كتَـــــاب الموقع

هل حقاً اعتذر عائض القرني؟

براء عادل

بقدر ما كان لاعتذار عائض القرني من أثر كبير بقدر ما كان لا يسمن ولا يغني من جوع.. فعائض الجديد هو ذاته عائض القديم، إذ إنه – وبحسب اعترافه – “سيف من سيوف الدولة” مسلط على عقول الشباب يذهب بهم وبأفكارهم حيث شاءت السلطة.. فقد طوّع الدين لخدمة السياسة. وجعل من الشباب الغض الطري الفتي وقوداً لأفكاره ومن خلفه.. فمن حرب أفغانستان والعراق وحتى الثورة السورية لم يدخر جهداً هو ومن قبله لحث الشباب على”الجهاد” لتحقيق مكاسب ومآرب أخرى.. بدءاً من طرد السوفييت خدمة لأمريكا ولتخليص الدولة من أصحاب “الفكر الجهادي” وإرسالهم للمجهول، وليس انتهاءً بعداء الأسد لتضارب المصالح إلى أن التقت ربما أخيراً.

الصدمة الأولى لمحبي هذا الشخص كانت عند إثارة قضية سرقة الكتب بحق الرجل؛ فقد اتضح أن أكبر مؤلفاته وهو كتاب “لاتحزن” والذي سحر به عقول الشباب وباع ملايين النسخ منه؛ اتضح انه جهدٌ مسروق ولم تكن الحادثة الأولى ولا الأخيرة، ورُفعت بحقه قضايا عديدة خسرها واضطر لتعويض أصحابها بملايين الدولارات، العجيب أنه كيف لرجل بمكانته وعلمه على الأقل في وجهة نظر محبيه أن يتجرأ على مثل هذا العمل سوى أنه يستخف بعقولهم ويتعامل معهم كأتباع بلا تفكير وأنه يعمل بلا أي مبدأ؛ فمن يتجرأ على السرقة يتجرأ على أمور أعظم من ذلك من توزير وتضليل وتحريف.

لكن الصدمة الأكبر كانت من جمهور عريض من متابعيه ومعجبيه بأن الحادثة لم تؤثر أبداً في نظرتهم له بل وأكثر من ذلك رأينا “جوقات” عجيبة من التبرير للرجل ورأيناه يطل علينا بعدها في برامج عديدة متناسياً فعلته؛ وهذا إن كان يدل على شيء إنما يدل على أنه نجح نجاهاً باهراً في استخدام سياسة القطيع التي لا ترى منه إلا كل جيد وتعمى أبصارها عن “تخبيصاته” التي لا تُغتفر.

أنا شخصياً لم أقتنع يوماً بعائض ولا بكثير ممن هم على شاكلته ممن يستثيرون عواطف الشباب ليسوقوهم كالقطعان لتحقيق أهدافهم وأهداف أسيادهم من خلفهم. فاعتذاره لا قيمة له لأنه لم يكن يوماً مقتنعاً بأفكاره، إن صح أن تسمى أفكاره، فهي ليست إلا مجرد إملاءات وظيفته التسويق لها فقط، فهو ليس أكثر من “مندوب مبيعات” ربما لا يعرف ما يبيع لأنه مجرد “أكل عيش”.. المحزن في كل ذلك هم الشباب المنساقون وراءه هو وغيره ممن يعزفون على الأوتار الحساسة لديهم.. الوعي مطلوب لدى الأجيال الصاعدة كي لا تكون مجرد سلعة تباع وتشترى عند بائعي وصانعي الأوهام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى