين التونسي” الذي ظهر في فيديو شهير وهو يحتفل بهدم الحدود بين سوريا والعراق من أجل تواصل التنظيم في البلدين.

معارك سرت

رغم أهداف “كتائب الصحراء” إلا أنه من المتوقع أن هذه الشبكة الجديدة ستتجنبُ السيطرة على مساحات من الأرض بصورة دائمة كما حدث في سرت. وقد تسعى لشن هجمات على المدن الساحلية في الغرب الليبي، وتكون طرابلس ومصراتة أهدافا مفضلة لها نظرا لأهميتهما المؤسساتية، كما يمكن أن تمثل “بني وليد” قاعدة لوجيستية لأن عددا من الفارين من سرت توجهوا إليها. وقد أوضحت اعترافات أحد المقبوض عليهم، أن الأمير السابق لولاية طرابلس “أحمد صلاح الهمالي” كان متمركزا في المدينة. وربما تكون بني وليد هي المكان الذي أشار إليه أمير بنغازي في رسالته.

يمكن أن يختار التنظيم التحرك في منطقة فزان، فالمؤسسات النفطية في الجنوب ستكون هدفا مثاليا لإلحاق الضرر بمصادر الدخل الليبي، وقد يستغل حالة الفراغ المؤسساتي في المنطقة لإقامة حواجر التفتيش والسيطرة على المنشآت.

في الوقت الحالي بنغازي هي المكان الوحيد الذي يتواجد فيه التنظيم بصورة مكثفة ويبدي نوعا من المقاومة، ففي “قنفودة” على سبيل المثال يتعايش داعش مع تحالف من التنظيمات الإسلامية المرتبطة بالقاعدة، تسمى “مجلس شورى ثوار بنغازي” وجميعها تقاتل ضد القوات المنضوية تحت عملية الكرامة.

تتعاون الجماعات الإسلامية المختلفة لما يحقق فائدتها. فمثلا “الصادق الغرياني” المفتي المثير للاختلاف والذي يعتبر أبا روحيا لمليشيات تنظيم القاعدة في ليبيا، كان يطالب باستمرار بتكاثف جهود الجماعات الإسلامية للوقوف في وجه القوات الحكومية. هذا التواجد المستمر والخفي للدولة الإسلامية، سيستفيد بالطبع من انسجامه وتماهيه مع تيار المليشيات السلفية في البلاد.

رغم أن تحرير سرت سيعدُّ انتصارا كبيرا لتحقيق الأمن في ليبيا، إلا أن تنظيم داعش المحلي لا زال حيا، والجماعة تمر الآن بعملية تأقلم تسعى من خلاله إلى الحصول على قاعدة حيوية في البلاد. وخلال الشهور القادمة سيكون التنظيم عبارة عن شبكة من المقاتلين، وربما يحاول التعايش مع التنظيمات المحلية. وفي النهاية فقد عُرف عن التنظيم مرونته في تلقي الصدمات، ولهذا يتعيّن على المؤسسات الليبية المختلفة أن تنتبه وتتوخى الحذر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى