مقالات مختارة

هل من مراهن؟

مشعل السديري

الرهانات أو المراهنات كانت ولا تزال مصاحبة للإنسان طوال تاريخه غير المجيد. وكنت منذ صغري مغرماً بالمراهنات حتى على «أذناب الكلاب»، معتداً بنفسي أنني «أبو العريف»، ومحدش قدي – مثلما يقول إخواننا أهل مصر – إلى أن أكلتها يوماً على «نافوخي»، عندما راهنت أحدهم على معلومة ما، واشترطت أنا أن الذي يخسر الرهان يسير من مكاننا الذي كنا نجلس فيه في المزرعة ليلاً حتى مدخلها الذي يبعد مسافة 500 متر، ويسير بالخلف وهو معصوب العينين.

وللأسف أنني وقعت في شر اقتراحي، وذلك عندما خسرت الرهان. لا أريد أن أحكي لكم عن العثرات والسقطات والجراحات التي تكبدتها طوال مسيرتي الغبية تلك، والذي دعاني إلى هذا الشرط السخيف هو اقتدائي بالمطربة «صباح» عندما غنت قائلة:

قوم تا نلعب باصره، والشاطر ياخذ باصره، واللي بيخسر يا محبوب، بدو يمشي بالمقلوب من البرج للناصره.

ومن يومها حتى الآن بطلت المراهنات نهائياً. والمراهنات التي أقصدها ليست هي مراهنات القمار أو الميسر لا سمح الله، ولكنها المراهنات على المعلومات أو التوقعات البريئة بين الأصدقاء، وما أكثر ما يحصل ذلك في المجالس، وغالباً ما يخرج الجميع حبايب بعد فاصل من القهقهات السمجة.

ومن أظرف أو أبيخ الرهانات التي سمعت عنها هو رهان نفذه رئيس بلدية «مونت دومارسان» الفرنسية، وأوردت مواقع إخبارية فرنسية، أن رئيس البلدية «شارل دايو» كان قد راهن على فوز فريقه «باريس سان جيرمان»، وقال إنه سيأكل فاراً إذا خسر رهانه، ففعل ذلك عقب إطاحة فريق برشلونة بخصمه، ونجح مرة أخرى في كسب مباراة الإياب الشهيرة، مسجلاً ستة أهداف مقابل هدف واحد.
بيد أن الرئيس لم يأكل الفأر بكامله ولكنه أكل فقط قدميه وأذنيه، وهو ما جعل البعض يؤاخذه على عدم الإيفاء بوعده بالكامل، وقد برر ذلك بالقول إنه يتقبل هذا المأخذ، ولكنه ذكر في الوقت نفسه أنه نباتي، وأن أكل اللحم تحد في حد ذاته وعقوبة، فما بالكم بلحم الفئران؟!… انتهى.

وأهون منه هو رهان الملياردير البريطاني «ريتشارد برانسون» مدير شركة طيران «فيرجن»، عندما قال إنه سوف يرتدي ملابس مضيفة طيران لو أنه خسر رهاناً أمام «توني فيرنانديز» مدير شركة «إير إيجا» على سباق (فورمولا ون)، وإنه سوف يحلق شعر ساقيه وتقديم المشروبات وحتى تنظيف المراحيض خلال رحلة خاصة تسير من بيرث إلى كوالالمبور – وقد خسر فعلاً – انتهى.
ويا ليتكم شاهدتموه في شريط مسجل، وهو مرتدٍ ملابس المضيفة، و«يتقصوع» في مشيته بين الركاب ملبياً طلباتهم، طوال الرحلة التي امتدت 6 ساعات… «كدا الرجال ولا بلاش».
والآن: هل من مراهن، أو مراهنة؟!

…………………

صحيفة الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى