أخبار ليبياخاص 218

“218” تفتح ملف “أزمة المناخ” العالمية و”الوعي البيئي” في ليبيا

قبل أيام؛ عُقدت قمة المناخ الافتراضية التي ترأسها رئيس الولايات المتحدة جو بايدن، بمشاركة زعماء العالم؛ للتحرك والعمل على جعل الكوكب على المسار الصحيح.

وتزامنت القمة مع تحذير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن الطبيعة الأم لا تستطيع الانتظار؛ لأن العقد الماضي كان الأكثر سخونة على الإطلاق، ولا يزال العالم يشهد ارتفاعًا في مستويات سطح البحر، ودرجات الحرارة الحارقة، وأعاصير مدارية مدمرة، وحرائق غابات ملحمية.

ولم يقف غوتيرش عند هذا التحذير، فقد أعلن أن عام 2021 هو عامٌ حاسمٌ لمواجهة حالة الطوارئ المناخية العالمية.

كل هذا الحراك الأممي، يأتي مع استمرار جائحة “كورونا”، وارتفاع درجات الحرارة في بعض البلدان، وفيضانات وأزمات مناخية، قد تجعل العالم على شفا الهاوية، وتُهدّد وجوده.

ليبيا وملف المناخ:

وعن ليبيا التي تعيش أزمات أخرى، والبعيدة عن هذا الملف على المستوى الرسمي؛ تحدثنا مع الأستاذ فايز ساطي، رئيس منظمة من الأرض إلى البحر “منظمة حفاظ على البيئة”، ومقرها بنغازي، لتوضيح رؤية وخطورة ما يشهده المناخ من متغيرات.

واعتقد رئيس منظمة من الأرض إلى البحر، أن الوضع تأخر ويجب التحرك بسرعة وفورا، هناك تقرير أن 80% من البلاستيك الذي ينتهي به المطاف في البحر، يمكن أن تؤدي النفايات البلاستيكية الموجودة في البحار والمحيطات إلى تأثير بيئي كبير على الثروات البحرية، ويمكن أن تنتقل الأمراض إلى الإنسان إذا تناول الأسماك، هذا إن استطاعت الأسماك أن تعيش، وأيضًا الاستخدام غير المناسب للمبيدات الحشرية والمعادن الثقيلة، يمكن أن يُسبّب خطرًا كبيرًا على الأمن الغذائي.

وأوضح فايز ساطي، في حديثه لـ”218″: يبلغ عدد سكان العالم حاليا 7,7 مليار نسمة، ولكن بحلول عام 2050، سيكون الكوكب موطنا لنحو عشرة مليارات نسمة والكوكب لا توجد به موارد لهذا الرقم إن لم يتم استصلاح للأرض وتوزيع لكثافة السكان، فيجب التحرك بسرعة وقوة لمكافحة الأمر مبدئيًا، ومنع تدفق البلاستيك إلى البحر ثانيًا، وغرس ملايين الأشجار في ليبيا ثالثًا، والاستثمار في مصادر أخرى للطاقة كالطاقة الشمسية.

وأعرب رئيس منظمة من الأرض إلى البحر، عن أسفه للوضع في ليبيا بقوله: للأسف؛ الوعي البيئي في ليبيا ضعيفٌ جدًا، ونحاول أن نبذل كل ما نستطيع لغرس الوعي، قمنا بحملات تشجير داخل المدارس لحثّ التلاميذ على حب الأشجار والمحافظة عليها ونسعى إلى إصدار تشريع أو قانون لمنع أكياس البلاستك ذات الاستخدام الواحد داخل المحلات، ونسعى إلى أن تُدرّس الثقافة البيئية للتلاميذ في المدارس.

وجدّد فايز ساطي، حديثه عن الوعي البيئي في ليبيا: نرى الاعتداء على المساحات الخضراء والأراضي الزراعية والغابات، نسعى إلى غرس الوعي والثقافة البيئية للأجيال الصغيرة والأطفال لأنهم هم الأمل في خلق واقع مغاير، والعدد كان قليلاً، لكن أعتقد مع الاستمرار؛ سوف يحدث التغيير، عمر منظمتنا أقل من ثمانية أشهر ولدينا أملٌ كبيرٌ في التغيير إلى الأفضل.

وعن إمكانية تواصل المنظمة مع الجهات الخدمية والحكومية في ليبيا؛ أشار رئيس المنظمة، إلى أنهم لم يتواصلوا، ولكن هناك تعاون مع الحرس البلدي، وأنه في القرب سيكون هناك تعاون مع الأمم المتحدة.

وطرح فايز ساطي، سؤالاً حول الأمر، بقوله: دعني أسأل، ماهي الأجهزة التي نقدم لها اقتراحاتنا ؟ الوضع في ليبيا ما يزال معقدًا بعض الشيء، لكن هناك أمل في غرس الوعي في الجيل الجديد، واستمرار غرس الأشجار في كل أنحاء ليبيا.

ووجّه رئيس منظمة من الأرض إلى البحر ومقرها بنغازي، كلمة إلى الليبيين، وهي جملة واحدة” ليس هناك وطن يستقبلكم إلا بلادكم فحافظوا عليها، ومهمتكم هي تسليم البلاد ببيئة نظيفة إلى الأجيال القادمة، لا تجعلوا أحفادكم يقفون أمامكم ويقولون لكم لماذا لم تقوموا بالعمل المناسب عندما كان الزمن يسمح لكم بذلك؟

عصر جيولوجي جديد في التاريخ:

ورجّح فايز ساطي، في حديثه لـ”218″، أن نفقد أكثر من نصف أنواع الحياة على الأرض على مدى 80 عام القادمة، مؤكدًا أن الحياة على الأرض، تواجه مرحلة تحركها سلسلة من الأحداث قد تأخذنا إلى عصر جيولوجي جديد في التاريخ.

ولفهم كيف يزعزع البشر استقرار كوكبنا المثالي؛ أشار رئيس المنظمة، إلى أن تاريخ الأرض الطويل الذي مرت بما لا يقل عن خمسة أحداث انقراض جماعي، كان سبب معظمها الانفجارات البركانية الكارثية، لم يكن الرماد أو الحِمم التي قضت على الحياة، ولكن غاز غير مرئي تطلقه البراكين اسمه ثاني اكسيد الكربون، وأنه أكبر حدث انقراض حدث على هذا الكوكب، حتى الآن.

ووصف فايز ساطي، الإنسان بأنه يتصرف مثل بركان خارق، “نحن نطلق ثاني أكسيد الكربون بمعدل أكبر من الانفجارات الضخمة في عصور ما قبل التاريخ التي أطاحت بالحياة عبر العصور، ويعني نعتمد كليًا على حرق الوقود الأحفوري وهذا ينتج ثاني أكسيد الكربون بكميات ضخمة. والحضارة الإنسانية تطلق، الآن، مائة ضعف من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي من جميع البراكين على الأرض مجتمعة.

ويُشبّه رئيس المنظمة، ثاني اكسيد الكربون بأنه يعمل مثل البطانية، تحبس حرارة الشمس، وهذا يرفع من درجة الحرارة، وبالتالي يزعزع استقرار واحدة من أهم القوى على الأرض “الطقس”، وتعتمد العديد من الحيوانات على أنماط هطول الأمطار التي يمكن التنبؤ بها، لكن مع ارتفاع درجة حرارة عالمنا؛ يتغير طقسنا.

ويضيف فايز ساطي في حديثه لـ”218″، لكل درجة حرارة ترتفع على هذا الكوكب بسبب انبعاث “ثاني اكسيد الكربون” الغلاف الجوي تُميت 7% من الماء فأكثر، وهذا يُحدث فجوة مناخية شديدة وغير متوقعة وخارجة عن السيطرة يعني مزيدًا من الحرائق، مزيدًا من الجفاف، مزيدًا من الفيضانات.

ويكشف رئيس منظمة من الأرض إلى البحر، بحسب أبحاث جديدة، أن كل درجة ارتفاع واحدة في درجات الحرارة العالمية، ستؤدي إلى دفع مليار شخص إلى أوضاع شبه متطرفة غير قابلة للعيش، وهذا يُمكن أن يؤدي إلى واحدة من أعظم أحداث الهجرة البشرية في التاريخ.

لاجئ مناخي:

وتنبّأ فايز ساطي، بأننا سنشهد قريبا “لاجئًا مناخيًا” يعني الذين أجبروا على الخروج من المناطق غير الصالحة للسكن في العالم، ويضيف: في أفريقيا، وتحديدًا السنغال، هناك أهداف لزارعة أكثر من مليار شجرة مقاومة للجفاف مثل “الاكاسيا” يُعرف بالجدار الأخضر العظيم، وبمجرد الانتهاء ستمتد مجموعة من الأشجار ما يقارب من 5000 ميل عبر أفريقيا، واحدة من أكبر الهياكل الحية على هذا الكوكب هذه الأشجار، وتوقف التربة السطحية عن الانجراف، وجذورها تخترق الأرض لإنشاء شبكة من القنوات التي تخزّن الماء كلما هطلت الأمطار.

ويوضح رئيس المنظمة، أنه بالفِعل تم غرس 12 مليون شجرة في السنغال، والنتيجة مذهلة، والماء أصبح متوفر في الآبار؛ بسبب أن الأشجار قامت بتخزين مياه الأمطار تحت الأرض والاحتفاظ بها؛ مما يساعد على الزراعة وإنتاج الطعام ويعني أن فقط 15% من الجدار الأخضر فقط تم الانتهاء منه، لكنه يُعود إلى الأرض مع وقف نزوح الناس والحفاظ على المجتمع.

ويتابع فايز ساطي: الكربون هو أساس الحياة كل نبات تمتصه من الهواء تستخدمه للنمو وعندما تأكل الحيوانات هذه النباتات تخزّن جزء من الكربون في أجسامها، وهذه النباتات والأشجار والحيوانات التي تسمح لها بالنمو، تستهلك أكثر من ثلث ثاني أكسيد الكربون الذي نُطلقه، أي أن هذا النظام مهمٌ جدًا لحمايتنا، من ارتفاع درجة الحرارة على كوكب الأرض.

الغابات كالإسفنج:

ويصف رئيس المنظمة، أن الغابات كالإسفنج تمتص كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتحتجزه في الداخل، وأن الغابات ليست فقط أشجار، فمن أجل الازدهار؛ تحتاج الغابة إلى مجتمعات حيوانية.

ويكشف فايز ساطي، أن العديد من الغابات الاستوائية مهددةٌ وخاصةً أكبرها وهي غابات الأمازون الماطرة، وتعتبر ضرورية جدًا لصحة كوكبنا حيث تخزن قدرًا كبيرًا من الكربون، وإذا توقفت غابات الأمازون عن أدائها؛ سوف تكون كارثة مطلقة للحضارة الإنسانية.

ويشير رئيس منظمة من الأرض إلى البحر، إلى أننا لا نحمي الحيوانات لأنها جميلة أو لطيفة؛ بل لأنها جزءٌ لا يتجزأ من الكوكب، ونحن بحاجة للاحتفاظ بهم.

ويطرح فايز ساطي، سؤالاً، كيف يمكن أن نحمي الغابات؟ في بعض الأحيان يكون حساب قيمتها البيئية الحقيقية مفتاح الحل، وهناك تقنية متطورة جديدة فعلت ذلك، يقودها فريق المرصد العالمي المحمول جوًا، لقد طوروا طريقة القياس الكمي بواسطة الطائرة بالضبط مقدار “الكربون” الذي تخزّنه الغابة باستخدام الليزر، ويمكّنهم من تحديد كمية الكربون داخل كل شجرة، فتظهر الأشجار الغنية بالكربون باللون الأحمر أو الأصفر، وبمثل هذه الخرائط؛ يُسمح للبلدان معرفة مدى قيمة غاباتها.

ودعا رئيس المنظمة، إلى ضرورة تحفيز الحكومات ماليًا للحفاظ على الغابات، وأكد أن أفضل شيء يمكن أن نفعله للتخفيف من أثر ارتفاع حرارة الكوكب، هو زرع المزيد من الأشجار، والمحافظة على ما تبقى لنا منها.

وعن المحيطات والبحار، يوضح فايز ساطي لـ”218″، أنها تنتج ما يصل إلى 75% من الأكسجين الذي نتنفسه، وأن النباتات والحيوانات في البحار والمحيطات تمتصّ كميات هائلة من الكربون، وأن العوالق البحرية plankton هي من أهم الكائنات الحية لأخذ ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى أكسجين.

وحسب آراء بعض الخبراء؛ منذ بداية الثورة الصناعية إلى الآن، يشير رئيس المنظمة، إلى أنها امتصت ما يقارب نصف جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لدينا، وعندما يمتص الماء ثاني أكسيد الكربون؛ يصبح أكثر حمضية، ومع ازدياد هذه الحموضة في المحيطات؛ يؤدي ذلك إلى تدمير الشعب المرجانية وبعض العوالق البحرية.

واختصر فايز ساطي، الوضع الذي نعيش فيه، بأنه عالم كلعبة الدومينو، وختم حديثه، بأن الصحراء الشمالية في المغرب، هي موطن لأكبر مصدر للطاقة الشمسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى