اهم الاخباركتَـــــاب الموقع

شمس على النوافذ رغم الظلاميين

سالم العوكلي

عن دار دارف للنشر أصدرت مؤسسة أريتي للثقافة والفنون كتاب “شمس على نوافذ مغلقة” تحرير خالد المطاوع وليلى نعيم المغربي. ويذكر المحرران في مقدمة هذا الكتب أنه “أحد مشاريع مؤسسة أريتي للثقافة والفنون التي أنشئت في ليبيا عام 2012 والتي سعت منذ تكوينها للمساهمة في دعم وتطوير المشهد الثقافي الليبي ومساندته بتنظيم مشاريع إبداعية مبتكرة”، ويأتي هذا الكتاب الأول من نوعه، الذي يرصد تجارب شبابية إبداعية في بدايتها كنوع من الابتكار في الساحة الثقافية الليبية، ورصد هواجس المواهب الشبابية التي يقدمونها بشكل عفوي إبان هذا التحول الذي يمر به وطنهم، خصوصا أن الشباب الذين تصدروا مشهد هذا الحلم بالتغيير هم من يدفعون الآن ثمن سرقة هذا الحلم، سواء عبر دمائهم وأرواحهم بشكل مباشر، أو عبر ما ألمَّ بهم من إحباط وخوف من المستقبل، وشك في كل القيم التي بشر بها هذا التغيير الصعب. وكما يشير المحرران “أردنا لهذا الكتاب أن يطل كنافذة للمشهد الليبي عامة بتوتراته السياسية والاجتماعية والنفسية خاصة في فترة ما بعد القذافي وتحليلا للوضع الليبي من وجهات نظر أفراده ومخاوفهم المجتمعية الواسعة”.

شارك في مادة هذا الكتاب 14 شابا مبدعا، و11 شابة مبدعة من كل بقاع ليبيا، عبر القصيدة الشعرية والقصة القصيرة والمقتطف من الرواية، وقدمت لهذا الكتاب الناقدة د. فريدة المصري، بالإضافة إلى دراسة نقدية للناقد أحمد الفيتوري. تقول د. فريدة في مقدمتها للكتاب “إن ما استوقفني فعلا لدى قراءتي للنصوص هو تطويع اللغة في خدمة الإشكالات العالقة للوجود الإنساني ، وقد كان الرد بالكتابة من قبل هذه المجموعة من الكُتّاب على الواقع المهتريء، الأمر الذي يجعلنا نعطي لأنفسنا الحق بالفخر والثقة بأن كل شيء سيتغير ويصير إلى الأفضل وفق مخيلة هؤلاء الكتاب والشعراء، لأن كل التغيير الذي نشهده اليوم في العالم كان كلمة وريشة ونغم انبثقت عبر مخيلة عظيمة امتلكها إنسان. إن ما تعجز عن تحقيقه السياسة في عالمنا اليوم يستطيع تحقيقه الفن”.

الخيال كان وسيلة الإنسان الأولى للإجابة عن الأسئلة العصية، والخيال في الفنون هو الحلم المنطلق من رفض الواقع إلى بناء البديل وصياغة المستقبل، ليس خيالا ناتجا عن العجز لكنه خيال نابع من الإرادة، ولأنه تجذيري كم أزعج خيال المبدعين النظم الفاشية التي حاكمت مرارا المخيلة لأنها تدرك أنها حالمة وأن حلمها الأصيل هو تقويض الفاشيات بجميع أنواعها، وربما هذا ما جعل ميلان كونديرا يقول: أن تاريخ أوروبا هو تاريخ الرواية. ومثلما قلنا مرارا وبفخر: الشعر ديوان العرب. الشعر بكل ورعه وحدته ونزقه ورومانسيته مثّل الوجدان العربي ومثّل رسالة كل زمن صوب المستقبل.

ليس وطننا فقط ولكن العالم سينقذه الجمال.

شخصيا أعتبر إصدار هذا الكتاب في هذه المرحلة محاولة لتقديم وجه ليبيا الذي لا يعرفه أحد،

كأنه كان يريد أن يقول للعالم أن ليبيا ليست مجرد سلة رمال، وليست مجرد آبار نفط تتحارب حولها القبائل، وليست مجرد مهربي بشر ومخدرات وأثار، وليست مجرد ميليشيات وعصابات إجرامية وقطاع طرق، وليست مجرد لصوص أنيقون يسرقون المال العام، ليست هذه ليبيا كما تقدم في وسائل الإعلام وفي مواقع التواصل، وكما يتلاكم ممثلوها السياسيون في مؤتمرات وفنادق عواصم العالم ويكيلون الشتائم المقذعة بعضهم لبعض عبر بعض قنوات لا ينطبق تعبير البذاءة إلا عليها، وعبر التلفزيون الموجود في كل بيت.

يريد أن يقول، وعبر الشبان خصوصا، أن في هذه البلد إبداعاً وتعلقا بالجمال، له ذاكرة طويلة وسيكون له مستقبل، وأنه رغم كل شيء لم يمت الحلم ولم يهاجر الجمال ولم يجف الحبر في هذه الأرض، وهل ثمة ما هو مضيء الآن في ليبيا سوى نثرها وشعرها وفنونها جميعا التي تقاوم الخراب والإرهاب والخوف.

تعليق على ما حدث:

مواقع التواصل في معظمها مساطب للنميمة والقذف المجاني، لذلك يجب ألا تكون مؤشراً تتعامل معه المؤسسات الرسمية ببيانات أو برسائل، خصوصا حين يثير المشاكل أناس محدودون يكتبون بأسماء مستعارة ومزيفة، وينزعون الكلام من سياقه ويعطون معلومات خاطئة لينقض الهمج خلفهم بتعليقات عن أمر لا يعرفونه ولم يطلعوا عليه.

حين بدأت ثورة فبراير أعلنت أهدافها الكثيرة ، أما أنا ككاتب فكان لي هدف واحد ، وهو حرية التعبير وإلغاء المؤسسة الأمنية البشعة “رقابة المطبوعات”. لكني اكتشف من خلال ردّها البائس على رئيس اللجنة التسييرية للهيأة العامة للثقافة، أنها مازالت تعمل على قدم وساق، ومازالت تنوي ملاحقة الكتب ومصادرتها، في وطن يدخله السلاح والمخدرات والإرهابيون وسموم الأرض بكل سلاسة. بل ويُستشهد في الرسالة بقانون رقم 76 الصادر في عام 1972 الذي قُتل وسُجن ونُفي بمساهمته معظم الكتاب والمثقفين الليبيين، العام 1973 وما بعده. بل إن بعض من شنقوا في الميادين استخدم المدعي العام بعض ما ورد في هذا القانون لدعم مرافعته ومطالبته بحكم الإعدام.

كان هدفي الوحيد حرية التعبير لأن في ظل هذه الحرية ستتحقق كل الأهداف الأخرى وبدونها كل الأهداف مستحيلة.

هذا الأسلوب الفاشي الذي يعتبر دخول كتاب أدبي أسهم فيه شبان ليبيون موهوبون تسريبا “بطرق غير قانونية”، يتطلب من كل المثقفين والمبدعين الليبيين التحرك من أجل إلغاء هذه المؤسسة سيئة الذكر وقوانينها القمعية، التي استخدمها النظام السابق في مصادرة كل رأي مخالف له، بل استخدمها في قتل وسجن ونفي وإخراس المثقفين الليبيين. إنها مؤسسة ملوثة بدم الإبداع الليبي، وهي جزء من عدة الفاشيات في كل زمان ومكان . والمسرحي وزير الثقافة في الحكومة المؤقتة يعرف كم صادرت هذه المؤسسة، وبالقانون نفسه، من نصوص مسرحية مهمة.

من جانب آخر؛ حين تبعث الهيأة العامة للثقافة برسالة كأنها حررت في مقر لجماعة دينية متشددة، وبناء على هذر كتبه أشخاص في الفيس بوك تحت أسماء مزيفة، فهذا يدل على أن هذه المؤسسة المتطرفة التي “تتحسس مسدس الرقابة كلما سمعت كلمة ثقافة أو كتاب”، لا علاقة لها بالثقافة ويجب أن لا تتحدث باسم المثقفين والمبدعين الليبيين، لأنها تهينهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى