اهم الاخبارمقالات مختارة

ربيعيّات

محمد العكروتي

مرحبا بك ياربيع ، بالصحه والعافيه ،،،، تربح تربح ياشتا ، اجعل عقبيتك دفا

بهذه الكلمات الجميلة؛ يستقبل أهالي مدينة سوكنه اليوم الأول من مارس فصل الربيع في كل عام ، وسوكنه هي المدينة الوحيدة (حسبما أعلم ) في ليبيا التي تخصص يومًا محددًا للاحتفال والاحتفاء بمقدم هذا الفصل، فصل الزهور والورود والجو الجميل الدافئ بعد فصل الشتاء البارد الجامد.

ففي هذه الأيام تتفتح طلوع النخل مصدر رزقهم وغذائهم، ويقومون ( بتأبير ) النخل فرحين متفائلين، لقد خصص أهالي هذه المدينة يومًا حافلاً للفرحة واستقبال الربيع المبهج، ويقال لهذا اليوم في سوكنه ( ملاقاة الربيع ) أي استقبال الربيع.

ولهم في هذا اليوم طقوس وعادات تتبعها وتقوم بها جميع البيوت والعائلات دون تخصيص ولا تحديد، الفقير والغني البسيط والمسؤول الصغير والكبير السقيم والصحيح.

فمنذ يوم أمس؛ والقرية كلها على قدم وساق انتظارًا واستعدادًا لهذا اليوم المشهود، حيث تقوم النساء بإعداد الكعك السوكني والبكلاوه السوكنيه وخبزة القصب والغريّبة، وكذلك إعداد وجبة اليوم وهي الهريسة التي تتكون من بعض القدّيد واللبن الحامض والشعير المنقّى وأوراق الكسبر ، وخبز الفتات ، ثم يسقى الفتات بطبيخ الشعير واللبن ( الهريسة ) في وعاء أسود اللون من الخشب يقال له ( القدح ) كما في الصورة المرفقة أدناه.

منذ الصباح الباكر؛ ينهض الأطفال فرحين مسرورين ويصعدون إلى أسطح المنازل، وينصبون خيمة صغيرة ويقومون بالطرق على برميل أو صينية وهم ينشدون ويغنٌون الكلمات التي وردت أعلاه، ومعهم قدح الهريسة ليأكلوا منه ويتسلّوا به.

بعد ساعة من الإنشاد والغناء مثل عصافير الربيع بأصواتهم الشجية العذبة التي تتجاوب مع أصوات الأطفال في جميع القرية مثل سيمفونية ولا أروع ولا أبدع؛ ينزلون من السطوح ليجدوا المفاجأة التي كانوا يحلمون بها طيلة ليلتهم، حيث يقوم الآباء والأمهات بإعداد ( العمره ) لهم، والعمرة هي وعاء من سعف النخيل ( الآن سفرة الأكل ) توضع فيها، كعكه سوكنيه وسالف امّه وعين الجمل وصبع بن عثمان والصلاّيه والمنزقه الكبيرة والغريبة والمقروض والباكلاوه وخبزة القصب والبليلة من حبوب القصب والفول المطبوخ والكشك والترفاس ولحم الضب وبيضة وكل ما أمكن الوالدين الحصول عليه لإسعاد أطفالهم من بسكويت وحلوى وشكلاطة وعصير وغير ذلك.

يتنافس الآباء والأطفال بعمرتهم ومن تكون عمرته أجمل وأكبر وأكثر تنوعًا، وبعد أن يشبع الأطفال رغبتهم بالنظر إلى عمرتهم مزهوين فرحين مسرورين، تجتمع العائلة في المنزل لتناول الفطور المكون من الكعك والباكلاوه والمقروض والهريسة والشاهي، ثم يكون الاستعداد للانطلاق إلى ( السواني ) مجموعات مجموعات، كل مجموعة تتكون من الجيران والأقارب والأحباب، حيث يقضون ذلك اليوم كاملاً في السواني، يمرح الأطفال ويلعبون وذلك بربط الحبال بين نخلتين ( الدرجيحه ) ويلهو الأطفال خاصة الإناث منهم بالتدرجيح وهم يغنون ،، يادرجيحة البحري ،، ورّيني طريق أهلي ،، ويتناولون في هذا اليوم الفتات والهريسة فهو وجبة هذا اليوم ،، ويعودون مع المساء وقد أمضوا يومًا ممتعًا سعيدًا مليئًا بالحبور والسرور .

الصور فيها ،، العمره ، الخيمه والبرميل ، قدح الهريسه.

مرحبا بك ياربيع بالصحة والعافية

يابلادي فاح ربيعك ،،، فرحوا كبيرك ورضيعك

ياعروسه بين البلدان ،،، لا ماتهوني ما نبيعك

اولادك علّوا الرايات ،،، وبناتك احلى زهرات

تمرك دقله وتاغيات ،،، وشرابك عذب وفرات

مرحبابك ياربيع بالصحة والعافية

عامك كله احتفالات ،،، بهجه ومتعه ومسرّات

كعكك وهريسه وفتات ،،، حضاره وتاريخ وتراث

مرحبابك ياربيع بالصحة والعافية

بلادي جنّه يامحلاها ،،، في التاريخ شهير سماها

ترحّب بالضيف ليا جاها ،،، يعشق تربتها وهواها

ترحّب بالضيف ،،، في مجلس واسع ونظيف

سهاريها تحلى في الصيف ،،، قمر زاهي والجوّ لطيف

مرحبابك ياربيع بالصحة والعافية

زر الذهاب إلى الأعلى