اهم الاخباركتَـــــاب الموقع

وظيفة الأحلام

عمر أبو القاسم الككلي

بغض النظر عن طبيعة الأحلام، ومصادرها، ودلالاتها، وتفسيراتها النفسية أو التراثية، المختلفة، فإن للأحلام وظيفة مهمة.
تتمثل هذه الوظيفة في حماية نوم النائم من الانقشاع جراء الإزعاجات التي تجري في محيطه الملاصق.
فإذا قرع أحدهم الجرس أو طرق الباب أو ناداك، أثناء نومك، تلتقط غرفة الأحلام هذا وتحوله إلى وقائع حلمية كي تبقيك نائما. وإذا لم تنل كفايتك من النوم وحان وقت استيقاظك للذهاب إلى الدراسة أو العمل تحلم أنك ذهبت إلى دراستك أو عملك. الحلم يريد أن يقول لك في الأمثلة الأولى: ها أنت في قلب الحدث. ويريد أن يقول لك في الأمثلة الثانية: لا تكترث!. لقد ذهبت إلى دراستك أو عملك.
أنا كنت من الأطفال الذين استمر لديهم التبول اللا إرادي أثناء النوم إلى فترة متقدمة، حتى عمر إحدى عشرة سنة، تقريبا (هذا إذا ما منعني الخجل من الإشارة إلى الحالات النادرة التي حدثت في عمر أكثر تقدما!).
كان ذلك أمرا مزعجا لأسرتي، ولي. إذ كانت أمي تحرص على أن أتبول قبل النوم مباشرة، وأحيانا توقظني من نومي طالبة مني الذهاب إلى التبول. إضافة إلى أنه كثيرا ما كان يتم تعييري بذلك من بعض أفراد الأسرة. لقد كان مجرد وضع فراش معين تحتي يحجز البول عن بقية الأفرشة والأغطية أمرا مهينا، فنشأ لدي وقتها خوف شديد من التبول وأنا نائم حتى صرت أنهض في مرات متقاربة قبيل النوم وأخرج إلى الظلام المليء بالأغوال والعفاريت (كما علمونا) كي أتبول. حتى أن أمي أشفقت عليَّ مرة قائلة:
مسكين وليدي، ينزِّل فيهم بالقطرة!.
لقد أسهم حرص الأحلام على تأدية مسؤوليتها في حراسة نومي في حالتي هذه إلى حد كبير. ذلك أنني كنت أحلم أنني أتبول، فينساب البول مني حرا لتوقظني سخونته، أحيانا، بعد أن يكون ما بقي في مثانتي أقل بكثير مما خرج منها.
إلى الآن لديَّ نوع من فوبيا التبول أثناء النوم، فأحرص على الذهاب إلى الحمام عندما يبدأ النعاس في إغماض جفنيَّ.
لكن الأحلام أصبحت تحافظ على نومي، وتحميني، في نفس الوقت، من التبول أثناءه، بآلية غريبة.
صرت كثيرا ما أحلم أنني محتاج إلى التبول، وبدلا من أن تسهل لي الأحلام ذلك، أذهب إلى الحمامات (هناك حمامات كثيرة في مثل هذه الأحلام) فأجدها جميعها مشغولة أو مقفلة أو غير صالحة للاستخدام، إلى أن أستيقظ.
وبذا تكون الأحلام قد أدت وظيفتها وأسدت لي ثلاث خدمات: منحتني فرصة أطول في النوم، واحتفظت بمثانتي ممتلئة إلى أن أفرغها في يقظتي في المكان المناسب، وحفظت لي ماء وجهي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى