خاص 218مقالات مختارة

(يوسف الشريف) الذائقة

كَتَبَ / علي العباني

كون يوسف الشريف خصوصية في الوسط الثقافي الليبي كظاهرة أدبية أولا وثقافية إنسانية عالية ثانيا .

وهذه الأخيرة يعرفها عنه الذين اقتربوا منه وعرفوا شخصيته المتفردة عن قرب والتي تكونت في زمن بواكير الشغف الفكري والمعرفي بداية الستينات في مدينة طرابلس التي كانت تعج ساحتها الثقافية بمظاهر التطلع والوعي المبكر رفقة عدد من مجايليه ممن كونوا ملامح الحركة الأدبية فيما بعد من أمثال كامل المقهور وبشير الهاشمي والتكبالي والتليسي .

كانت مقاييسي للتكامل الثقافي والذائقة النقدية التي لايقتصر دورها على النقد الأدبي هي مقاييس المعرفة المتكاملة والتي تشتمل بالضرورة على دراسة تاريخ الفنون البصرية بصنوفها في التشكيل والمسرح والسينما وأيضا تاريخ ونقد فنون السماع في مجال الغناء والموسيقى والآداء الصوتي .

باختصار كل مجموع الفنون البصرية والسمعية التي تنجم عن الحس الإنساني الرهيف وتؤكد على توفر الموهبة والتي تؤكد على توفر الحس الإنساني المتكامل .

لقد ذكرت تحديدا المقهور والتليسي والشريف كأدباء وكتاب اكتملت لديهم صنوف المعرفة وملكة الذائقة الجمالية التي مكنتهم من تناول حالات إبداعية بصرية من خلال حدث ما انفرد به كل منهم عند تناوله لظاهرة جمالية خارج التناول المحض أدبي .

التليسي مثلا كتب عن (لوحة الخيش المثقوب) للفنان الإيطالي بوري Burri

والمعروضة بالمتحف الوطني بروما متسائلا عن فحوى المجرد البصري .

وكامل المقهور كون من صالونه بحي الضهرة ملتقى لم يقتصر على الأدباء بل أيضا على الفنانين من أمثال عبدالمنعم بن ناجي وكنت أنا علي العباني ممن كان مصرا على حضوري الدائم ولكل الملتقيات الثقافية حينها .

من خلال علاقتي بأدباء الساحة في ليبيا قليل منهم من كان يتحدث مثلا عن مشاهداته السينمائية ولعل يوسف الشريف في نطاق جيله ممن عرفت كانت لديه ذائقة سينمائية كونت تكاملا مع ذائقته البصرية التشكيلية وخاصة المرحلة الإنطباعية والتأثيرية من خلال رموزها فان جوخ وسيزان وجوجان .

مايعزي الفقدان لمثل هذا الرمز هو نتاجه الأدبي الذي أثرى وسيثري المكتبة الليبية دون شك .

ليوسف الشريف الرحمة والمغفرةولليبيا التي أحبهاشمالا وجنوبا ولكل أصدقائه ومحبيه ولكل الطفولة التي لم تغب يوما عن روحه وافر العزاء .

 

المقال نقلا عن بروفايل الرسام والكاتب الليبي علي العباني 24 يوليو 2021

المصدر
صفحة شخصية
زر الذهاب إلى الأعلى