كتَـــــاب الموقع

حرب المشجعين للأندية الليبية (الهزيلة)

عبدالوهاب قرينقو

(يتعاركن لرياح ايجي الكيد ع الصاري).. مثل شعبي ليبي يحضرني، الآن، فيما يتداول المدوّنون من شباب ليبيا وحتى كهولها، عبر فضاء “فيس بوك و تويتر”، معارك جوفاء بين مشجعي الأندية الليبية، في خصومات جوفاء، لا طائل منها سوى المزيد من القطيعة والتشظي الاجتماعي وتعميق الشرخ، بين أبناء البلاد الواحدة على مباريات كرة القدم الهزيلة في ليبيا_أصلاً.

فكلما ضاقت أحوال البلاد وضاعت الحقوق وتشظّت البلاد سياسيًا؛ يُفرغ العوام والدهماء غلهم في تشجيع رياضة يفترض أنها لتهذيب النفوس لا لنيل الكؤوس حسب ما تعلمنا في زمن الطفولة منذ 50 عامًا.

ولكم أن تقرأوا كتاب “كرة القدم في الشمس والظل” للكاتب إدواردو غاليانو من أورغواي، تحديدا في فصل (المشجع) وفصل (المتعصب)؛ لتعرفوا دواعي التعصب الكروي ومظاهره ومسبباته، و لاسيما مع ما تعيشه ليبيا اليوم من وضع متأزم يشكّل أرضًا خصبةً لمعارك موازية، ستّزيد الشرخ الاجتماعي، ممّا يحقّ لنا معه أن نُطالب بإيقاف جميع دوريات كرة القدم، حتى تهدأ البلاد وتستقر قبل حدوث ما لا يُحمد عقباه.

الحديث يطول، وسأعود إلى تفاصيله في مقالة أخرى هنا، و اسمحوا لي أن أعرض في هذه العجالة فصل (المشجع) كما لخصه إدواردو غاليانو :

(المشجع)

المدينة تختفي، الروتين ينسى، ولا يبقى شيء سوى المعبد. وفي هذا الحيّز المقدس، تعرض ألوهيتها الديانة الوحيدة التي لا وجود لملحدين بين معتنقيها.

ومع أنّ المشجع يستطيع مشاهدة المعجزة براحة أكبر على شاشة التلفزيون؛ إلا أنّه يفضّل أن يحجّ إلى هذا المكان؛ حيث يمكنه أن يرى ملائكته بلحمهم وعظمهم، وهم يتبادلون الركل ضد شياطين هذه النوبة.

المشجّع هنا يلوّح بالمناديل، يبتلع لعابًا، غلوب، يبتلع سمًا، يأكل قبعته، يهمس بصلوات ولعنات، ثم يمزّق حنجرته فجأة بهاتف مدوّ، ويقفز مثل برغوث، معانقًا المجهول الذي يصرخ معلنًا الهدف بجانبه، وعلى امتداد الصلاة الوثنية، يكون المشجع كثيرين، فهو يشاطر آلاف الورعين من أمثاله القناعة بأنّنا الأفضل، وبأنّ جميع الحكام مرتشون، وجميع الخصوم مخادعون.

وهنا فصل (المتعصب) كما عبر عنه غاليانو :

(المتعصب)

هو المشجع في مشفى المجانين .. يصل المتعصّب إلى الملعب ملتحفًا راية ناديه، وبوجه مطليّ بألوان القميص المعبود، متسلحًا بأدوات مقعقعة وحادةٍ، وبينما هو في الطريق يكون قد بدأ بإثارة الكثير من الصخب والشجار، وهو لا يأتي وحده مطلقًا.

إنّه ينظر إلى المباراة وهو في حالة صرع، ولكنه لا يراها. فما يهمه هو المدرجات؛ لأنّ ميدان معركته في المدرجات، ومجرد وجود مشجع للنادي الآخر يشكل استفزازًا لا يمكن المتعصب أن يتقبله، الخير ليس عنيفًا، ولكنّ الشرّ يُجبره على ذلك، والعدو دائمًا مذنبٌ، ويستحق ليّ عنقه، ولا يمكن للمتعصب أن يسهو، لأنّ العدو يترصد في كل مكان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى