اهم الاخبارمقالات مختارة

المربوعة

مأمون الزائدي

اعتبر المربوعة عندنا من تقوم دائماً بدور الجامعة عند الغرب. فهي (مؤسسة اجتماعية قضائية اقتصادية إخبارية تعليمية وسياسية وترفيهية) لها أنظمة وقوانين بل لغة واصطلاحات خاصة وعندها إعلامها ونجومها..

الغريب أن عملة العلم غير سارية المفعول فيها ولا ينال المتعلم حاملها سوى بعض التقدير الحذر. بل كثيرا مايعاد صياغة المعلومة الصحيحة الصادرة من شخص متعلم صياغة مناسبة للحال تقلبها رأسا على عقب..

وعند محاولته التصحيح سرعان مايتحول التقدير إلى هجوم ويسارع الحاضرون بشتى الطرق إلى الدفاع عن وجهة النظر المقابلة. الأقرب للتصور والأكثر راحة واعتياداً ويكتسب الحديث صياغات شخصية وتقريعا مبطّنا..

شعبنا بيزاوي زي برج بيزا المائل (هناك شبه واضح من عدة نواحي في الواقع) لكنه منسجم في وضعه ولا يعمل إلا هكذا..ربما يعود الأمر لخوفه من العين والحسد. فكان يحرص في طفولته على تشويه وتلطيخ الطفل بالفحم أو حلق رأسه بصورة معينة مثلما يحرص على جزء من الخطا في تصرفاته وأفكاره وهو بالغ لكي لا (يكمل) وبالتالي يعطوه له بالعين..

ربما اختفت ظاهريا تلك التصرفات بعد توفر قدر من التعليم وتحسن الحالة الاقتصادية لكنها ظلت رائجة سرا تحت شعارات أخرى كالرقية الشرعية وفتح محطات القرآن في السيارات وعند النوم في البيوت فهناك من يفتح التلفزيون عند مغادرته وأهله للبيت في نوع غريب من الإقرار بوجود (الآخر المختلف).

أو في التعلق المزاجي بالدين العمومي المشاع برغم مأخذه وتناقضاته التي يعرفها .. الدين الموضة الذي لا يحمل هما وانشغالا داخليا واستخدامه كزي وتقديمه وإبرازه للآخرين كترس وحماية ضد بعضنا البعض. أو باللجوء للعرافين خارج وداخل البلاد. سؤالنا دائماً (بقائوي) يصب في خانة البقاء والاستمرار.مهما توفرت الشروط وتحققت أنه هاجس كابوسي .

ربما نكون الشعب الذي يعاني من مرض العيش مع الآخرين بشكل قهري على غرار الوسواس القهري. فيعيد نفس الفكرة والسلوك لعدد لامتناهي من المرات رغم انتفاء الضرورة لذلك وتحقق المطلوب من المرة الأولى. وربما أيضا لأنه لا وجود لقوانين عادلة وأصيلة استطاعت توفير هذا الحد من الإيفاء بشروط البقاء بشكل يقنع الليبي بها ولا يعتبرها من خارجه.

رغم أنه يصعب دائما إقناع شخص يؤمن بشدة بأثر كائنات ويقتنع بوجودها أكثر من اقتناعه بوجود بشر آخرين يخالفونه لكنهم واقع ملموس وغير افتراضي وإذا استطاع الخليجيون جلب جبل من الثلج فلا مناص لنا من جر جبل من الفاسوخ وحرقه لتبخير البلاد وطرد الأرواح الشريرة التي تعبث بنا عبر التاريخ.

على الأقل ننهي هذا الجانب ونرتاح منه ونقتنع بعد إبعادنا للتدخل الخارجي أننا مسؤولون وحدنا عن تصرفاتنا وقرارتنا وليس من اللي (معفسين عليه ولا شاربينه)..ذات عرس أو طهار..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى