كتَـــــاب الموقع

حظر التجول في هولندا والملكية الدستورية!

الحسين المسوري

شهدت مملكة هولندا نهاية الشهر الماضي أول حظر تجول منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس(كوفيد19) المعروف بكورونا المستجد، للوهلة الأولى قد يكون الخبر عاديًا باعتبار أنه منذ انتشار جائحة كورونا ومختلف دول العالم فرضت حظر تجول لفترات مختلفة.

لكن غير العادي والمثير في هذا الخبر هو أن مملكة هولندا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لم تشهد أي عملية حظر تجول، أي منذ أكثر من 75 عاما تعيش هذه المملكة استقرارا لا مثيل له، أضف أن حظر التجول فرضه (وباء) وعامل يتعلق بصحة الشعب وليس لاضطرابات سياسية.

ما سبق ذكره يدفعنا للتفكير في هذا النظام الذي استطاع أن يوفر الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني بالتوازي مع الالتزام بصون الحريات العامة والمحافظة على المسار الديمقراطي وترسيخ حكم دولة المؤسسات والقانون في معادلة صعبة نوعا ما، ليس بالسهل تحقيقها ولكن يمكن الوصول إليها لو توافرت الإرادة الوطنية.

لا شك أن النظام الجمهوري بمنطقتنا في أغلب تجاربه فشل في توفير الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني، لأن الحاكم الثورجي الذي ثار ضد مبدأ التوريث هو نفسه من قام بتوريث السلطة لبشار الأسد وحاول توريثها لجمال مبارك ولسيف القذافي، والنتيجة كانت إما أصبحت جمهوريات وراثية أو سقط النظام أمام ثورات الشعوب وانهار كل شيء وتفككت الدولة والمجتمع!!!

ولو عقدنا مقارنة بين النظام الجمهوري والنظام الملكي في منطقتنا لوجدنا أن النظام الجمهوري في أغلبه لم يكتف بالفشل في صون الحريات العامة والمحافظة على التداول السلمي على السلطة وترسيخ حكم دولة المؤسسات والقانون بل فشل أيضًا في التنمية والازدهار الاقتصادي، وهنا من الإنصاف أن نعترف بأن الأنظمة الملكية في منطقتنا أغلبها أيضًا فشلت في المحافظة على المسار الديمقراطي ولكنها على الأقل نجحت في توفير تنمية وخدمات ممتازة في التعليم والبنية التحتية والاستثمار وأفضل بكثير وبمراحل متقدمة عن الأنظمة الجمهورية، بل إن الأنظمة الملكية هي من تقدم مساعدات اقتصادية ومالية لهذه الجمهوريات.

كما أعتقد أن نظام الملكية الدستورية هو الأقرب للنجاح في العالم الثالث باعتباره نظاما يملك المرونة ويتقبل التعديلات وتقاسم الصلاحيات بين الملك والحكومة، حيث تكون مهمة الحكومة هي الاهتمام بمشاكل الشعب وطرح وتنفيذ خطط للتنمية بحيث تتنافس القوى السياسية والأحزاب بالبرامج التنموية ورفع مستوى الخدمات، وعلى الشعب أن يختار وينتخب رئيس حكومته وينتخب سلطته التشريعية التي تمثله، وهذا وفق وجهة نظري ما يجعل مطلب عودة النظام الملكي في ليبيا له وجاهته خاصة أن أفضل فترة استقرار وتنمية شهدتها ليبيا خلال 100 سنة الأخيرة كانت خلال تلك الفترة.

صحيح أن النظام الملكي في منطقتنا ليس دستوريا بالمعنى الكامل ولكن لو قمنا بمقارنة بين دستور المملكة الليبية الصادر في 1951 ومثيلاتها من الملكيات الأخرى سنجد أنه دستور متقدم، وأنها كانت مملكة دستورية وفق معايير تلك الفترة، وما يحتاجه الآن هو بعض التعديلات ليصبح نظاما ملكيا دستوريا بالكامل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى