المرأة

“وريدة” تروي ذكرياتها في سوق الحشيش

خلود الفلاح

تنطلق الروائية الليبية عائشة بازامة في روايتها الصادرة حديثا “وريدة”، من حي سوق الحشيش في مدينة بنغازي فترة الخمسينات والستينات. من خلالها حاولت اقتفاء وتوثيق تاريخ تلك الفترة بأماكنها وشخوصها وعاداتها وطقوسها.

وتلفت بازامة إلى أن الرواية تقع ضمن الإطار التاريخي مكانًا وزمانًا، في محاولة للتركيز على ملامح المكان في تلك الفترة وكذلك النبش في تاريخ وسير بعض الشخصيات، واستخدام أسلوب سردي يمتاز بلغته البسيطة والثرية.

الرواية حافلة بأسماء شخصيات رياضية وأدبية وفنية. وهنا أوضحت عائشة بازامة أن حي سوق الحشيش كان هو المركز ونقطة ازدحام في بنغازي، ومن البديهي أن يعج بكل الطاقات والمواهب والشخوص بمختلف توجهاتها، ولا شك في البداية واجهتني صعوبة في اختيار الشخصيات التي ستلعب دورا في مسار الأحداث.

ونسألها، في روايتك المكان واحد وهو حي سوق الحشيش، هل مكنتك اللغة من وصف علاقتك بهذا المكان الذي ولدت وعشت به؟ فكان ردها: أرجو أن أكون قد وفقت في توظيف كلماتي بما ينتج رواية عن مكان واحد. حاولت السرد بما مكنتني لغتي، وجدت صعوبة، أحيانًا، حينما يمتد الزمن فأحاول أن أقبض عليه وأطلب من لغتي أن تساعدني في تمديد فترة الحكي وحين أعجز أسترح من الكتابة لحين آخر، المكان مكتظ ولهذا لم تخني لغتي حيث الصور تتقافز أمامي والمطلوب ترجمتها على الورق. في روايتي سرد جماليات المكان أسهل من السرد في اقتحام الزمان.

ترفض عائشة بازامة ما يقال حول وجود حاجز ضبابي بين سيرتها وسيرة بطلة الرواية وريدة.

وتضيف: “ليست لسيرتي الذاتية من شيء في هذه الرواية إلا المكان، هذا المكان الذي هو مسقط رأسي وعشته بآماله وعذاباته وحيويته وشقائه، وبالمناسبة أنا أكتب سيرتي الذاتية وقد تنشر يومًا ما”.

تقول عائشة بازامة: ما شجعني على كتابة هذه الرواية هو رؤيتي لذلك المكان بعد أن زرته في أواخر التسعينيات ووجدت الاعتداء على خارطته وعلى حيوية جغرافيته ومعالمه الموروثة تاريخيًا، أما الآن فحدثي ولا حرج، فقد تجهم وجه المكان كما معالم أخرى في بنغازي نتيجة المعارك التي لم ترحم الماضي والحاضر.

الشعر والرواية

وتشير عائشة بازامة، إلى أنها لم تترك الشعر لصالح الرواية، بل كان لكتابة الرواية أن تمدها بالكثير من الإيحاء الزمكاني الذي استأنسته في كتابة قصائد جديدة.

وترى أنه لا خطر على مستقبل الرواية في عالم يمضي نحو ثقافة الصورة. وتضيف: “رغم أن وتيرة العالم سريعة، لكن المتلقي في هذا الخضم يبحث عن منفذ للراحة والاستلقاء فلا يجدها إلا في كتاب مشوّق أو رواية رومانسية تعيد له هدوءه واستقراره النفسي، لهذا تلاحظين أنها أكثر تداولاً على وسائل الاتصال وأكثر مبيعاً في المكتبات، لا خوف على الرواية من العالم الرقمي مستقبلاً فهي المتنفس، في خضم متابعتي للمشهد الأدبي الرواية هي أقوى مزاحم للتقنية الصادرة عن ثقافة الرقم والصورة”.

وتحدثت عائشة بازامة عن مصطلح الكتابة النسوية. هو مصطلح ذو حدين، له جانب يسلط الضوء على الكتابة عند المرأة ويكون كجرس تنبيه عن الكاتبات فيثير البحث والتنقيب والنقد.

أما إطاره السلبي؛ غهو تأطيره ووضع شروط للتسلل إليه عن طريق رؤية ظلامية لتأكيد انزوائه في ركن من المشهد الثقافي، وشتان بين تأويل هذا المصطلح في هذين التفسيرين.

 

زر الذهاب إلى الأعلى