حياة

الفنان التشكيلي خالد حسين: أرسم الأمل في لوحة حزينة

خلود الفلاح

خالد حسين فنان تشكيلي سوري، مقيم حاليًا في ألمانيا، تتناول أعماله الوضع المأساوي والدمار الذي خلفته الحرب في سوريا، اللون الأحمر يشغل حيز كبير من اللوحة، غير أن أكثر ما يلفت الانتباه في تلك اللوحات هو البالونات الشاهقة وسط الخراب.

لوحاته بمثابة رسالة إنسانية مفادها أن الفنون قادرة على مواجهة القبح.

في هذا الحوار، تحدث التشكيلي السوري خالد حسين عن الخطوط والألوان، وعن علاقته بالفن التشكيلي، وكيف يرسم المأساة السورية.

كيف ترسم الأمل في بلاد تعيش الحرب والدمار؟

الحرب شيء قبيح وبلا رحمة، عشته ومازال الكثير يعيشه، في الحرب مررت بحالات كثيرة من الانكسار وخيبة الأمل والخوف، لكن سرعان ما تحولت هذه الحالات إلى شجاعة وقوة وتمسك بالأمل والاستمرارية في الحياة، ومهمتي نقل هذا الأمل إلى كافة شرائح المجتمع ليس فقط المتلقين الذواقين الفن، كلنا نحتاج إلى الأمل والاستقرار والسلام العالمي، وسوف أبقى متمسكًا بالأمل ولا شيء يكسرني ما حييت.

لوحاتك مشحونة بالكثير من الخطوط والألوان والأجساد التي تظهر كنقطة صغيرة وسط اللوحة، من أين يستمد الفنان خالد حسين أفكار لوحاته؟ ومتى ترسم؟

هي من الشحنات المتراكمة ومن المشهد اليومي التراجيدي المتكرر في بلدي وهذا كاف أن أقف ساعات طويلة أمام سطح اللوحة وأحاور ذاتي بين الخطوط المتشابكة بخيوط الأمل الذي أتمسك به دائمًا، أستمد أفكاري من واقع عشته وما زال يرافقني إلى يوما هذا، لأن هذا الواقع مازال في بلدي لم يتغير، ولم تنته مأساة الحرب بعد، لذلك أرسم بحرية تامة وكل الوقت لي، لا أستطيع أن أحدد وقتا كي أكون في عالمي الخاص الحر.

ما المتعة التي تمنحها لك الألوان؟

عندما نقول متعة يعني الشعور بالسعادة والرضا والكمالية، وحين أمزج ألواني أغوص في ذاتي، تمنحني الألوان شعور اللذة والمتعة التي أبحث عنها بين ضربات الفرشاة على سطح اللوحة، تمنحني الروح مجددًا.

ما الذي يشغلك ويأخذ تفكيرك أكثر، اللوحة وألوانها، أو اللوحة وفكرتها؟

-لا أستطيع أن افصلهم عن بعضهم البعض في انشغالي، لأن كل جانب له دور وأحاسيس ومشاعر لتكوين عمل متكامل.

يقول أرسطو: “إن الموضوعات التي تعالجها الذاكرة تنتمي كلها إلى عالم الخيال الذي تصنعه قوة المخيلة”، كيف ترى المسألة؟

إن الذاكرة شيء من الماضي، هذا الشيء مضى، واضح المعالم، لكن المخيلة حدث حر لا يحتاج إلى شروط وقوانين وهذا ما تحتاجه اللوحة أكثر، ورغم ذلك الذاكرة تشكل الكثير من معالم المخيلة فينا باعتبارها المعلم الحسي الأول، الخيال كثيف بالصور والمعاني التي تتلاعب بالذاكرة لتنتج أشكالاً جديدة.

في لوحاتك خطوط وتعرجات ودمار، ولكن يظهر الأمل دائمًا على شكل بالونات. ما سر في ذلك؟

في الحقيقة، الكثير من المتلقين يسألون هذا السؤال حين يشاهدون أعمالي من مشهد متناقض تماما دمار ومأساة ومن ثم عنصر البالونات في كل عمل، أريد إيصال رسالة أمل وتفاؤل إلى العالم من خلال لوحاتي مهما كانت قسوة الحياة وسوداوية المشهد، علينا ألا نفقد الأمل ونرى الجانب المشرق في الحياة لا المظلم والظالم،

وإضافة عنصر البالونات إلى أعمالي له تأثير إيجابي كبير على المتلقين من الثقافات والشرائح كافة، وخاصة من المجتمع الألماني الذي أعيش بين أفراده.

_ حدثني عن علاقتك باللون الأحمر واللون الأسود؟

اللونان تربطهما الجرأة في التعبير الحسي الصارخ بين دهاليز الخيال والواقع.

الفن دائما يحتاج إلى الحرية، هل بسبب ذلك لوحاتك تنوعت بين الواقعية الانطباعية، والتجريدية؟

نعم، دائمًا أتمسك بمبدأ الفن يحتاج الحرية المطلقة، لأن عندما تكون حرًا في رسالتك الفنية تستطيع حتمًا إيصال هذه الرسالة النبيلة والإنسانية إلى العالم بصدق دون أي قيود مصطنعة، لذلك لا أقف عند مدرسة فنية أو أسلوب أو حتى طرح موضوع ثابت لا يتحرك.

 

المرأة في لوحاتك، ماذا تنتظر؟

قد لا يكون تكوين وتفاصيل المرأة في أعمالي يظهر بشكل واضح وملفت للنظر، لكن ربما أريد القول أن المرأة هي الروح التي تتكون بكل التفاصيل في اللوحة من خلال ضربات لونية مشبعة بالحنين والرقي، رغم معاناة وقساوة الحرب، هي تنتظر الانتصار على كل الانكسارات والتمسك بالأمل دائما.

تعتبر البشاعة والقبح إحدى السمات المميزة لتجربة الفن المعاصر، ما الذي تعنيه البشاعة بالنسبة لك؟

نعم هذا صحيح، على الفنان أن يتحسس ويميز بين القبح والجمال ومن ثم تكون رؤية ومخزون في المخيلة، وتحويل هذا المخزون إلى جمال نادر غير مستنسخ وممزوج بين السمتين القبح والجمال.

هنا متعتي الحقيقية أن أجرد سمة البشاعة والقبح من الأشياء التي نرفضها في حياتنا اليومية قد تكون مادة غير ملموسة ونتصادم ببشاعتها بشكل متكرر لذلك بالنسبة لي البشاعة هي مادة ضرورية لتكوين حالة من الإبداع الحسي اتجاه عمل مميز.

ما تأثير الحرب التي تشهدها سوريا على المشهد التشكيلي وعلى أعمالك بشكل خاص؟

بالطبع كل مشهد صعب يؤثر على عامة الناس، ولكن الفنان يحول هذه المشاهد المؤلمة المتراكمة إلى حالة مختلفة تمامًا، لذلك الحرب لها تأثير كبير على المشهد التشكيلي والكثير من الفنانين استطاعوا أن يعكسوا الواقع الدائر في سوريا بأساليب مختلفة، أما بالنسبة لأعمالي هي قضية فنية تنقل وجع سوريا إلى العالم أجمع بطريقة وأسلوب مختلف يشبه ذاتي تمامًا، بعيدًا عن قبح الحرب وواقعها المرير.

 

زر الذهاب إلى الأعلى