اهم الاخباركتَـــــاب الموقع

الشاطئ الرابع (1)

فرج عبدالسلام

الشاطئ الرابع بالإيطاليةLa Quarta Sponda مصطلحٌ شهيرٌ أطلقه دكتاتور إيطاليا الفاشي بينيتو موسوليني، على شاطئ ليبيا، عندما كانت مستعمَرةً إيطالية. وأشتُقّ المصطلحُ بسبب وجود ثلاث شواطئ في شبه جزيرة إيطاليا، وبالتالي اعتُبرت ليبيا شاطئا رابعا.

كان الحافزُ الرئيس لإيطاليا الفاشية من استخدام هذه التسمية هو ترغيب الشعب الإيطالي في فكرة احتلال ليبيا، التي اعتُبرت جزءًا من إيطاليا، وتجسيدا لحق إيطاليا في احتلال المنطقة، كما احتلها أجدادهم الرومان من قبلهم، وتركوا آثارهم من مناطق مثل لبدة الكبرى.

خريطة للحكومة الفاشية تبيّن حدود إيطاليا الجديدة وليبيا، الشاطئ الرابع
خريطة للحكومة الفاشية تبيّن حدود إيطاليا الجديدة وليبيا، الشاطئ الرابع

“الشاطئ الرابع” أيضا هي رواية عن ليبيا للكاتبة البريطانية “فرجينيا بايلي” تتحدث فيها عن فترة الاحتلال الإيطالي، وهي رواية ممتعة ومؤثرة بحق، يختلط فيها الحقيقي بالخيال الروائي، آمل أن تُنشر بالعربية قريبا، حيث تحوي أدق التفاصيل عن طرابلس، والمدينة القديمة، ونمط الحياة هناك في تلك الفترة، ما أنتج هذا العمل المميز والغني بالتفاصيل عن ليبيا، وفيما يلي مقال كتبته الروائية لناشرها عن فكرتها لهذا العمل:

المقال:
قبل قرن من الزمان، عندما كانت إيطاليا تحاولُ للمرة الثانية توسيع تمددها الاستعماري، تم ترحيل عدة آلاف من الرجال الليبيين الذين قاوموا الاحتلال الإيطالي. حيث تم شحنُهم إلى جزرٍ صغيرة قبالة سواحل جزيرة صقلية، لقضاء بقية أيامهم هناك. وحتى الآن لا يُعرفُ الكثير عن أولئك الرجال. حيث لم يُحتفظ بقوائم للأشخاص الذين غادروا ليبيا، كما تُوفي عددٌ غير محدد منهم خلال رحلات عبور البحر، ما يجعل من الصعب تقدير عددهم بالضبط. وقد توقفت عمليات الترحيل الجماعي في العصر الفاشي (1922 إلى 1943) عندما حلت مكانها معسكرات الاعتقال الجماعية داخل ليبيا.

وصول العشرات من المنفيين الليبيين إلى جزيرة أوستيكا عام 1911
وصول العشرات من المنفيين الليبيين إلى جزيرة أوستيكا عام 1911

في العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين، تم استخدام جزر فافينانا، وأوستيكا وتريميتي، وليباري كسجون للمعارضين للفاشية، وللمثليين جنسياً، من قبل نظام موسوليني. وعلّق بعض هؤلاء المنفيين المحليين من الطليان على الرجال الليبيين البائسين، وهم يجلسون على قمم الجرف بأرديتهم البيض (جرودهم) الممزقة، ينظرون إلى البحر، ويرنون دائما إلى وطنهم البعيد. أمّا في وطنهم في ليبيا ، فيشار إليهم باسم الأرواح المفقودة على الأراضي الإيطالية.

على حد علمي، لم تتم كتابة أي شيء عنهم على وجه التحديد، ونادراً ما كانوا موضع تحقيق علمي. لقد تم نقلهم فقط إلى الجزر الصخرية المحيطة بصقلية، أو في وقت لاحق إلى صقلية نفسها ، ولم يعودوا أبدًا. لذا أصبحت قصة هؤلاء المرحّلين قسريّا التي لا يمكن وصفها، هي الشرارة التي أشعلت إلى حد كبير فكرة روايتي “الشاطئ الرابع” – مثلما كان الأمر بالنسبة للصمت المحيط بمصيرهم المحزن غير المعروف. الصورة المرفقة بالمقال تبيّنُ وصول بضع عشرات منهم إلى جزيرة أوستيكا في عام 1911 ، وفيها يظهر بوضوح بعض المسؤولين الإيطاليين بلون أسود بينما يجلس الليبيون بلون شاحب، ومثل أشباح على الشاطئ، ما يعزز فكرة أين تكمن السلطة ومن هم السادة، لو كان ذلك موضع أيّ شك.
يتبع…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى