اهم الاخباركتَـــــاب الموقع

التاريخ المُشرّف لـ”سوق السعي” في ليبيا

خاص 

حمزة جبودة

لن يكون العيد مجرّد يوم عابر لدى الليبيين الذين يتوقون إلى الفرح وإن كان يوما واحدا، ولن يسمحوا لأحد بأن يعكّر صفوهم، لكونه العيد لا أكثر.

وربما سيقرأ الليبيون التبريكات والتهاني بمناسبة عيد الأضحى المبارك، من البرلمان والمجلس الرئاسي، ولكن حتمًا ستُمحى من ذاكرتهم بمجرد أن تقع أعينهم على إمضاء عقيلة صالح وفايز السراج أسفل البيان، وستمرّ عليهم في ذات اللحظات بعض البيانات الأخرى، ورُبّما لن يقرأوها ولن يلتفتوا إليها، لكونها لا تمثل لهم أي شيء على أرض الواقع.

في المقابل، سيكون على المواطن في ليبيا، أن يختار قبل العيد، الخروف الأسباني أم الوطني، الذي أصبح رقمًا صعبا، بعيدا عن العالم الأول الذي يُمثله “برلمان عقيلة” و”مجلس السراج” ومن بعدهم.

هذه الصور ” المُكررة” يُصدّرها الكثير في ليبيا، ولكن على نسب متفاوتة، بينهم من يعتقد أنه صاحب الحل الأوحد، وآخر يتخيّل نفسه “ملك الملوك مصرف ليبيا المركزي” دون منازع. أما الآخرون الذين قد تنساهم الذاكرة في زحمة الصراع الباذخ، فهُم على الأرجح غير مؤثرين في سوق البورصة للفشل الوطني.

ولكن دعونا من هؤلاء كلهم ونضالهم الذي تجاوز باريس وروما وجينيف، ونقترب أكثر من “حياشنا” التي تُباركها ” عزايزنا” و”شيابيننا”، دعونا مع “ليبيتنا” وما تبقّى من طقوسها في العيد، ونقترب أكثر من شخوص لا يعرف أسماءهم أحد باستثناء الأمهات والآباء، دعونا نتخيّل أدوار الضحايا الذين راحوا نتيجة الحروب، ونراقبهم كيف سيشاهدون العيد، أو لنُطوّر الفكرة، ونتقمّص أدوارهم من بعيد، وهُم يتزاحمون مع أطفال العيد وكباره في شوارعنا المكتظة، والتي تفوح منها روائح الشواء والوجبات الدسمة كالعُصبان.

أتركوا مجالا للمُخيّلة، التي يخافها قادة الحروب وعصابات المال العام، واقتربوا أكثر من هؤلاء الضحايا، لتروا ما لا تتوقعونه، وتأملوهم كيف أصبح العيد في بيوتهم.. من المرجّح أن المُخيّلة ستخونكم مرات عدّة، ومن المتوقع أن تفشلوا في هذه التجربة القاسية، لأنها تنبش ذاكرة المكان والزمان، وتقتحم عيدكم المبارك.

ولأنها تجربة قاسية، قد لا تلجأون إليها يوم العيد، فبعض الزيارات ستكون قاسية، والأخرى مريرة، ولكن بعد لحظات من هذه الزيارات، ستكتشفون إن هذه التجربة كانت أقلّ قسوة وأكثر رأفة بما يحدث وسيحدث في ليبيا نتيجة التهوّر والقهر الذي يتفنن فيه البعض، وينسى أنه كان يومًا سببًا في قتل الليبيين.

أما الآن بعد هذه الجولات القاسية والمُملة للبعض، فلنذهب إلى حدث مُضحك ومُشرّف لنا نحن الليبيين ، لننسى كل شيء، ونتجوّل ” افتراضيا” في سوق “السعي”.. السوق الوحيد في ليبيا، الذي لم يرضخ للأجنبي ولم يقتصر على ذلك بل همّش دوره، حين رفع سعر ” الخروف الوطني” إلى أرقام فلكية، ورخّص الأجنبي.. إلى درجة أصبح فيها يُباع عن طريق المصارف، عكس ” الضحية الليبية” المسيطرة على السوق والحاكم الفعلي للعيد، بعيدا عن سوق البيانات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى