مقالات مختارة

البيت الأبيض يروّض ترامب؟

راجح الخوري

ليس من الواضح أي دونالد ترامب سيدخل البيت الأبيض في ٢٠ كانون الثاني المقبل.
– هل يكون ترامب الملياردير الإستعراضي الفظ والعدائي الذي أثار قلق جزء كبير من الأميركيين الذين تظاهروا احتجاجاً على فوزه، بما سيترك علامات استفهام واضحة في سجل قبول الديموقراطية أياً تكن نتائجها في البلد الذي يرفع لواء حماية الديموقراطية، والذي أثار أيضاً معظم دول العالم على خلفية ما طرحه من شعارات التطرف والعرقية، يمكن ان تنسف قواعد العلاقات بين أميركا وحلفائها قبل الخصوم اذا قرر تنفيذها فعلاً.
– أم يكون ترامب الرئيس المتهيّب الذي يقدّر معنى المسؤولية الهائلة التي وقعت على عاتقه، والتي تتطلب هدوءاً وروية، وقبل كل هذا إدارة من الرجال الذين يعرفون كيف يرسمون خريطة طريق لتصرفات ترامب، وأهم من هذا كيف يضعون أو بالأحرى يقودون ترامب على خطوط هذ الخريطة، بحيث تستمر قيادة الامبراطورية الأميركية من دون الوقوع في الإرتجال المؤذي أو في النزق وما يمكن ان يشعل ازمات دولية معقدة.
ليس سراً ان شرائح واسعة من المجتمع الأميركي تخشى أن يعمد ترامب الى تنفيذ سياسته المقيتة ضد الملونين والعرب والمسلمين، كما ان هناك خشية دولية متزايدة أن تنعكس مثل هذه السياسات على توازن العلاقات القارية والأممية. ولعل من المثير هنا ان تكون مخاوف حلفاء أميركا الأطلسيين في دول الإتحاد الأوروبي في مستوى مخاوف العرب والمسلمين المزدوجة حيال هذا، أولاً بسبب ما اعلنه من عداء لهم وثانياً بسبب وعوده الداعمة لإسرائيل وتعهده نقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس بما يعني دفن التسوية السياسية نهائياً!
ليس هناك من يدرك مدى حساسية وخطورة هذه التساؤلات المشوبة بالقلق أكثر من باراك أوباما، الذي كان كما هو معروف، قد خاض معركة شخصية محمومة ضد ترامب تحت شعار “هذا رجل يجب ألا يصل الى البيت الأبيض”، لكنه الآن في جولته الوداعية التي حملته الى كل من اليونان والمانيا وأميركا اللاتينية، يواصل جهوده لتهدئة المخاوف من ذلك الذي سيتسلم قيادة أميركا.
والواقع ان اوباما يبذل الجهد في اتجاهين، داخلي حيث يكرر ان انتقال السلطة سيكون سلساً ولن تعكّره المعارضة الواسعة والتظاهرات التي يمكن ان تستمر ضد ترامب، وخارجي حيث كرر في البيرو ما قاله للحلفاء الأوروبيين: “رسالتي الأساسية اليكم هي الرسالة التي أكدتها في أوروبا… إعطوا ترامب فرصة ليشكل فريقه ويقرر سياساته، لا تفترضوا الأسوأ، انتظروا ان تبدأ الإدارة الجديدة عملها وتضع سياستها فعلاً وعندها يمكنكم ان تصدروا احكامكم، على ما اذا كانت تتفق مع جهود المجتمع الدولي للعيش في سلام”. لكأن أميركا والعالم في انتظار إعصار سينكسر على عتبة المسؤولية!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة “النهار” اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى