أخبار ليبيااهم الاخبارحياة

“طيّح سعدك.. وأخواتها”.. كتاب عن اللهجة الليبية

218 ـ خاص

صدر للباحثة الليبية فريدة الحجاجي كتاب بعنوان (طيّح سعدك.. وأخواتها)،عن دار الرواد للنشر.

الكتاب يحوي مفردات وتعبيرات وأمثال شعبية وأبيات من الشعر الشعبي الليبي وبعض الأهازيج القديمة.

حول الكتاب ومفرداته والوقت الذي استغرقه في البحث والإعداد كان هذا الحوار.

ـ ما الذي دفعك لإعداد هذا الكتاب؟

ـ لم أكن أتخيل أنه في يوم من الأيام سأصبح كاتبة، فقد كنت لا أحب مادة الانشاء والتعبير بعد المعاملة القاسية من معلمة هذه المادة في المرحلة الابتدائية، الأمر الذي جعلني أفضّل الابتعاد عنها ما استطعت لذلك سبيلاً، وهي المادة التي من المفترض أن تكون الوسيلة لتعليم النشء حرية التعبير والتخيل والكتابة والتدوين.وهكذا مرّ ما يزيد عن النصف قرن قبل أن اكتشف أن ما اكتبه يمكن يحوز على الإعجاب والاهتمام، وهو ما حدث فعلاً مع حلقات ويكيبيديا اللهجة الليبية التي كنت أقوم بنشرها بين الفينة والأخرى على صفحتي منذ مدة طويلة على الفيسبوك والتي في غالبها مادة كتابي الذي صدر اخيراً (طيّح سعدك.. وأخواتها).

ـ كيف بدأت هذه الويكيبيديا؟

ـ للإجابة على هذا التساؤل تعود بي الذاكرة الى فترة التسعينات مع دخول ابنتيّ الصغيرتين للمرحلة الابتدائية وهما من الأطفال الذين ولدوا وعاشوا في الغربة بعيداً على الوطن، ولأن الدراسة كانت باللغتين الإيطالية والإنجليزية انتابني الخوف من ضياع لغتهما الأم كما حدث مع كثير من العائلات التي اضطرتها الظروف للإقامة في الخارج، فاتخذت قرار تعليمهن اللغة العربية خلال عطلة نهاية الأسبوع وأوكلت المهمة إلى أكثر من مدرس ولكن طريقة التدريس لم تعجبني فقررت أن اتولى الأمر بنفسي. وبدأت بتدريسهن اللغة العربية الفصحى على طاولة المطبخ.

إلى أن حدث ذات يوم أثناء انهماكي في شرح قواعد الصفة والموصوف واضعة أمامهن صورة لسيدة رائعة الجمال طالبة منهن ذكر الصفة المناسبة لها وايضاً الصفة المعاكسة، وكنت أنتظر أن تكون الاجابة: جميلة وعكسها قبيحة. ولكنني تفاجأت عندما أشارت طفلتي الكبيرة للصورة وقالت: هادي مرا “قنينة”.. وبادرت أختها الصغيرة قائلة: ايي صح.. وعكسها مرا “شينة”! تسمّرتُ في مكاني للحظات وشعرت ببعض الارتباك من الاجابة الـ “غير متوقعة”.. ومن هنا انتبهت إلى أن اللغة الأم “الطبيعية والتلقائية” لطفلتيّ هي اللهجة الليبية وليست اللغة العربية الفصحى.من هنا قررت أن أقوم بتعليمهن مفردات وتعبيرات لهجتنا الليبية إضافة إلى العربية الفصحى واستمرت هذه الدروس لبضعة سنوات وانتهت عند التحاقهن بالمرحلة الثانوية ثم الجامعية.

عند عودتي الى ليبيا بعد حوالي أربعة عقود من الغربة، شاءت الأقدار أن أصاب في حادث في طرابلس، ولسوء الحظ تم علاجي بطريقة خاطئة وساءت حالتي الصحية، فاضطررتُ لإجراء عملية جراحية عاجلة، وبعدها بدأتُ رحلة علاج طبيعي طويلة، فوجدتُ نفسي غير قادرة على الحركة ولدي ساعات طويلة من الفراغ الممل، فعادت بي الذاكرة إلى تلك الدروس، وبدأت في رأسي عملية تقليب وتحليل لمفردات لهجتنا الليبية، وعند نقطة معينة أخذت القلم وباشرتُ في تدوين الأفكار “أياً كانت طبيعتها” التي تراود فكري عن اللهجة الليبية، وللتغلب على الملل قررت نشر هذه الأفكار على صفحتي على الفيسبوك وابتكرت لها اسم (ويكيبيديا اللهجة الليبية) لتمييزها عن بقية إدراجاتي، وهي تجمع بين الفكاهة وتقديم المعلومة والمزح وحتى السخرية من بعض سلوكياتنا المرتبطة بـ “أقوالنا”.

بمرور الوقت أصبح للويكيبيديا جمهور من القراء في ليبيا وبعض الدول العربية.أصبحت هناك طلبات متكررة ومُلحّة لتجميع حلقات الويكيبيديا ونشرها في كتاب.

ـ خلال بحثك في مفردات اللهجة الليبية هل وجدت مفردات في طريقها إلى التلاشي؟

ـ بأسلوب سلس وبسيط يذكّرنا الكتاب بمفردات لهجتنا الليبية مبرزاً جمالها ومعانيها العميقة والتي أصبح بعضها عرضة للتلاشي بدخول لهجات أخرى عليها، ولعل عبارة “عساكم من عواده” التي لم تكن موجودة في ليبيا ولا تمثّل اي مكوّن ثقافي بها وليس لها جذور وامتدادات تاريخية.أصبحنا نسمعها في الأعياد مكان التهنئة الليبية الأصيلة “العقبالداير”..

ـ كيف يمكن اكتشاف الهوية الليبية من خلال اللهجة؟

ـ حيث أن اللهجة التي يتعلمها الإنسان في السنوات المبكرة للطفولة هي من العناصر الأكثر فعالية في تنشئة الفرد، وحيث يصعب تحقيق اتصال اجتماعي دال بدونها، الأمر الذي يجعلها جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية للجماعة الناطقة بها تنتقل من خلالها مسارات التفكير الذي هو معبّر أساسي عن الهوية، من هنا يكون الحرص على استعمال مفردات وتعبيرات لهجتنا الليبية وتدوينها. الذي هو بمثابة العودة إلى اكتشاف الجوانب التي أهملت من موروثنا الثقافي ومن هويتنا الليبية ذاتها وبالتالي التمسك بها والمحافظة على خصوصيتها وتميزها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى