مقالات مختارة

ليبيا … 2019 (بلا عنوان)

سالم الهمالي

(14)

البيت “التمنتاوي

تميزت البيوت في تمنهنت بطراز معماري يتلاءم مع البيئة الصحراوية وحياة الواحات، يتم بناؤها بالحجر والطين وأسقفها من منتجات النخيل من سقف (سنور) وجريد مترابط بحبل من الليف ومغطى بالطين المخلوط بمادة الجير. الباب يصنع من جذوع النخل بعد أن يصنع على هيئة ألواح تّشد إلى بعضها برباط من (الملخة) المتينة وهي من جلود الإبل.

للباب قفل يسمى (كنقار) مصنوع من جذوع الزيتون أو شجرة الأثل، جزء من محفور في الجدار والآخر وراء الباب يركب بطريقة تجعل فتحه معقدا إلا من داخل البيت.

(المتعدية) هي الممر بعد الباب وفيها شيء من الاتساع يسمع بالجلوس، ومنها يمكن الدخول إلى بيت الضيافة أو (المربوعة) أو المرور إلى جزء آخر من البيت يسمى (ساباط) وهو مكان الجلوس في وقت الصيف ويتميز بأن نصفه مفتوح بدون سقف بما يزوده بالضوء الطبيعي والبرودة في الليل.

“الكاودي” هو وسط البيت أو ما نسميه الآن الصالة، واسع يتوسطه عمود كبير مبني بالحجر والطين أو من جذع غليظ من أشجار الزيتون أو الطلح يستطيع تحمل ثقل السقف الذي يغطيه تماما، من الكاودي تفتح غرف أو حجرات الإقامة للزوجين والأطفال. لتلك الغرف أبواب وإقفال تسترها.

“السقيفة” وهي المكان الذي يقطنه أهل البيت في فصل الشتاء، قليلة النوافد ولها (طابونة) وهي المكان الذي تذكى فيه نار التدفئة ويقابلها في السقف كوة تسمى “بواصه” تسمح بخروج الدخان وتمنع ” الزنزانة” وهي ما نعرفه اليوم بالتسمم أو الاختناق بغار أول أكسيد الكربون.

في وسط البيت أيضا غرفة صغيرة للرحى وبجوارها مكان يدق فيه النوى!

الجزء الثاني من البيت يحتوي على المطبخ، وهو ذو سقف عالي جدا وجزئي حتى لا تصله نار الحطب الذي يعدون به الطعام في قدور على (دايات) أو أثافي. للمطبخ سدة لبعض الأقداح ومعاليق للأخرى مثل الطمام المسحوق والفلفل والملح والشحم (الودك).

“المطهرة” غرفة صغيرة بلا نوافد ولها باب يسترها، وفيها مكان مرتفع قليلا يوضع عليه سطل الماء للغسل وتنظيف البدن.

الجزء الأخير من البيت واسع وله ركنان؛ الأول فيه مكان نسميه (الشيعة) أو مربط الغنم/ المعيز، التي كان الناس يربونها في بيوتهم للحصول على الحليب الطازج وبالطبع لحومها. وفي إحدى الزوايا من ذلك المكان الواسع يوجد “التنور” وبجواره مكان لتخزين الحطب.

“السنّداس” أو بيت الراحة وهو آخر مكان داخل البيت، له هندسة خاصة فيها باب مخفي، أي عند تجاوزك لذلك الباب يمكن لمن في السنداس أن يعلم أو يستشعر وجودك بدون أن تراه أو يراك، لتصدر منه (نحنحة) توقفك عن التقدم، أي أن الحمام أو بيت الراحة مشغول. هندسة السنداس متميزة فله درجات تركبها ومكان للفنار ومن الأعلى مكان للجلوس والراحة.
وردت كلمة السنداس في كتاب (ابن بطوطه)، ولا تزال الكلمة متداولة في بلاد المغرب.
وهنا أشير إلى طرفة تذكرتها، إذ كنّا للأسف نُعَيّر من لا يحفظ لوحه في الجامع أو المحضرة ونقول:

الحبّاس عار الناس … حطو رأسه في السنّداس

ولا أحد يطيق مثل هذا التقريع والمعايرة، بما يشجع على الاجتهاد في حفظ اللوح … أيّام

المصدر
صفحة الشخصية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى