أخبار ليبياحياة

في كتاب جديد.. حياة المجاهد عمر ضياء الدين المدفعي

خاص| 218

صدر حديثا للباحث الليبي الدكتور علي محمد رحومة كتابه المعنون بـ “عمر ضياء الدين المدفعي: حياته وجهاده 1889-1967″، هذا الكتاب استغرق تأليفه أكثر من ثلاث سنوات بقليل، ما بين إعداد وكتابة ومراجعة وتنقيح.

وتمنى الباحث، علي محمد رحومة، من خلال هذا الكتاب، لو يستطيع أن يفي حق مجاهد ليبي واحد ضد الاستعمار الأجنبي في أي مرحلة من مراحل تاريخنا المشرّف، ويلفت رحومة إلى أنه بهذا الكتاب المتواضع، يتمكن من المساهمة في ذلك من ناحية المعرفة التاريخية، وتوثيق أحداث ومواقف مهمة في حياة عمر ضياء الدين المدفعي، وتاريخ المرحلة الجهادية الليبية برمتها، كانت مجهولة ومنسية.

وقال: “قد كان هذا المجاهد وأمثاله من الليبيين الشرفاء، رحمهم الله، مثالا للحمة الوطنية الصادقة، والتضحية من أجل الوطن الليبي الواحد، حرًا مستقلاً، عزيزًا.. وهذه ليست شهادتي أنا فقط، كباحث؛ بل هي شهادة كل من عرفه عن قرب، أو من وصلته أخباره ومواقفه النبيلة”.

التاريخ المنسي

ونسأله، لماذا الاهتمام بحركة الجهاد الليبي؟ فيقول: لقد بسطت القول في ضرورة الاهتمام بحركة الجهاد الليبي، في مقدمة الكتاب، ولماذا كل هذا الاهتمام بها؟ ويمكن إيجاز ذلك هنا، على الأقل في نقطتيْن اثنتيْن: أولاهما، هناك كثير من الأحداث والمواقف في حركة جهادنا معتم عليها، ويشوبها الغموض، أو التجاهل، أو النسيان، الخ.. على أهميتها، وضرورتها في فهم تطورات المرحلة الجهادية والتي بنيت عليها المراحل التاريخية اللاحقة. وثانيهما: هناك أيضًا رجال وأبطال ومناضلون صادقون، ومنهم مثقفون ليس على المستوى الوطني فحسب، بل أيضًا على المستوييْن العربي والإسلامي، لا نعرف عنهم إلا القليل، وهم مهمون في تاريخنا السياسي والثقافي، ومعرفة مدى الارتباط الاجتماعي والثقافي الليبي بين شتى المدن والقبائل الليبية.

وأكد رحومة، أن فهم التاريخ يشكل مسألة حيوية وضرورية في ظروفنا الراهنة، ويضيف: “هناك أهمية مبدئية أو إن شئت ضرورة، في بحث التاريخ ومعرفة مساره في حياة الأمم، تؤصل لنفسها بنفسها، مهما تقدمت الأمة وارتقت في معارج التقدم والازدهار، فلا يمكن أن تستغني عنها كمسألة حيوية، وضرورة قصوى، ألا وهي تقوية ارتباط الأمة بعضها ببعض، وتمتين عُرى أواصرها عبر الأزمنة. ذلك، بما يحقّق انتماءها الأوثق، والأبقى، مهما كانت الفجوات، والتصدعات أو الشروخ في بناء صرح الأمة. فتاريخها المكتوب بعناية، والمؤرخ بعلم ومهنية، وعقل فاحص، ناقد، هو الذي يمنحها دعامة عقلية صلبة لرقيها، ويفتح نظرها على محاسنها، ومساوئها. مزاياها وأخطائها، فيعرف شعبها ماذا يأخذ وماذا يترك؟ وكيف يبني علاقاته، ويختار توجهاته، ويُنظّم صفوفه، ويُحدّد مساره في حياته الحاضرة والمستقبلية”.

الشخصية الليبية

وبحسب رحومة؛ هناك شخصيات نضالية عديدة في تاريخ الجهاد الليبي ضد الإيطاليين لم يتم تسليط الضوء عليها إلا بشكل عابر، هنا أو هناك، بضع كلمات أو أسطر قليلة. مثلما كان الأمر في شأن المناضل عمر ضياء. كل واحد من هذه الشخصيات يستحق دراسة معمقة خاصة به، والأمثلة كثيرة في هذا الشأن، وقد أدرجت في كتابي هذا، عددًا من الشخصيات الوطنية التي كانت في حياة عمر ضياء المدفعي ومسيرته النضالية، منهم من طواهم النسيان ولم يعرفوا كما ينبغي أن يعرفوا، عسكريين ومدنيين. على سبيل المثال لا الحصر: عبد الله تمسكت، وموسى اليمني، ووصفي الخازمي، وعثمان القيزاني، وخالد القرقني، وعون بن سوف. وغيرهم؛ إن ما نفتقده حول هؤلاء المناضلين مثلا، هو الدراسات التاريخية التوثيقية الحقيقية، والعلمية التحليلية الجادة، المحايدة، في تاريخ النضال الليبي، وإبراز الشخصيات الوطنية المهمة التي ربما طواها النسيان وتغاضى عنها الزمان، لأسباب عديدة.

يرى الباحث علي محمد رحومة أن الشخصية الليبية الحالية، بصفة عامة؛ تختلف عن الشخصية الليبية في زمن الجهاد الليبي ضد الاستعمار الإيطالي في كثير أو قليل من الخصائص الذاتية؛ ذلك أن الشخصيات تتشكل في ظروف اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية متشابكة، وهذه جميعًا، بطبيعة الحال، تختلف من عصر إلى آخر.

ويضيف: “لا يمكن إنكار أن للتراكم التاريخي صلته المباشرة بما يحدث اليوم في المشهد السياسي الليبي، سواء من ناحية تشكل ملامح الشخصية أو مظاهر التأزم السياسي الليبي الحالي، والتي يمكن حصرها في بعض حالات عدم الاستقرار والاضطراب الأمني والتدخل الأجنبي ونقص السيادة الوطنية، وعدم القدرة على التوصل، حتى الآن، إلى اتفاق أو توافق وطني حقيقي، يتجاوز الخلافات من أجل بناء الدولة، وتوحيد الشعب الليبي شبه الممزق في وضعه الحالي”.

وعلى جانب آخر؛ يتابع رحومة، أن البلاد الليبية، في حقبة الجهاد ضد الاستعمار الإيطالي، قد مرت بظروف مشابهة لوضعنا الحالي، خصوصا في بعض مظاهر الاحتراب بين الفرقاء الليبيين، وعدم التوافق السياسي بين بعض الزعامات الوطنية، والاختلافات في المواقف والآراء، ولكن في نفس الوقت، حين كان الليبيون يتفقون على كلمة سواء، وينتصرون على النفس من أجل الوطن، يحققون انتصارات باهرة ضد العدو الأجنبي المشترك، ويلتقون حول قيمة الوطن، والهوية، والخصوصية، والثقافة المحلية، وكل هذه، دون شك، كان لها دورها الكبير في مواصلة النضال، بمختلف الجهود والتضحيات الممكنة، سواء ضد الدخيل الأجنبي وتحرير الوطن، أو من أجل بنائه، وتحقيق حلم الدولة الليبية المتقدمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى