أخبار ليبيااهم الاخبار

وينر: نظام القذافي “شاذ”.. وداعش ليبيا كان قريبا من “أوروبا”

218TV.net خاص

أدلى المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا جوناثان وينر بشهادة خاصة حول الأوضاع في ليبيا خلال جلسة استماع أمام اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية لمجلس النواب الأميركي، إذ لفت وينر إلى أنه خلال عمله في ليبيا كانت السياسة المُتبعة تتركز على دعم قدرة الليبيين لتمكين “حكومة مُوحّدة وقادرة” لتقضي على تنظيم داعش، وأن تحقق في الوقت نفسه مطالب الليبيين في الأمن، والاستقرار الاقتصادي، والحاجات الإنسانية الأخرى.

وبحسب وينر خلال جلسة الاستماع في وقت متأخر أمس الأربعاء فإن ليبيا بعد 42 عاما من حكم القذافي الشاذ، وبعد 5 سنين من تخلص البلاد من قيودها حققت ليبيا بعض الأهداف، ولكن ليس بما فيه الكفاية، ولم تقدم المؤسسات التي انبثقت بعد القذافي الاستقرار، والفرص الملائمة للشعب الليبي، لكنها حققت بعض التقدم في مجال مكافحة الإرهاب؛ ولا يزال لديهم الفرصة لتشكيل حكومة انتقالية وطنية أكثر فاعلية. ليبيا بحاجة إلى التحرك إلى الأمام في هذين الاتجاهين وهما مكملان لبعضهما. منذ توقيع اتفاق الصخيرات كانت حكومة السراج شريكا ثابتا للولايات المتحدة وللمجتمع الدولي ضد داعش.
ولفت المبعوث الأميركي إلى ليبيا أيضا أنه قبل عام من الاتفاق السياسي كان داعش يحتل نحو 150 كيلومترا من الساحل الليبي حول مدينة سرت وهي على مرمى حجر من جنوب أوروبا، لكن بعد عام تبدو الصورة مختلفة تماما، وهذا بفضل القوى الموالية لحكومة الوفاق الذين تلقوا دعما قويا من الطيران الأميركي الذي نفذ أكثر من 450 غارة جوية، وبفضل التعاون المهم من شركائنا الليبيين لا يحتل داعش الآن سوى عدة مبانٍ في سرت.

 

الجيش الوطني بنغازي
يقول وينر في الكونغرس: في بنغازي في الشرق الليبي، تتم هزيمة داعش ومطاردة جماعات إرهابية أخرى، وكل هذا بفضل جنودٍ ليبيين شجعان أيضا. .هكذا رأينا جنودا ليبيين في مناطق مختلفة من البلاد، ويتبعون جهات مختلفة لها توجهات متباينة يتصدون للإرهاب. فقد كان تنظيم داعش يتواجد بقوة وكثافة في كل ليبيا.
عن داعش يقول وينر: الانتصارات ضده حقيقية، لكن يمكن أن تنعكس وتفشل إن لم يتواجد الليبيون في حكومة الوفاق ومساعدتها للعمل من أجل ليبيا، وأن يتحدوا ضد العدو المشترك للجميع. هذا ينطبق على حكومة الوفاق الحالية، وينطبق أيضا على الحكومة المقبلة التي ستتشكل في العام القادم أو في بداية 2018. وإذا ما اختار الليبيون الاستمرار في محاربة بعضهم فهم يخاطرون بعودة تنظيم داعش وجماعات إرهابية أخرى إلى ليبيا من جديد.
عن مستقبل التصور الأميركي لليبيا يقول وينر: نحن نعمل حاليا على تحقيق دعم أوسع لمسار سياسي يقود إلى الأمام لتشكيل حكومةٍ أكثر كفاءة. وبناء جيش نظامي أكثر حرفية. ولا نرى أي حل عسكري للانقسام السياسي الحالي في ليبيا. فالحل الأمني المستدام يحتاج إلى حل سياسي مستدام. كذلك نعمل مع شركائنا الليبيين لضمان تدفق النفط واستقرار الاقتصاد الليبي.
وبشأن الإنتاج النفطي الليبي قال وينر: إذا ما تمكنت ليبيا من العودة إلى إنتاج مليون برميل نفط في اليوم من 1.6 كانت تنتجها من قبل، فهذا يمكن أن يوفر لليبيين الأموال التي يحتاجونها من أجل الغذاء ، والصحة، والتعليم، والأشياء الضرورية الأخرى. أيضا الاقتصاد المستدام يحتاج إلى حل سياسي مستدام، والاستمرار في حوار معمق لتأمين الوصول إلى هذا الحل المستدام سيكون أمرا مهما للغاية.
ثم أجاب واينر على أسئلة أعضاء اللجنة المختلفة.

 

معارك سرت
س: طُلب منه تعداد المنظمات الإرهابية العاملة في ليبيا، ومدى قوتها، وأهدافها؟
وينر: هناك 4 جماعات كبيرة مصنفة كإرهابية يجب التركيز عليها، وهي ليست القائمة الكاملة، فهناك مجموعات مختلفة تعمل في الداخل الليبي. الأربعة هي تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية في ليبيا (داعش) وكانت هناك تقديرات مختلفة لقوته العددية تتراوح بين 3000 إلى 6500، وقد قُتل منهم المئات في معركة سرت يصعب تقديم رقم دقيق لعدد قتلاهم. لا علم لدي بالأعداد المتبقية في ليبيا منهم لكن يُعتقد أنهم أقل من 3000، ويلزمكم استدعاء المتخصصين في جلسة مغلقة للحديث حول هذا الموضوع.
المجموعة الثانية هي (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) وهي موجودة في رقعة ضيقة جدا في بنغازي، ويكاد يُقضى عليها هناك، ومن غير الواضح كم ستستغرق من الوقت في التمسك اليائس بآخر مقر أو اثنين تحتلهما، ومن المحتمل وجود خلايا أخرى للقاعدة في أجزاء أخرى من ليبيا.
ثالثا: هناك جماعات تطلق على نفسها (أنصار الشريعة) إحداها في درنة، والأخرى في أقصى غرب ليبيا وتسمي نفسها أحيانا بأنصار الشريعة/تونس. وكانت مسؤولة عن بعض الهجمات في تونس مثل متحف باردو، وشاطئ سوسة.
المجموعة الرابعة: تُدعى المرابطون ( نتجت عن اندماج حركة الوحدة والجهاد في غرب أفريقيا، مع كتيبة الموقعون بالدم) تمركزهم أساسا في الجزائر، لكنهم يتحركون بسهولة إلى ليبيا وإلى دول أخرى في الجنوب. هذه هي الجماعات الإرهابية الرئيسة، وما دون ذلك لدينا عدد هائل (استخدم تعبير غالاكسي أي مجرة) من المليشيات التي لها ارتباطات مختلفة، بعضها تختلف وتتصارع مع مليشيات أخرى، أو تشتبك مع وحدات الجيش. وقد تعقّد الوضعُ في بنغازي بسبب وجود هذه الجماعات بانتماءاتها المتباينة.
س: حول الانتقاد الذي وُجه إلى إدارة بوش السابقة لتصرفها في العراق بعد الإطاحة بصدام حسين، ولماذا فشلت إدارة أوباما في التعلّم من أخطاء سابقتها؟
وينر: في العراق وفي ليبيا تواجد نظامان دكتاتوريان لفترة طويلة، حيث تعمل المؤسسات المختلفة بناء على توجيهات الزعيم فقط. وبالتالي لم تعمل هذه المؤسسات بكفاءة بعد غياب القائد المستبد. المؤسسات التي يتركها الدكتاتوريون وراءهم تظل متخلفة للغاية. في ليبيا كانت هناك بعض مؤسسات تكنوقراطية تعمل بكفاءة نسبية تحت حكم القذافي ولا تزال إلى حد ما، وهي المؤسسة الوطنية للنفط، والمصرف المركزي، والمؤسسة العامة للاتصالات والبريد. لكن المؤسسات السياسية لا تعمل، فليس هناك آلية متفق عليها لتوزيع السلطات، وكل شخص يريد أن يكون هو من يتخذ القرار، والخلافات لا تتوقف، والحوارات لا تنتهي، ومحاولات الوصول إلى توافق بين المناطق المختلفة والقبائل المختلفة والأحزاب والأيديولوجيات المختلفة أمر صعب. والدرس الذي وعيناه أنك إذا قررت التدخل في بلاد أخرى، يجب القيام بذلك بكل حذر، وأن تتوقع المخاطر، وألا تتخلى عن مبدأ الشكوكية، وأن تراجع باستمرار خطة ما قبل وأثناء وما بعد عملية التدخل. ستحتاج أيضا إلى التعاون اللصيق مع دول الجوار ودول المنطقة وهو أمر مهم. فالقوى المناطقية قد تدعمُ جماعات معينة في الداخل لتحقيق مصالحها. وهذا التعاون هو ما عملنا عليه لتحقيق الاستقرار في ليبيا.
س: حول العلاقة مع مصر وحكومة السيسي، وعلاقتنا المتوترة السابقة مع مصر، ومدى تأثير مصر على المنطقة وعلى الوضع في ليبيا؟
وينر: مصر لاعب مهم في هذا الشأن، وهي تريد ليبيا مستقرة وآمنة، وأميركا عملت مع كافة دول المنطقة لتحقيق الاستقرار في ليبيا واقتنعنا جميعا بضرورة وجود حكومة فاعلة إلى جانب قوات أمن يعملان معا بصورة مستدامة، وأن هذا يتطلب أن تكون الحكومة شاملة للجميع، وليست من الشرق أو من الغرب فقط. وقد حصلنا على دعم مصر للاتفاق السياسي، هناك بعض الخلافات البسيطة، فليبيا تريد تشكيل جيش قوي، وهذا ما نريده أيضا، ولكن يلزم أن يكون هذا الجيش من البلاد كلها، وأن يكون تحت سيطرة السلطة المدنية.

س: ذكرت أنصار الشريعة في بنغازي، ونعرف أننا قبضنا على أحد قيادييها، هل قمتم بأي جهود لجلب الباقين إلى العدالة؟
وينر: وكالة (اف بي آي) تقوم بجهود كبيرة في هذا الشأن، وإدارة أوباما مع وزارة الخارجية لا تتأخر في تقديم المساعدة في هذا الشأن. وأحد أهم الأشياء عندما تشكل المجلس الرئاسي هو حديثي مع بعض أعضائه حول هذه القضية وأكدوا لي أنهم يهتمون بها كثيرا. الليبيون كانوا يعرفون كريس ستيفنز معرفة جيدة، وكانوا يحبونه. إن حسم هذه القضية مهم جدا لمستقبل البلدين، والإدارة طاردت قادة الإرهاب في ليبيا وقد قتلنا أميرا لهم في درنة، وقتلنا عددا كبيرا منهم في صبراتة.

س: عدد الجماعات المختلفة التي تتعاون معها الولايات المتحدة في ليبيا، أهدافها، وشكل الدولة التي تسعى الجماعات إلى تكوينها ، ديموقراطية تعددية، أم إسلامية تحكمها الشريعة؟
وينر: أغلب الليبيين يريدون وطنا مستقرا، ومزدهرا، ويسوده الأمن. يريدون عيشا كريما مثل أي شعب غيرهم في العالم. هذا عن الناس، لكن الجانب الأصعب هم الزعماء السياسيين، فمن الصعب جمعهم على حل وسط، والاتفاق على تشكيل حكومة موحدة مبنية على المصالحة الوطنية. الليبيون الذين تعاونا معهم في سرت رفضوا تهديدهم من قبل منظمة أجنبية إرهابية ووحشية (داعش).
في بنغازي وقبل مجيء قائد الجيش السابق الجنرال حفتر، اتسمت المرحلة بتنفيذ اغتيالات عديدة أثرت على كل المجتمع المدني وعلى حياة كافة الناس… الهدف الآن هو جلب القوى التي دعمناها في الغرب الليبي، والقوى التي تمكن الجنرال حفتر من تجميعها في الشرق، إلى جانب قوات أخرى في الغرب كانت تنتسب للجيش الليبي سابقا لتشكيل جيش ليبي موحد ومنظم وغير مؤدلج، ليست له أية ارتباطات سياسية، يكون هدفه استقرار ليبيا وجعلها آمنة، وأن يعيش الناس حياة وادعة وفي أمان. ولهذا يلزم أن يكون هناك اتفاق سياسي محكم، وقد عملنا ولا زلنا على تحقيق هذا الهدف.

س: هل تسعون لإقامة أنموذج مشابه لما هو موجود في مصر؟
وينر: لن أسميه أنموذجا مصريا، بل يجب أن يكون ليبيا. نرى أن الليبيين بحاجة إلى تكوين قيادة مشتركة للدفاع، ويتعاونون مع بعضهم بشكل ما، ويكون لها رئيس ما. مصر كانت دائما لها قيادة تنبع من القاهرة منذ آلاف السنين، ولديهم تقاليد عسكرية عريقة من بداية القرن العشرين. لكن ليبيا لا تحظى بهذه الميزة، وبها انقسام وتنوع جغرافي أكثر. فقد قامت جماعات ليبية مختلفة بإقفال أنابيب وآبار النفط لتحقيق مصالحها وفي ما يشبه الابتزاز.

س: هل يمكن تشكيل حكومة فاعلة ولديك عقلية قبلية مسيطرة على أغلب البلاد؟
وينر: بعد سقوط الدكتاتورية تكون الأمور صعبة في كل مكان. أعتقدُ أن الليبيين لا يحبون من يملي عليهم شروطه من الخارج، كما لا يحبون أن يملي عليهم ليبيون مثلهم الشروط. هم يفضلون الحديث مع ليبيين مثلهم بدون هيمنة من الأجنبي. مثلا إحدى الأسباب لهزيمة داعش بسرعة، هو أن ليبيين متطرفين كانوا قد سمحوا للتنظيم بالبقاء في درنة، ثم ثاروا عليهم ولم يرضوا بأن يتحكم فيهم أشخاص قدموا من العراق وسوريا ودول أخرى.

س: إذا ما تحالفنا مع مليشيات مختلفة لدحر داعش، ألا نكرر الخطأ نفسه في أفغانستان؟
وينر: هدفنا ليس التحالف مع أي مليشيا، بل مساعدة الليبيين على اللقاء معا، ولتشكيل قوات موحدة، وهذا قد يكون صعبا ولكن ليس مستحيلا. كان من الصعوبة بمكان في عام 2015 تشكيل إطار سياسي لمحاولة لم شمل الأطراف، ونجحنا في ذلك بمعاونة شركائنا والأمم المتحدة. الهدف الآن هو إبقاء الليبيين معا ومتماسكين حتى موعد الاستفتاء على الدستور، وإجراء انتخابات، وعندها قد تخطو البلاد إلى الأمام. لكن إذا فشلت مؤسسات البلاد سيكون الأمر مروّعا لليبيين ولن يكون جيدا للأطراف الأخرى.

س: هل ترى شخصا قويا يمكن انتخابه لقيادة البلاد؟
وينر: لا نؤمن إطلاقا بأن أي شخص يمكنه توحيد البلاد عن طريق القوة. وكل شركائنا يؤمنون بذلك، وأن الأفضل هو محاولة تقريب الأطراف معا.

س: كيف كان الاقتصاد أيام القذافي، وكيف هو الآن؟
واينر: القذافي كان له مكامن قوة ومواطن ضعف. كان الاعتماد بالكامل على النفط باستثناء بعض الموارد البسيطة الأخرى. بعد الثورة أعادوا إنتاج النفط إلى مستوياته السابقة وانخفاضها الآن هو لأسباب سياسية وليست فنية. داعش دمر بعض المنشآت التي يمكن إصلاحها، وإذا توصل الليبيون إلى اتفاق سياسي بإمكانهم العودة إلى إنتاج نحو 1.3 مليون برميل يوميا وسيكون وضع البلاد جيدا. وعندما تقفل جماعات مختلفة أنابيب النفط سيكون هذا مثل مرض السرطان في الجسم/ سيضر الجميع.
يجب أن يكون هناك توزيع عادل للثروة. القذافي كان حاذقا في هذا المجال. لم يكن عادلا تماما، لكن كان هناك تعليم مجاني، ورعاية طبية رخيصة، وخدمات رخيصة. طبعا كان هناك تهميش لبعض المناطق وهو ما لعب دورا مهما في إشعال الثورة.
يتعين على الليبيين إعادة ضخ النفط لمعدلاته الطبيعية للحصول على العائدات التي يحتاجونها بشدة ويوزعونها طبقا لمخرجات الاتفاق السياسي، ونحن نعمل فعلا على هذا. حاليا يتم إنتاج نحو 440 ألف برميل، لكن بإمكان أي شخص أن يقفل المحابس ويوقف ضخ النفط.

س: هل هناك منظومة اتصالات فاعلة؟
وينر: ليست بالكفاءة التي يجب أن تكون عليها بسبب توقف الاستثمار فيها، وحاول تنظيم داعش تخريبها في مناطق مختلفة.
نعمل مع الليبيين على تفعيل الاتفاقات السياسية التي يتوصلون إليها في مجال الاقتصاد مع كل من البنك الدولي ووزارة المالية الأميركية.
من خلال خبرتي السابقة في أميركا اللاتينية تحتاج الأمم التي تحدث فيها الاضطرابات بعد سقوط الدكتاتور إلى نحو 10 سنوات قد تزيد لتستعيد تماسكها من جديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى