مقالات مختارة

هل تنجح فرنسا في تحرير الملف الليبي من قبضة بريطانيا وايطاليا؟

إبراهيم الدباشي


يبدو ان فرنسا ادركت اخيراً خطورة سياسة تشجيع التسويف واستدامة الفوضى التي تنتهجها بريطانيا وايطاليا في ليبيا، على مصالحها في القارة الافريقية، وانها ستكلفها المزيد من النفقات العسكرية وارواح جنودها المتواجدين في منطقة الساحل الافريقي، الذي اصبح مرتعاً لحركات التطرف التي تعتمد على ما تتلقاه من دعم من العناصر الارهابية التي مازال لها حضور قوي في جنوب ليبيا. ومن هنا جاءت المبادرة الفرنسية لدعم جهود الممثل الشخصي للامين العام للامم المتحدة السيد غسان سلامة في تنفيذ خطة الامم المتحدة لحل الازمة في ليبيا، من خلال جمع قادة المؤسسات القائمة والمعترف بها بشكل او باخر من المجتمع الدولي، ولها تاثير واضح على الساحة السياسية والامنية، يوم 29 مايو الجاري، لكي يتفقوا على مجموعة عناصر يلتزمون بتنفيذها وصولاً الي انتخابات تشريعية ورئاسية تحت اشراف دولي ويلتزم الجميع باحترام نتائجها.
لاشك ان نجاح المبادرة الفرنسية ليس امراً سهلاً، فهي اولاً تجمع بين ما تجمع قيادة الجيش مع رئاسة مجلس الدولة وهما يختلفان في كل شيء، وكلاهما لا يعترف بالاخر رغم الفارق الكبير بينهما من حيث الشرعية والتاثير، وثانياً ليس من السهل ان تقبل ايطاليا دوراً فرنسياً فعالاً في الملف الليبي، لان العقلية الاستعمارية وفكرة ان ليبيا منطقة نفوذهم الرئيسية ما زالت تعشش في عقول الساسة الايطاليين، ولا يُستبعد ان تعمل ايطاليا وبريطانيا مع الطرف الليبي الذي تفضله لافشالها.

ان ما تم تسريبه كنتائج منتظرة للمبادرة الفرنسية يؤكد انها اول مبادرة دولية جادة لاخراج العملية السياسية الليبية من حالة الجمود، وتوحيد السلطات، وانهاء التنازع على الشرعية، ولو تحققت ستكون لها انعكاسات ايجابية مباشرة على حياة المواطنين وامن الدولة وسيادتها. لا اشك ابداً في صدق نوايا فرنسا ورغبتها في ايجاد حل سريع للازمة الليبية ينتج عنه حكومة قوية وقادرة على بسط الامن والاستقرار في ربوع البلاد والقضاء على ما تبقى من عناصر الارهاب فيها، ليخف الضغط على جنودها في مالي ودول الساحل، ولكن ما زلت اشك في قدرة ما يسمى بمجلس الدولة، الذي يتحكم فيه تيار الاسلام السياسي، على التخلي عن مناوراته المعهودة لعرقلة التوصل الى اي اتفاق يؤدي الى الاحتكام الى صناديق الاقتراع. المبادرة الفرنسية فرصة ذهبية لجميع الاطراف الليبية لتاكيد احساسها بالمسؤوليه واستعدادها لتقديم التنازلات من اجل الوصول الى توافق يعيد الى العملية السياسية زخمها ويخرج البلاد من ازمتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى