اهم الاخباركتَـــــاب الموقع

بغداد وطرابلس بعد جغرافي وتجربة مماثلة (10) والأخيرة

حيدر حسين علي

من ركام بغداد ودروسها وعِبرها عسى أن تنهض طرابلس وتتعض، نعم فما تمر به ليبيا من سيناريو مشابه للسيناريو الذي مر ولا يزال يمر به العراق، فالليبيون في نفق مظلم مجاور لنفق نظرائهم العراقيين رغم بعد المسافة الجغرافية بين البلدين إذ لم يكن كلا السيناريوهين متطابقين بالمرة.

ونستمر في هذه الحلقات البسيطة غير الغزيرة بالإحصائيات أو التواريخ المعقدة على القارئ والمعتمدة على الذاكرة، ونقارن بين الحالتين ونقترح الحلول التي كان يجب أن تقدم للحيلولة دون تفاقم الأوضاع.

الحلقة العاشرة

التجارة نهر لا يجف

ترددتُ كثيرا قبل أن أفكر وأشرع في كتابة الحلقة العاشرة من سلسة مقالات بغداد وطرابلس بعد جغرافي وتجربة مماثلة؛ بسبب انشغال العالم أجمع وليس الليبيين فقط بالحرب الدائرة على تخوم العاصمة الليبية طرابلس، إلا أن ما شجعني في النهاية على المضي في موضوع الكتابة هو بصيص الأمل والضوء الخافت الذي يبدو في نهاية نفق الأزمة الليبية المظلم، وتصريحات رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد الانتهاء من عمليات طرابلس العسكرية، وهو ما يعني نهاية الانقسام السياسي الحالي وهو الشرط الأساس لتطبيق كل ما ورد في الحلقات الـ9 السابقة، وهذه الحلقة من حلول لما تعاني منه ليبيا ومن قبلها العراق من إشكاليات في عدة مجالات.

وبلا شك أن التجارة بشقيها الداخلي والخارجي من أساليب تدوير النقد غير المفعلة في العراق حاليا بعد أن كان يعمل بها في الفترات السابقة لمرحلة ثمانينيات القرن الماضي، ولم أسمع يوما أن العمل يتم بموجبه في ليبيا أيضا وهو ما حتم عليّ تسليط الضوء على هذين الشقين والتعريف بهما للقارئ الكريم.

فالتجارة الداخلية تعني ما يتم من تبادل سلعي وخدماتي بين المدن في البلد الواحد، أما التجارة الخارجية فهي تبادل السلع مع الدول الأخرى وتصدير ما يفيض عن الحاجة أو لا حاجة له في البلد إلى دول أخرى واستيراد سلع تحتاجها البلاد ولا يمكن الاستغناء عنها أو تصنيعها داخليا.

وبعد التعريف بهذا النوع من التبادل التجاري لا بد من تحديد سبل النهوض به وتحويله إلى أداة فاعلة لحفظ وصون النقد الأجنبي من جهة وتعظيم حجم الاحتياطي الموجود منه من جهة، ولتشغيل المصانع وتوفير فرص عمل تقضي على البطالة.

وأولى خطوات تنفيذ ذلك تتم من خلال استحداث وزارة تسمى وزارة التجارة الداخلية والخارجية تعنى بهذا الأمر عبر مديريات متخصصة في كل محافظة عراقية ومراقبات في كل بلدية ليبية، وتضم كل مديرية فروعا لذات الأقسام أو المديريات الموجودة في الوزارة لتنفيذ واجباتها بفعالية وبالتواصل المباشر مع المركز أو بتخويل الصلاحيات، والترتيب الأخير هو الأفضل لضمان التخفيف من حدة البيروقراطية الإدارية.

وتكون الخطوة الثانية من خلال وضع ستراتيجيات 3 أولها قصيرة الأمد تمتد إلى شهر واحد فقط وتقوم بها فرق اختصاصية جوالة تضم خبراء مشرفين على العمل، ويفضل أن يكون جزء منهم من المختصين في علم بحوث العمليات لضمان جمع بيانات دقيقة عن كل مدينة وقرية في إطار المحافظة أو البلدية، وما تشتهر به من مقومات صناعية ما متوفر منها وما يمكن استحداثه في مجالات التصنيع كافة وإعداد بيانات متكاملة وفائقة الدقة بالخصوص.

والخطوة الثالثة تتم من خلال التنسيق مع المصرف الصناعي منح قروض للنهوض بواقع ما موجود من مصانع ومشاغل صغيرة وتطوير عملها بإشراف مديرية معنية في الوزارة وفروعها في المحافظات والبلديات، فضلا عن استحداث ما هو غير موجود وتحتاجه المنطقة والبلاد والدول الأخرى وضمان توفير الأيدي العاملة المحلية واستحداث معاهد تدريبية يتم من خلالها استخدام العاطلين عن العمل ممن لا يحملون مؤهلات دراسية عالية.

وتأتي رابع الخطوات بتنظيم عملية تبادل السلع بين المحافظات والبلديات المختلفة وتحديد الفائض منها للتصدير لضمان تسويقه وجلب العملات الأجنبية الصعبة للبلاد، وبهذا نكون قد طبقنا التجارتين الداخلية والخارجية في آن واحد وضربنا عدة عصافير بحجر واحد، وهي عصافير التقليل من البطالة وحفظ الرجال والنساء وضمان عدم وقوعهم فرائس للإرهاب والمجاميع المسلحة من خلال توفير دخل مناسب لهم وضمان عدم خروج العملة الصعبة إلى خارج البلاد من جهة وزيادة القادم منها إلى الاحتياطي الاستراتيجي من جهة أخرى.

وبهذا نصل أيها القراء الكرام إلى ختام هذه السلسلة التي وفرت حلولا لأبرز ما يعاني منه العراق وليبيا من إشكالات التي إن تم الأخذ فستبقى المشاكل الأخرى سهلة الحلول ولا ترتقي إلى مستوى تخصيص حلقة خاصة بها وعسى أن يقرأها ويعمل بها الساسة في كلا البلدين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى