اقتصاد

قصة سويسرا مع أموال الطغاة.. تشريع جديد لتجميد الأصول غير المشروعة

قالت منظمة الشفافية الدولية بلندن في تقرير صدر عنها مؤخرا واطلعت عليه 218TV إن حوالى 99% من أموال الفساد السياسي التي تتدفق على النظام المالي الغربي لا يصار إلى تجميدها أو حتى الكشف عنها بسبب العقبات القانونية.. وانتقدت منظمة الشفافية الدولية النظام المالي الغربي الذي يحمي بشكل غير مباشر هؤلاء الساسة المفسدين ويمنع استعادة هذه الأموال الى شعوب دول العالم الثالث.
وفي السياق ذاته فإنه من المنتظر أن تُـحسم قريبا في سويسرا عدد من المسائل المرتبطة بتجميد وإعادة أموال الدكتاتوريين المُطاح بهم، بواسطة قانون يعتبره مراقبون أنموذجا على المستوى الدولي. لكن هذا لا يمنع الأصول غير المشروعة من مواصلة تدفقها على الساحة المالية السويسرية، بحسب ( SWISS ) التي أشارات إلى استمرار وجود ثغرات في الإجراءات القانونية المتعلقة بمكافحة غسيل الأموال.
يتمثل الهدف الرئيسي للقانون الجديد المتعلق بـ “تجميد وإعادة الأصول المتأتية من مصادر غير مشروعة لأشخاص معرّضين للمحاسبة سياسيا في الخارج”، المعروض حاليا على النقاش في البرلمان الفدرالي السويسري، والذي حظي بترحيب خبراء البنك الدولي، إلى إقامة الدليل للعالم بأن سويسرا لم تعد مأوى حصينا للأموال غير الشرعية، أضحت قائمة أصول الطغاة الذين شوّهوا
عملت أسماء كثيرة على تشويه سمعة الكنفدرالية ومصارفها، منها قضية ماركوس (الفلبين) في عام 1986 وموبوتو (الزايير سابقا) وأباشا (نايجيريا) وساليناس (المكسيك) ودوفاليي (هايتي) وغباغبو (الكوت ديفوار) وبن علي (تونس) والقذافي (ليبيا) ومبارك (مصر)، ,ستظل مقترنة إلى الأبد بتواطُئ بعض المصارف السويسرية في مسار إفقار ونهب شعوب بأكملها من طرف حكامها.
في سويسرا، يريد كثيرون أن يعتقدوا أن هذه الممارسات أصبحت فعلا من ذكريات الماضي. فالأزمة المالية والضغوط الهائلة التي أدت إلى الموت البطيء للسر المصرفي، والمقاييس التي تشتد صرامة يوما بعد يوم في مجال الشفافية ومكافحة غسيل الأموال، تركت آثارا لا تُـخطئها العين.
يقول جاك نايرينك، النائب الديمقراطي المسيحي في مجلس النواب السويسري: “لم نعد مستودع الأشياء المسروقة من العالم. لقد أطلق القطاع المصرفي عملية تخليق، كما استنتج أنه ليس من الضروري ممارسة التلاعب لتحقيق النجاح. فقوة الفرنك والإستقرار السياسي والمؤسسات التي تعمل بانتظام، عوامل كافية اليوم لضمان نجاحه”.

في سياق الربيع العربي، فوجئ العديد من المراقبين بحجم الأموال المجمدة في حسابات مصرفية بسويسرا (حوالي مليار فرنك إجمالا)، لكن القضايا التي تورطت فيها شخصيات عمومية أجنبية، ليست بالقليلة، فمن فضيحة الرشاوى الهائلة لشركة بيتروبراس Petrobras، العملاق النفطي البرازيلي، ووصولا إلى قضية الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش والمقربين منه، يتعلق الأمر بمئات الملايين من الفرنكات التي تم تجميدها في الأشهر الأخيرة من طرف المدعي العام للكنفدرالية.
وقد علم في أوائل الشهر الجاري، أن مكتب المدعي العام الفدرالي جمّـد أصولا بعشرات الملايين من الفرنكات، في إطار فضيحة فساد مرتبطة بصندوق سيادي ماليزي يُـشرف عليه رئيس الوزراء نجيب رزاق. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث كشفت مجلة ليبدو L’Hebdo، الناطقة بالفرنسية، أن عشرات الملايين من الفرنكات المتأتية من أنشطة غير مشروعة للحكومة الإريترية مرت عبر حسابات مصرفية في كل من جنيف وزيورخ.
ومن وجهة نظر أخرى يرى أوليفيي لونشون، الخبير في المسائل المالية لدى منظمة إعلان برن غير الحكومية، أن القانون الجديد الذي يُـناقَش حاليا في البرلمان لن يُـغيّر شيئا من هذه الوضعية. فالتشريع الجديد يتركز على الأصول التي تم تحديدها مُسبقا في سويسرا ولن يحُـول دون تدفق أموال غير مشروعة متأتية من الفساد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى