اهم الاخباركتَـــــاب الموقع

هل سنرى الأهم من مراسم تسليم السلطة؟!

الحسين المسوري

لاشك أن مراسم تسليم السلطة أمر مهم في هذه الظروف الصعبة ولكن أعتقد أن الأهم من هذه المراسم هو أن تكون هناك محاسبة للمسؤولين السابقين في المجلس الرئاسي برئيسه فائز السراج، وكامل أعضائه حتى المستقيلين، وكذلك وزراء حكومة الوفاق والحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني وكل وزرائها.

وهنا نطرح السؤال: هل سنرى قرارًا من النائب العام بمنع أي مسؤول من السفر خارج ليبيا ووضع جميع أملاكهم تحت الحراسة؟ هل سيتم اعتقال كل المسؤولين الذين وردت أسماؤهم في تقارير ديوان المحاسبة والرقابة الإدارية بأنهم ارتكبوا مخالفات وتجاوزات وفسادًا ماليًّا وإداريًّا؟ هل سنرى القبض على المسؤولين الذين ظهرت عليهم مظاهر الثراء الفاحش هم وأولادهم وفق القانون رقم (10) (من أين لك هذا)؟ وتقديمهم للمحاكمة؟.

فالرقابة والمحاسبة هما الطريقتان الوحيدتان للقضاء على الفساد الإداري والمالي وإهدار المال العام، والسير نحو بناء دولة المؤسسات والقانون.

وبالعودة لمراسم تسليم السلطة ليست بالأمر الجديد، وليست المرة الأولى التي تُسلم فيها السلطة في ليبيا وفق مراسم احتفالية، فقد سلم المستشار مصطفى عبد الجليل (المؤتمر الوطني) السلطة عقب التزامه بإجراء الانتخابات في موعدها، كذلك قام المرحوم الدكتور عبد الرحيم الكيب بتسليمها لخلفه، علي زيدان.

ورغم أن هذه الصور والمشاهد في وقتها أعطتنا الأمل أننا نسير عبر المسار الديمقراطي نحو تأسيس دولة القانون والمؤسسات، إلا أن الواقع كان صادمًا وذهبت كل هذه الصور أدراج الرياح أمام تحالف التيار الإسلاموي وحلفائه من الجهويين والعصابات المسلحة، الذي عرف بتحالف (فجر ليبيا) فبعد خسارتهم انتخابات البرلمان سنة 2014 أطلقوا عملية (قسورة) أو ما عرف بـ(انقلاب) فجر ليبيا، وكان صندوق الذخيرة هو سيد الموقف، وفضل تحالف فجر ليبيا البندقية على الانتخابات، وصندوق الذخيرة على صندوق الاقتراع، حيث انقلاب فجر ليبيا الذي دمر العملية السياسية الناشئة، وأجهض المسار الديمقراطي وشكل حكومة انقلابيين وسلطة تشريعية موازية وتسبب في انقسام المؤسسات السيادية الليبية وانهيارالدولة الذي نعاني منه حتى اليوم، حيث أصبح الوصول للسلطة وتقاسمها والمشاركة فيها يمر عبر ساحات المعارك والوسيط الخارجي من الصخيرات إلى جنيف.

وللأمانة هناك فارق جوهري بين احتفالية تسليم السلطة في 2012 عندما سلمها عبد الجليل والكيب إلى المؤتمر الوطني ولحكومة علي زيدان، فقد تم تسليمها لجسم منتخب ولرئيس حكومة انتخبه ممثلو الشعب الليبي المنتخبون، بينما حكومة (السراج) الوفاق الوطني جاءت بها حرب (العاصمة 1) التي قام بها تحالف فجر ليبيا، وجاءت حكومة (الدبيبة) الوحدة الوطنية من رحم حرب (العاصمة 2) التي قام بها تحالف (الكرامة)، وبالتالي لا الحكومة السابقة منتخبة ولا الجديدة منتخبة، بل مجرد اقتسام للسلطة بين طرفي الحرب.

وهنا نتمنى أن نرى التزامًا من الحكومة الجديدة بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، والتزام جميع أطراف الصراع بنتائج الانتخابات المقبلة، وأن نحتفل بتسليم السلطة لحكومة منتخبة، ولا نصدم مرة أخرى بحكومات جاء بها تقاسم السلطة عبر صناديق الذخيرة والنفوذ والتدخلات الإقليمية والدولية ونستمر بالدوران في هذه الدائرة العبثية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى