أخبار ليبيا

المستوى الذي وصله تنظيم داعش في استخدام الأطفال غير مسبوق

الحرب عمياء فيما يتعلق بأعمار ضحاياها. وهي حقيقة قد تبدو طبيعية، لكنها تأكدت من خلال دراسة للأمم المتحدة صدرت في يونيو 2015 ، وثقت تصاعدا مقلقا في أعداد وفيات الأطفال في الحروب، في دول شهدت صراعات خلال عام 2014.

في العام السابق فقد 710 طفلا أفغانيا أرواحهم في الحرب الدائرة هناك، وهو العدد الأكبر في كل دول العالم. وفي العراق وصل عدد الضحايا من الأطفال إلى رقم قياسي منذ أن بدأ تفعيل برنامج مراقبة للأمم المتحدة في 2008: حيث قتل 679 طفلا وجُرح 505، كما قتل الجيش الإسرائيلي 557 طفلا فلسطينيا، ودمر 543 مدرسة.

والحرب تجعل من الأطفال ضحايا، حتى الأحياء منهم. 

(الجنود الأطفال) كما يعرفهم مكتب الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة للأطفال والصراعات المسلحة، هم من تحت 18 عاما والذين يرتبطون بقوة مسلحة ما، ويُستغلون كـ "مقاتلين، وطباخين، وخدم، وجواسيس، ولأغراض جنسية." ورغم أن بعض الدول ما زالت تجندهم مثل ــ بورما، جنوب السودان، اليمن ـ فغالبا ما يُستخدمون أيضا من قبل ميليشيات أخرى.

تجنيد الأطفال تقليد معمول به منذ زمن، وقد استغله تنظيم داعش، حيث يطلِق على الأطفال الذين يجبرهم على دخول سلك المقاتلين اسم "أشبال الخلافة" وأعدادهم في تزايد مع قيام التنظيم بأخذهم عنوة من عائلاتهم وضمهم للجهاديين. وآخرون قد يلحقهم آباؤهم، مثل الطفل الأسترالي  ـ7 سنوات ـ الذي انضمت عائلته إلى فصيل إرهابي، وانتشرت له صورة وهو يحمل رأسا بشريا مقطوعا. وفقا للأمم المتحدة، يقوم المتشددون الإسلاميون بدفع أجور للجنود الأطفال قد تصل إلى 400$ شهريا. وتعلن داعش دائما عن فخرها بوجود هؤلاء الأطفال تحت تصرفها، مبرزة إياهم في أفلامها الدعائية كجلاديها النجوم.

الحرب ضحاياها من الأطفال، حتى الأحياء منهم

في الأزمنة الحديثة يعدُّ القياس الذي وصله تنظيم داعش في استخدام الأطفال غير مسبوق. ومن المكن أن سوريا والعراق قد فقدا جيلا بأكمله لصالح داعش، سواء كضحايا لعنفه الممنهج، أو كمشاركين مجبرين في عملياته. "علينا مواجهة ما فعله داعش للأطفال" يقول بروفيسور علم النفس، ستيفن واين، من جامعة إيلنويس في شيكاغو. " إنه [التنظيم] يعرّض الجيل القادم بأكمله للصدمة، ويلقنهم مبادءه"

ستكون عملية إعادة تأهيل الأطفال مرهقة، إن لم تكن مستحيلة. فبعد عودتهم إلى بيوتهم ـ إن كان ثمة بيوت يعودون إليها ـ ستتردد المجتمعات المختلفة في الترحيب بهؤلاء المقاتلين السابقين، علما بأن هؤلاء الأطفال يفتقدون المهارات الضرورية للعمل ضمن مجتمع مسالم. وقد أجرت صحيفة التلغراف مؤخرا لقاء مع نورمان أوكيللو وهو جندي صبي سابق ضمن "جيش الرب" في أوغندا، وبما أنه لم يتعلم في الجيش سوى القتل والجندية، فلم تعن عودته إلى البيت غير معاملة أقاربه بسوء، وقيامه بتصرفات غير لائقة اجتماعيا بشكل عام. بعد سنوات من العلاج، جرى خلالها تنظيف شخصية أوكيللو من شحنات الكراهية التي اكتسبها في طفولته، ورغم أنه يمارس الآن حياته الطبيعية، إلا أنه ما انفك يردد: " ما تزال روح جيش الرب قابعة بداخلي"

في مقابلة مع قناة سى ان ان تلاحظ الدكتورة ثيريسا بيتانكورت، من جامعة هارفارد إن إعادة تأهيل الجنود الأطفال ستتطلب الكثير من استحضار رموز الطفولة الطبيعية: الشعور بالأمان، ونفاذ إلى كل الاحتياجات الجسمانية، بما فيها النوم والطعام، والعائلة، وصلة بآخرين مرّوا بالظروف نفسها، ثم التعليم والأمن المعيشي وهو ما يوفر لهم فرصة لتحقيق حياة كاملة.

في الوقت الراهن، ما يزال أمام أطفال داعش طريق طويل للعودة إلى الوضع الطبيعي، لكن إذا ما تم العمل على أنموذج بيتانكورت، فربما هناك أمل لأطفال داعش إن نجحوا في الإفلات من قبضة الحرب.

بقلم : ميا بلووم

عن مجلة فورين أفيرز

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى