أخبار ليبيا

المكتبة (34)

نخصص هذه المساحة الأسبوعية، كل يوم أحد، للحديث عن العلاقة بين المبدع وكتبه، والقراءة، والموسيقى.

إبراهيم عثمونه: وُلد في ربيع ، 1962 في قرية سمنو بجنوب ليبيا. تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي في البلدة، وتعليمه الثانوي في مدينة سبها. أكبر حواضر جنوب ليبيا والواقعة على مقربة من قريته بـ 60 كم جنوباً، وأيضاً دراسته الجامعية في سبها، تخرج العام، 1987 بكالوريوس كيمياء. وفي العام 2011، وما صاحبه من هزات عنيفة في الإقليم انصرف إبراهيم عثمونه كلياً للقراءة والكتابة تاركاً كل شيء خلفه ومتفرغاً تماماً للأدب.

أحد مؤسسي، ورئيس مجلس إدارة منتدى ثقافي اسمه “دار لبوانيس للثقافة والتراث” هذه الدار تهتم بتراث واحات لبوانيس الثلاثة (سمنو، والزيغن، وتمنهنت) وتقيم من وقت آخر مناشط ثقافية وأمسيات شعرية وسردية بهذه القرى.

صدر له:

رواية (بالقاسم ـ 2013)، و(رواية ضد ـ 2015)، و(رواية طريق إلى الجنة ـ 2016)، و(رواية الممر – 2018).

ـ ما الذي جاء بك إلى عالم الكتابة؟

ـ لطالما سألتُ نفسي هذا السؤال دون إجابة مقنعة، أتصور أنني أختلف عنهم، عن بقية الكُتاب، فأنا حديث العهد، شيء وقع عليّ مؤخراً بعد منتصف العمر، كيف وقع، ولماذا وقع مؤخراً، ثم ماذا لو أنه أخطأني ولم يقع وعشتُ بدون كتابة؟ هذا السؤال المُركّب أو المتوالي يشغلني وأشعر أنه بحاجة إلى رواية تحتويه حتى تستنفد إجابته بين دفتيها.

يوم 8\3\2006 ، أذكر أنني كتبتُ على قصاصة ورق ما يُشبه القصة القصيرة عن جدتي “اللالة” التي عاشت بقية عمرها تزور قبر ولدها “خليفة” على أمل أن تفاجئها غولة خليفة من داخل القبر (هذه حقيقة وليست من المخيلة)، ولو جئت لزيارة قريتي “سمنو” وسألت من تبقى من أقاربي كبار السِن لوجدت عندهم حكاية اللالة التي ظلت تزور قبر ولدها – أذكر أنني صغتُ الحكاية في أسطر ركيكة لكنها أسطر بدت لي كما لو أنها لـ”ماركيز”، عرضتها على اثنين أو ثلاثة، ومن يومها وأنا أكتب، نشرتُ على الملأ أول قصة في ملحق الجماهيرية الثقافي في 2009، ومن يومها وأنا أنشر دون وضع أي اعتبار إن كان ما أنشره ركيكاً أو مقبولاً.

ـ ما الكتاب الأكثر تأثيراً في حياتك؟

ـ أحب بساطة وعظمة الصادق النيهوم وأحب الطريقة الأكاديمية التي تناول بها نصر حامد بوزيد مشروعه، وأحب كيف يحاصر دان براون أحداث رواياته لتنتهي في 24 ساعة، ولكن في 400 صفحة وأكثر. أنا هنا أتحدث عن الشكل أو العرض وليس عن أفكار هؤلاء، أحببتُ الطريقة التي يعرضون بها أفكارهم حتى وإن اختلفتُ مع أفكارهم.

ـ أول كتاب قرأته؟

ـ لن أحدثك عن كتب قرأتها في طفولتي فتلك لا أذكرها، ولا أتصور أنني قرأت كتباً بالمعنى الدقيق للكلمة، حتى يوم كنت طالباً في الثانوية والجامعة كنتُ فقط أطالع المجالات من حين لآخر، اللافت هنا والذي لا أعلم له سبباً هو أنني كنتُ أشتري مجلة المستقبل وأطالع باهتمام ما كان يحدث في الجزائر بعد بومدين وما كان يجري في إيران عقب ثورتهم، تشدني الشخصية الجزائرية والشخصية الإيرانية في منطقتنا، أشعر بها وأنا أطالعها على مجلة المستقبل كما لو أن لها حظوظاً أكثر من غيرها في مستقبل منطقتنا. لم أقرأ الكتب بتلك الفترة أو على الأقل لا أذكر، فحتى المجلات غابت بعدها في ليبيا، نسينا المجلات، مضت بي الحياة اشتغلت في الدولة تركت الدولة اشتغلتُ في القطاع الخاص، حتى إذا كان لي عمل في المقاولات جهة مرزق وكنتُ أحياناً أنام هناك وأركن سيارتي داخل سور بناية في داخلها مكتبة تخص المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة في المدينة، قرأتُ منها لباسكال واستعرتُ رواية المجوس للكوني وأذكر مرة استعرتُ رواية “شرق المتوسط” لعبد الرحمن منيف، وأول ثلاثة كتبت اشتريتها بعدها كانت من مكتبة الرواد في طرابلس للصادق النيهوم وهي إسلام ضد الإسلام، والإسلام في الأسر، ومحنة ثقافة مزمنة.

ـ علاقتك بالكتاب الإلكتروني؟

ـ إذا استثنيت القواميس والمعاجم الإلكترونية ولجوئي لها من وقت لآخر وسهولة وسرعة الوصول للمعنى فيها، فأنا حتى اليوم لم أرم الكتاب الإلكتروني، أحاول، لكن تجدني دائماً أُفضّل الورقي، أشعر مع الكتاب الورقي كما لو أن الفكرة قريبة مني وبين يدي، أُقنع نفسي أن الفكرة ليست على الورق بل في الكلمات والحروف لكن ملامسة أغلفة الكُتب ما زالت توهمني وتمكنني أكثر إلى وصول المضمون. أتصور مع الزمن سأتخلص من هذا الوهم الذي يلازمني ويصور لي المسافة البعيدة التي تفصلني عن الفكرة في أي PDF لكتاب إلكتروني.

ـ الكتاب الذي تقرؤه الآن؟

ـ أحب التاريخ، أشغف به، أحتفي بكتبه وأجد فيها كل شيء، أراهم يتحركون على الصفحات كما قال نهرو ذات مرة: أشعر بكتب التاريخ الجيدة كما لو أنها كُتبت لا لنقرأها وحسب بل حتى لنشاهدهم عليها، لكن قلة تلك التي تُشبه سلسة “قصة الحضارة” لـ ول دوارنت” التي بين يدي هذه الأيام، أيضاً أطالع هذه الأيام كتاب “دولة الخيمة” للكاتب مجاهد البوسيفي هو أيضاً أحسبه تاريخيّ يتعرض لحقبة القذافي، لم أنتهِ منه بعد لكنني على وشك، شدني هذا الكتاب في مكانين الأول حين تناول علاقة القذافي بالنيهوم. والمكان الثاني حين مرَّ سريعاً على الجيش وحرب تشاد.

ـ الموسيقى المفضلة لديك؟

ـ أنا من هواة الموسيقى حتى أنهم يعتبون عليّ وأنا الذي تعديت الخمسين وجيلي صار يتقدم إلى الصف الأمامي في الصلاة وما زلت أنت يا إبراهيم تشتري وتستمع للموسيقى. حين أكون لوحدي في السيارة أرفع زجاجاتها وأرفع صوت المسجل إلى أعلى درجة، وأشعر معها كما لو أنني أتجدد من الداخل، أحب موسيقى بليغ حمدي وأولئك الأوائل لكن بأصوات جديدة، ولا أذكر أن موسيقى غربية شدتني كما شدتني فرقة “البوني إم” التي كنا نسمعها بمطلع الثمانينيات.

ـ علاقتك بمؤلفاتك؟

ـ ليست جيدة، لا أعرف لماذا! لكنها ليست جيدة وحسب. سألني مرة صديق بسؤال مشابه فقلتُ له أعتبر نفسي حديث العهد وما زلتُ أرى كتاباتي محاولات متعثرة في شكل كتب.

ـ هل ستغير الكتابة العالم؟

ـ لا شيء آخر يغير العالم سواها.

ـ ماذا تحتوي مكتبتك؟

ـ أطلس العالم وأطلس ليبيا وكتب أخرى. هي ليست كبيرة وليست غنية، مكتبتي هي الأخرى حديثة العهد، وعمرها عمر الكتابة معي، اخترتُ لها مكاناً كان حيزاً ميتاً وغير مستغل، حورته، هدمتُ جداراً وبنيتُ آخر فتشكل ما يُشبه المخدع المرصوص بالكتب داخل صالون بيتي.

ـ ما الذي يشغلك اليوم؟

ـ أقوم بتعبئة الناس في بلدتي وجمعهم حول شخصية واحد نخوض بها غمار انتخابات 24 ديسمبر القادم إذا تمت في موعدها، فنحن بلدية من ثلاثة قرى نُشكل اليوم القاعدة الخلفية لسبها بالجنوب، كل مشاكل سبها التي لا تنتهي يتم حلحلتها في بلديتنا، لكن ولسوء الحظ لم نفلح ولم ننل مقعداً نيابياً يحمي مصالحنا لا في المؤتمر الوطني ولا في لجنة الدستور ولا في البرلمان الحالي الذي في طبرق، ولن نحصل على مقعد في البرلمان القادم ما لم نتوحد ونتفق على شخصية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى