مقالات مختارة

من يدفع الفدية؟

الحبيب الأسود

من أغرب الأخبار الواردة من ليبيا والتي عادة لا تهتم بها وسائل الإعلام، ما صدر عن وزارة الداخلية من إعلانها ضبط طفلين بمنطقة العزيزية، وهما في الأصل من غوط الشعال، وقد كانا غائبين عن أسرتيهما، ويتصلان بهما بين الحين والآخر، ليعلماهما بأنهما مختطفان من قبل عصابة مسلحة، وأنهما يحتاجان لدفع فدية للخاطفين تقدر بـ16 ألف دينار، أي حوالي أربعة آلاف دولار أميركي، للإفراج عنهما، فقامت السلطات الأمنية باتخاذ الإجراءات القانونية بشأنهما.

هذا الإعلان الرسمي ذكرني بقصة حادثة طريفة، استمعت إليها منذ فترة، وهي أن سيدة متزوجة تعرضت للاختطاف، وأن خاطفيها اتصلوا بزوجها وطلبوا منه تمكينهم من مبلغ كبير كفدية للإفراج عنها، وإلا فإن مصيرها سيكون القتل والدفن في مكان لن يستطيع الوصول إليه، ويبدو أن الزوج لم يكن يحتكم على المبلغ، فذهب إلى صهره وهو تاجر مقتدر ليعلمه بالأمر، وليطلب منه المساعدة في توفير الفدية، فالمختطفة ابنته التي يحب، وليس من المعقول أن يتخلى عنها وهي في هذا المأزق الكبير.

بعد يومين تدبّر والد المختطفة المبلغ كاملا واتصل بزوجها داعيا إياه لتسلمه والذهاب به إلى الخاطفين، وما هي إلا ساعات حتى عادت الزوجة إلى بيتها، وقد كانت متعبة وفي ذات الوقت تشعر بأنها قد ولدت من جديد بعد أيام الاختطاف، ولكن زوجها فاتحها بأنه لن يستطيع أن يعيش معها مستقبلا، لأنه لا يثق في أنها لم تتعرض لممارسات لا يتسامح معها كرجل مريض بالشك والغيرة، ودعاها إلى الذهاب إلى منزل أسرتها لأنه سيبدأ في إعداد إجراءات الطلاق.

غادرت المرأة بيت الزوجية وهي مكسورة الخاطر والوجدان، حيث لم تكن تعتقد للحظة واحدة أن شريك حياتها الذي أحبته يمكن أن يتخلى عنها بهذه السهولة، وهي ورغم أنها لم ترزق منه بأطفال خلال ست سنوات من الزواج، إلا أنها كانت ترى أن حياتها لا تكتمل إلا به، لذلك كانت كثيرا ما تبكي في صمت أمام والدتها التي كانت تحاول أن تجبر خاطرها ووالدها الذي كان يطبطب عليها بكثير من الود والحنان.

بعد أيام، رن جرس هاتف الزوجة الملتاعة، وكان على الطرف الآخر من يعلمها بأنه الرجل الذي كان قد اختطفها، هاجت وماجت وسألته: ماذا تريد مني بعد أن دمرت حياتي بفعلتك المشينة؟

فحاول تهدئتها، وقال لها إنه يريد إبلاغها بأمر مهم قد يغيّر موقفها بالكامل، إذ أن العملية لم تكن من بنات أفكاره، وإنما هي من تدبير وتخطيط زوجها الذي طلب منه التنفيذ مقابل نصيب من المال الذي سيحصل عليه من والدها، ولكنه لم يفِ بوعده، فقد استلم المال لوحده دون أن يدفع له أجره وأجور مساعديه، ولذلك قرر أن يفضحه.

لقد تذكرت تلك القصة وهي واقعية، لذلك لم أستغرب من حادثة طفلين يبتزان أسرتيهما بزعم تعرضهما للاختطاف ويحتاجان للمال لافتداء نفسيهما.

المصدر
alarab

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى