أخبار ليبيااهم الاخبار

هل ينجز الطيران وحده مهمة القضاء على داعش ليبيا؟

ترجمة خاصة لـ(218)

نشرت مؤسسة “جيمستاون فاونديشن”، التي تُعنى بمراقبة الإرهاب في العالم.. تقريرا تحت عنوان “هل ينجز الطيران وحده مهمة القضاء على داعش ليبيا؟”، جاء فيه:

في الأشهر الأربعة الأخيرة من عام 2017، استأنفت الولايات المتحدة قصف أهداف لتنظيم داعش في ليبيا. وفي 24 سبتمبر 2017، أعلنت القيادة الأمريكية (أفريكوم) أنها شنت غارات جوية على معسكر تدريبي تابع للتنظيم في 22 سبتمبر، ما أسفر عن مقتل 17 مسلحا، وذكر إعلان “أفريكوم” أن معسكر التدريب الذي يقع على بعد 240 كيلومترا جنوب شرق مدينة سرت قد أصيب بـ”ضربات دقيقة” بواسطة قاذفات “بى – 2 و ريبر درونيس”. كما أكد أن الجماعة الإرهابية تقوم بتخزين الأسلحة في المخيم، واستضافة مقاتلين أجانب، وتخطيط المزيد من الهجمات في ليبيا وأماكن أخرى.

وتبع ذلك هجوم آخر بسرعة. في 26 سبتمبر على بعد 180 كيلومترا جنوب شرقي مدينة سرت، أدى إلى مقتل عدد أكبر من مقاتلي داعش، وفي الآونة الأخيرة، في 17 و19 نوفمبر قام الجيش الأمريكي “بضربات دقيقة” بالقرب من مدينة الفقها، جنوب سرت مباشرة ولم تبلغ فريكوم عن أي إصابات.

قبل ضربات سبتمبر حدثت آخر غارة جوية أميركية في ليبيا في 19 يناير 2017، وهي آخر يوم كامل كان فيه الرئيس السابق باراك أوباما في منصبه. وأصابت تلك الضربة، التي تستخدم قاذفات من طراز B-2، معسكرا لتدريب داعش جنوب سرت، ما أسفر عن مقتل ما يقرب من 80 مقاتلا.

استعداد إدارة أوباما للقيام بالتدخلات العسكرية في بعض الأحيان في ليبيا، واستعداد إدارة ترامب لمتابعة هذا الدور، يعكس الجدية المتزايدة للتهديد الأمني المنبعث من البلاد.

ومع انتهاء ما يسمى ب “الخلافة” في العراق وسوريا، فقد وفّرت ليبيا ملاذا جذابا للفارين من تنظيم “داعش”. وقد ازدهرت الشبكة المتطرفة ونظمت هجمات إرهابية متزايدة في الداخل والخارج، بينما كانت تدير مؤسسة إجرامية مزدهرة تهريب أشخاص يفترض أنهم يفرون من سوريا إلى أوروبا.

داعش ليبيا

في تقرير صدر في فبراير / 2016 ، أفاد مدير المخابرات الوطنية آنذاك جيمس كلابر أن تنظيم “داعش” في ليبيا هو أحد أكثر فروع المجموعة نموا خارج سوريا والعراق. بعد تصريحات كلابر، اتخذت إدارة أوباما خطوات لتقليل تهديد تنظيم داعش المنبثق عن ليبيا. ونفذت عملية فجر الأوديسا من 1 أغسطس إلى 19 ديسمبر 2016، في حملة جوية شملت 495 ضربة دقيقة لدعم القوات العسكرية الموالية لحكومة الوفاق الوطني نتج عنها طرد داعش من مدينة سرت.

كانت السيطرة على سرت والمنطقة المحيطة بها ذات أهمية استراتيجية حاسمة بالنسبة للبلاد. حيث يحتل حوض سرت المرتبة 13 بين المناطق النفطية في العالم. وهو يحتوي على 80 في المائة من احتياطي النفط في البلاد والعديد من آبار النفط الرئيسية. يوفر الحوض الموارد اللازمة لدعم معظم القوات العسكرية التي تقاتل في المنطقة.

ومن خلال حرمان تنظيم داعش من سرت، نجحت إدارة أوباما في تقليص قدرات الجماعة، على الأقل مؤقتا. ومع ذلك، فإن مقاتلي التنظيم نقلوا قاعدتهم إلى المناطق الريفية والمناطق المجاورة إلى الجنوب التي لا تتمتع فيها أي من الحكومات الوطنية المتنافسة – الوفاق الوطني ومجلس النواب – بسلطة فعالة. وبدون سلطة سياسية واضحة، أصبحت هذه المناطق ممرا للمهربين والجهاديين والمهاجرين.

استفاد داعش من هذا الفراغ في السلطة لإعادة بناء هيكله التشغيلي واستعادة قدرته التنظيمية. وفي عام 2017، بدأ التنظيم انطلاقا من قواعد عملياته الجديدة، جهدا لاستعادة سرت فأعلن عن وجود قوي في مدينة النوفلية، إلى الشرق من المدينة، وحتى ديسمبر 2017، كان يسيطر على منطقة تمتد إلى الجنوب مثل ودان في وسط ليبيا.

أحد التقديرات من قبل إبراهيم مليطان، قائد الأمن في سرت، هو أن التنظيم يعمل في مساحة 40000 كم مربع المحيطة سرت وقد أفاد السكان المحليون وقوات الأمن عن رؤية مقاتلين يقومون بدوريات على الطرق الساحلية كما قتلوا الذين ساعدوا الجيش الوطني على طردهم من سرت.

إن تزايد نشاط داعش، والتهديد المتزايد من المجموعة باستعادة سرت، هو ما دفع الولايات المتحدة لاستئناف الضربات الدقيقة. لكن لسوء الحظ، يبدو أن أحدث الضربات الجوية قد عززت من قوة التنظيم في ليبيا. حيث قامت المجموعة بتعبئة خلايا نائمة فى المدن المحيطة بسرت و في 4 أکتوبر فتح مسلحون من داعش النار خارج مجمع المحاكم في مصراتة ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة 41 آخرین وفي ديسمبر 2017، اعتقلت قوات الحكومة الليبية خلية أخرى لداعش في درنة بعد محاولة اغتيال معز الطشاني.

داعش

وعلى الرغم من هذه الحوادث، ليس هناك ما يشير إلى أن الولايات المتحدة تعتزم تصعيد مشاركتها في ليبيا. وردا على سؤال حول السياسة الأميريكية تجاه ليبيا في أبريل الماضي، قال الرئيس ترامب: “لا أرى دورا للولايات المتحدة في ليبيا. وأعتقد أن الولايات المتحدة لديها الآن أدوارا كافية … أرى دورا في التخلص من داعش، نحن فعالون جدا في هذا الصدد … أرى أن ذلك دور أساسي وهذا ما سنفعله، سواء كان ذلك في العراق، أو ليبيا أو في أي مكان آخر.

ومن غير الواضح ما إذا كان مجرد الاستمرار في الاستغناء عن الضربات الجوية في بعض الأحيان، التي تدعمها أحيانا القوات التابعة لحكومة الوفاق، سيحقق هدف السياسة المعلن المتمثل في “التخلص من” داعش. بعد كل شيء، فأهم إنجاز لهذا النهج هو إجبار مقاتلي داعش على الخروج من سرت، وحتى الآن فهو معرض لخطر الانهيار.

على وجه الخصوص، يبدو من المشكوك فيه أن يتشتت تأثير داعش إلى أن تتمكن الحكومة الليبية من توطيد السلطة الفعلية في المناطق الوسطى والجنوبية من البلاد. وكما قال جلال الشويهدي، عضو مجلس النواب “إن هزيمة داعش لن تحدث دون توافق حقيقي بين السياسيين، ونحن بعيدون عن تحقيقه”

لسوء الحظ، لا يبدو أن السياسيين الليبيين يتحركون نحو المصالحة. رغم إعلان قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر أن الاتفاق الذي هو أساس المصالحة السياسية الوطنية، لم يعد صالحا للعمل به. وفي اليوم التالي، أصر رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج على أن “الاتفاق ما زال قائما”، وقد أيده في ذلك هاشم بشر، أحد القادة الرئيسيين المؤيدين لحكومة الوفاق وإن اشترط أن تكون هناك انتخابات في عام 2018.

هذه التطورات لا تشجع احتمالات السلام والمصالحة. لكن السؤال الأكثر إلحاحا هو ما إذا كانت إدارة ترامب تستطيع على الأقل تكرار نجاحات الإدارة السابقة المحدودة في إبقاء داعش خارج سرت. والسؤال الأطول أجلا هو ما إذا كان بإمكانه صياغة استراتيجية تعد بتحقيق حل أكثر استدامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى