كتَـــــاب الموقع

2011

حمزة جبودة

1

يتوهّم قادة ليبيا اليوم، أنهم يملكون السلاح والثروة، وأن الليبيين والليبيات، لن ينتفضوا في وجوههم، ولن تتوحد كلمتهم في يومٍ ما، بسبب الصراعات السياسية التي صنعتها الظروف القاسية منذ سنوات، والتي أفرزت فيما بعد حكومتين شرقاً وغرباً.

هذا الوهم أو الخطأ الفادح، كلّف منظومة معمر القذافي الذي كان حاكماً مُطلقاً على ليبيا، حياته وحكمه في آن. في لمح البصر، لم يعُد قائدا للثورة أو ملك ملوك أفريقيا، أُحرق كتابه الأخضر وتم اقتحام المكان الأكثر حماية، باب العزيزية. انتهى حُكمه في مشهدٍ سيبقى محفورا في ذاكرة ليبيا لعقود طويلة.

المشهد الجديد من بعده، اختلف تماماً مع أنه استدعى كل أدواته، القبضة الحديدية والتخوين لمن يُخالف، بدأ واضحاً منذ أن تم إقرار قانون العزل السياسي، وتجريم كل من يطعن في ثورة فبراير، تخوين كل من يطالب بدولة طبيعية.

توالت السنوات ودخل بعدها المشهد بثوب “توافقي”، جاء نتيجة لحروب شرسة، ومفاوضات دولية، مشهدا عنوانه “الوفاق”، دخل طرابلس وطمأن أهلها أن مرحلة الشقاء اقتربت من نهايتها.

لم يطرأ على المشهد العام في ليبيا، أي جديد، الأوضاع تسوء أكثر مما كانت عليه، مستوى الخدمات يتضاءل، لا شرق ولا غرب ولا جنوب، لم تسلم أي منطقة في ليبيا من غياب أبسط مقومات الحياة، وكأن قادة ليبيا الجُدد، اتفقوا على معاقبة الليبيين والليبيات، مدعومين بمجموعات مسلحة يطغى عليها طابع الجهوية، في أغلبها.

المحاولات الخجولة التي تظهر في كل مرة، في ليبيا، لإنهاء العبث الكبير، تواصلت ولكن دون أي نتائج ملموسة، مظاهرات، مسيرات، مطالبات، كلها لم تنتصر على القهر، لم تكسب جولة واحدة. وهذا بالطبع، تعود أسبابه، إلى أن الوجع الليبي لم يتوحد بعد، لم يصل إلى درجة أن يكفر بكل الطبقة السياسية وكل الأسماء الموجودة على المشهد الليبي، كل الأسماء كل الأحزاب كل الجماعات، التي دخلت إلى صنع القرار، بعد العام 2011.

2

على قادة ليبيا الجُدد، أن يُجهزوا أنفسهم لكتابة شرف “الاستقالة” أو النهايات المأساوية، وهذه ليست أمنيات، بل واقع بدأ فعليًا، منذ فترة في ليبيا. عليهم تهريب أموالهم التي سرقوها ونهبوها، من خزينة الليبيين، عليهم البحث عن عقارات يشترونها بعيدا عن ليبيا، والخروج بعدها باستقالة “درامية”، والاعتذار لعموم الليبيين: نحن ضحِكنا عليكم باسم الثورة، باسم الوطن، باسم العمليات العسكرية، باسم الدين باسم التاريخ باسم عمر المختار، باسم النضال ومعارضة القذافي، باسم كل شيء تلاعبنا فيه لأجل الضحك عليكم.

3

لم ينتبه أحد من قادة ليبيا الجُدد حتى الآن، من الحراك الذي يشهده لبنان والعراق تحديدا، الدول التي تُشبه ليبيا، ينتفض أهلها لأول مرة، في وجه الطبقة السياسية بكل أطيافها الفكرية والدينية، في لبنان، أُطلق شعار “كلن يعني كلن”، لم تستثنِ طرفا أو جهةً معينة، في مشهد أقرب للعام 2011، حين بدأت الاحتجاجات في مصر ومن ثم تونس وبعدها ليبيا، مشهد سيكون علامة فارقة في تاريخ مستقبل الطبقة السياسية في ليبيا، وسيُعلن على كل حال، وإن تأخر بعض الوقت، بداية النهاية، للاتفاقيات السياسية.

كل ما يحدث، لم يكن نتاجاً للصدفة، بل نتائج طبيعية لمجتمعات تعيش واقعاً غير طبيعي، مثل ليبيا، التي مازالت تعيش في العام 2011، لم تتخلص منه، بسبب الأوصياء على فبراير، الذين مازالوا يُرددون مفردة “الأزلام” و”الطحالب”، دون أن يسألوا أنفسهم ولو مرة واحدة: ماذا قدّمتم لهؤلاء؟ لا شيء، مارستم عليهم كل أنواع القهر. أنتم فشلتم حتى في صناعة العدو الجديد لكم، لم تُقدّموا شيئًا، ولن تقدموا شيئًا.

4

قد أكون حالمًا أو ما كتبته مُجرّد أمنيات، ولكن الحقيقة التي يجب أن نفهمها، أن الليبيين والليبيات، أوشكوا على فهم اللعبة الكاملة، وهذا ما سيُعجّل بالنهايات المأساوية، التي اقترب موعدها، وبدأت فعليًا، بداية النهاية للعام 2011 في ليبيا!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى