العالم

هل أفل نجم السلطان أردوغان؟

يبدو أن نجم سلطان العثمانيين بنسخته العصرية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد بدأ بالأفول بعد أن أتت رياح الانتخابات البلدية التركية بما لا تشتهي سفنه رغم إحراز حزبه “العدالة والتنمية” المرتبة الأولى في الانتخابات إلا أنه خسر قواعد شعبية مهمة في العاصمة أنقرة وإسطنبول التي يعيش فيها خُمس سكان تركيا.

وعدّ مراقبون هذه الانتكاسة الأردوغانية بمثابة استفتاء ليس في صالح “العدالة والتنمية” بين حجم شعبية الحزب الممسك بزمام أمور البلاد منذ سنوات عدة، مؤكدين أنها تأتي في وقت تم فيه إقرار الدستور الجديد بنسبة ضعيفة مثلت نحو نصف سكان البلاد.

وبدأت قصة الانتصارات لأردوغان وحزبه في العام 2002 خلال انتخابات البرلمان التي حصل خلالها “العدالة والتنمية” على 363 مقعدا من أصل 550، فيما لم يحقق حزب الشعب الجمهوري في حينها سوى 178 مقعدا لتنتهي تركيا منذ ذلك الحين من عهد الحكومات الائتلافية ليتولى السلطة حزب أرودغان، ليأتي العام 2007 بالنصر مرة أخرى بعد تحقيق الحزب 341 مقعدا، فيما لم يكن هذا النجاح فقط في البرلمان بل تعداه لإدارة المدن الكبرى مثل أنقرة وإسطنبول.

وفي الانتخابات البلدية عام 2004 نال “العدالة والتنمية” 41.67% من الأصوات متفوقا على أحزاب أخرى ذات شعبية ليشهد العام 2009 بداية مرحلة التراجع البلدي التي بلغت أوجها في العام 2019.  

أما استفتاء العام 2017 الذي غيّر نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي بمقترح من أردوغان فقد مثّل مؤشرا خطيرا بين تدني شعبية السلطان الجديد بعد أن صوّت أبناء مدينته إسطنبول التي شغل منصب عمدتها من العام 1994 وحتى العام 1998 ضد المقترح بعد أن أحس الجميع بميوله السلطانية المبكرة، لاسيما بعد أن أخذ ينفرد بالقرارات وأزاح من طريقه الأصوات المعتدلة في حزبه مثل أحمد داوود أوغلو الذي تولى منصبي وزير الخارجية ورئيس الوزراء.

وشهدت الانتخابات البرلمانية عام 2015 إخفاق “العدالة والتنمية” في الحصول على الأغلبية ولم يتمكن من إقامة تحالفات مع  أحزاب أخرى ما حمله على التبكير في الانتخابات التي أجراها بوصفه حاكما للدولة في نوفمبر من ذات العام.

هذا وأتت هذه الإخفاقة البلدية لأردوغان في ظل أزمة اقتصادية خانقة تسبب بها تعنته في التعامل مع قضية القس الأميركي ومن ثم تراجعه بشكل براغماتي على عادته دائما، فضلا عن إصراره على عدم رفع سعر الفائدة في البنك المركزي التركي وتجاهله استقلالية البنك ما قاد إلى زيادة في معدلات البطالة والتضخم، وهبطت قيمة الليرة التركية إلى مستوى غير مسبوق أمام الدولار الأميركي، وهو ما جعل المراقبين يربطون بين بقاء “العدالة والتنمية” الحاكم في السلطة والإنجازات في قطاعات الاقتصاد التي حققها سابقا والتي أخذت لاحقا بالتبخر بفعل هذه الأزمة.

وعزف أردوغان على وتر مشاعر المسلمين واستغلها لصالحه بعد أن تم قطع وتره الاقتصادي من خلال استغلاله الهجوم الإرهابي على مسجدين في نيوزيلندا بعد أن أصر على الاستمرار بعرض المقطع الفيدوي الصادم للجريمة رغم مكافحة منصات التواصل الكبرى لحذفه.

وبعد أن أيقن سكان تركيا بحقيقته شرعوا في العد التنازلي للخروج من عباءة السلطان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى