كتَـــــاب الموقع

يا “بنت”.. هذا الموت لا يشبهك

مروان العياصرة
_________________

يا بنت..
لا تصدقينا إن قلنا إن “البرد” هو القاتل الجريء
ثمةَ “قتلة” أكثر جرأة، ودمهم أكثر برودة من ثلج “سيدي الحمري” .. نعرف البرد جيدا، ومرت علينا سنوات رضع الصغار بردها وهواءها الحاد من ضروع الغيم وما ماتوا..
لا تصفحي عنا جميعا وعنهم..
لكن وأنت هناك، حين يمرُّ البرد على ترابك الناعم والطريّ يقرؤك السلام ويطلب الصفح، اصفحي عنه، كان بريئا جدا، لا حاقدا ولا منتقماً، ولا خائنا لبراءتك ولا قاسيا أمام ذبول عينيك واترجاف جسدك النحيل، ولا ذنب له أن جاء موتك هكذا لا يشبهك..
تحسسي جدران القبر، البرد هناك أيضا، هل يؤذيك..؟، حتما لا، إنه ودود إلى درجة كبيرة، لكن الذين ينفخون على المصابيح والمدافئ ليطفئوها – وقد فعلوا – هم الذين لا ترتجف لهم “شعرة” في رؤوسهم وهم يكتبون مواعظهم السياسية على منابر المدن الموعودة بالخلاص..
..

صار الموت يا “بنت” في بلادنا “أحجية”..
يأت على صورة رجال عيونهم فوهات بنادق، أو على هيئة “عتمة” تحط رحالها على عتبات البيوت الشاحبة، موت يستطيع أن يلوي أعناق الريح، دون ان يستريح..
لا تصدقينا ونحن نوزع براميل النفط .. كـ “علب البيبسي” على طاولات الحوارات، ولا تصدقينا ونحن نقول لك – وقد ذهبت – الغد أجمل.. ربما غدك وحدك هو الأجمل، أما نحن.. ففي رؤوسنا مواويل كثيرة لا نحسن غناءها على أوتار مقطوعة..
سامحينا..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى