كتَـــــاب الموقع

أوصياء الله … و المسار الديمقراطي

سليمان البيوضي

بمجرد انتشار خبر الهجوم الإرهابي على مقر المفوضية العليا للانتخابات في طرابلس، تذكرت تحذيرا أطلقه محسوبون على قيادات حزب التائبين و المعتدلين بأن أي محاولة لإجراء انتخابات بلا دستور هو إيذان بانطلاق حرب أهلية في ليبيا .

فكانت لدي تساؤلات عديدة و أهمها :

هل بدأت حربهم ضد الديمقراطية ؟

هل ما حصل كان تحذيرا عمليا لليبيين ؟ هل حربهم القادمة، ستكون فقط بالانغماسيين والمفخخات ؟

لن أجيب الأسئلة فهي ملك لتحليل القارئ و المهتم بالشأن العام و فهمه .

تعليقي الوحيد : أن الإرادة الليبية انتصرت، و مشروع استعادة الوطن ماضٍ للنهاية .

حسنا … فلنعد للحديث عن المسار الديمقراطي من بعيد لنصل لحل قد يكون قريبا .

بعد عامين و نيف من عمر الاتفاق السياسي الليبي، بات واضحا أن كل الطرق موصدة أمام التعديل، و أضحى الحل الليبي الجامع ضمن إطار الاتفاق السياسي الليبي من المستحيلات كالغول و العنقاء، فمبكرا تم الالتفاف على بنود الاتفاق السياسي وملاحقه، و نُفِّذت بشيء من العبث السياسي المنظم، و تحت ناظري المجتمع الدولي ورعايته أحيانا كثيرة .

و خلال العامين و نيف قُلِب المشهد السياسي الليبي رأسا على عقب، و اختفت معالم الدولة تقريبا في الغرب الليبي، و لم يعد لدينا ما يمكن الاستناد عليه، سوى سلطة أمر واقع هشة – محكومة – و لا تحكم أبعد من جدران الغرف التي تقيم فيها، بمقابل تغول إسلاموي في إدارات القرار التنفيذي و السياسي، بعد دخول ناعم من شباك الاتفاق السياسي الليبي، و تأسيس جسم هلامي بالمخالفة لنصوص الملحق الثالث للاتفاق نفسه، الذي صدعوا رؤوسنا به، فهل مجلسهم هو أحد آيات الله في تمكينه لعباده الربانيين و استخلافهم في الأرض !!!!!!!!!؟.

ربما أقول ربما : هذا هو التفسير المنطقي الوحيد، لسر تمسك وكلاء الله بالاتفاق السياسي الليبي، لكونه الأداة الوحيدة لتمكينهم من جلدنا أو صلبنا أو تقطيع أيدينا و أرجلنا من خلاف أو دحرجة رؤوسنا في ميادين العدالة السماوية !!!!!!

إن الحقيقة المجردة تقول : بأن الليبيين استبشروا خيرا بدخول سلطة الأمر الواقع لطرابلس، خصوصا مع تقديم رئيسها ملخصا ” لأفيون عالي الجودة ” وعد بتنفيذه خلال مائة يوم، لينتهي مفعوله قبل أن يبدأ، و خلال أسابيع، لا بل أيام !!!!!!، لتبدأ الحلقات المفرغة و تزداد أنواع الطوابير الليبية و وصلت منتهاها، حتى بات المواطن مغلوبا على أمره، لتعم الفاقة والحاجة كل ربوع ليبيا، و ليعرف الليبييون أنه لم يعد لأحلامهم معنى، و يتذكروا دائما أن ليبيا بعد يوليو 2014 باتت غابة للبؤس .

إلا أن تلك الغمامة السوداء و القاتمة في تاريخ ليبيا و التي تعطل بموجبها المسار الديمقراطي، و عاش الليبييون فيها أربع سنوات من الدماء و الدموع و الحرب و الحوار، تلك الأيام بكل قسوتها كانت كافية لجمع الليبيين و فتح أعينهم على الحقيقة، و هي أن الإرهاب و خدمه وداعميه هم من سرقوا فرحتهم و بهجتهم، و بين المواقف المعلنة و الراسخة و الخفية و المرتجفة المترددة، يتفق الجميع بأنه لا مكان للمؤلفة قلوبهم في المشهد السياسي الليبي، و تلكم هي مؤشرات الوعي الذي وصل مداه، لدى كل متتبع للحركة الوطنية الاجتماعية في ليبيا .

و في إطار محاولات العودة للمسار الديمقراطي، سعت أطراف سياسية و دولية مختلفة و ضغطت على الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، لإعلان نتائج أعمالها، إلا أن ما حصل هو ارتفاع أصوات المعارضة لمقترح الدستور بوصفه غير توافقي و دستورا للمغالبة من قبل شرائح و مكونات ليبية مختلفة، المثير للاستغراب أن الإسلامويين التقطوا الخيط و بدأوا موجة مناهضة و مضادة للأغلبية و أعلنوا موقفهم المؤيد للمسودة، لتكون مركز عملهم و أداتهم لوضع العصي في الدواليب، و الهدف طبعا : استمرار مشروع التمكين .

فاخترعوا فكرة الاستفتاء أولا، و لا انتخابات بلا دستور، و تمادوا في غيهم حتى وصلوا لتهديد الليبيين بالحرب الأهلية، و بعد بيان اللجنة الرباعية الداعم لخيار الانتخابات، حصل الهجوم على المفوضية !!!!!!!!!!؟ .

كل الأحداث المتسارعة و التهديدات المبطنة و العلنية، يجب أن لا تثني الليبيين عن حشد كل الجهود، لتفعيل المسار الديمقراطي وفق خطة واضحة المعالم، و تبديد المخاوف بسن القوانين الحامية لاستمرارية مشروع استعادة الوطن و مؤسساته، و العمل ضمن الإطار الدستوري لتعديل فبراير 2014، و المضي في مشروع الانتخابات الرئاسية المباشرة و البرلمانية و البلدية، إن عودة ليبيا للمسار الديمقراطي ضمن مرحلة انتقالية رابعة، سيوقف مشروع التمكين الدامي و يهيأ الأرضية للمعركة الوطنية ضد الفساد و الفوضى، بعد أن نجح الليبيون بصبر و جلد و احتساب بتضييق الخناق على قوى البغي و الإرهاب و كسرها .

نعم للمسار الديمقراطي

نعم للانتخابات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى