اهم الاخباركتَـــــاب الموقع

نوبل والنساء والإحراج العربي

سالم العوكلي

منذ عام 1901 إلى العام 2018  منحت جائزة نوبل 920 مرة ، منها 844 جائزة لرجال، 49 جائزة لنساء، 27 جائزة لمنظمات.

ما يعنينا في هذا السياق جائزة نوبل والنساء ، حيث فازت 17 امرأة بجائزة السلام، 14 في مجال الأدب، 12 في مجال الطب أو علم وظائف الأعضاء، 5 في مجال الكيمياء، 3 في مجال الفيزياء، وواحدة في مجال العلوم الاقتصادية التي استحدثت العام 1968 . أول سيدة فازت بجائزة نوبل هي ماري كوري، العام 1903 في مجال الفيزياء، وهي الوحيدة التي حصلت على الجائزة مرتين بعد أن فازت بنوبل في الكيمياء العام 1911 ، أما بحصول ابنتها ، إيرين جوليو كوري، على جائزة نوبل في الكيمياء العام 1935 ، فأصبح أول ثنائي من أم وابنتها تفوزان بالجائزة. ويعتبر العام 2009 أكثر الأعوام حظا حيث تضمنت فيه قائمة الجائزة 5 نساء .

غير أن اللافت للنظر، أن من 49 جائزة أعطيت للنساء تحصلت عربيتان فقط على جائزتين في مجال السلام، والأكثر لفتا للنظر هي سيرة هاتين السيدتين التي أوصلتهما إلى الجائزة، مقارنة بقائمة نساء العالم التي سأوردها، حيث سيشعرنا هذا الوصول العربي النسائي للجائزة بالاستغراب أو بالخجل.

فتوكل كرمان ربة بيت عادية تواجدت أثناء الثورة اليمنية مع آلاف النساء في خيمة بميدان الحراك، ولم تكن معروفة بأي نشاط قبل هذا التردد على الميدان، وبسبب انتمائها لتنظيم يهيئ نفسه للانقضاض على الربيع العربي تم تلميعها إعلاميا، وبعد شهر فقط من ظهورها تحصلت على الجائزة،  دون أن يكون لها أية سيرة نضالية أوحقوقية سابقة، ما أثار دهشة حتى المتابعين العرب لهذه الجائزة التي يرون أن ثمة نساء من مصر وتونس خصوصا شاركن بقوة في هذا الحراك ولهن تاريخ طويل من النضال السياسي والحقوقي السلمي.  اختفت توكل من المشهد بعد أن ذهبت للإقامة في تركيا ولم تظهر إلا بجانب أيمن نور خلال اعتصام بعض الناشطين أمام القنصلية السعودية احتجاجا على اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

أما نادية مراد العراقية من الأقلية الأزيدية، فقد وصلت إلى هذه الجائزة بما يحرج تاريخ العرب والمسلمين برمته، وباعتبارها ضحية لهوس الإسلام المتطرف الجنسي ، ولكي نكون أكثر دقة ضحية حالات متكررة من الإكراه على الزواج من قبل فحول داعش، وإكراه الفتيات على الزواج أعتبره نوعا من الاغتصاب المشرعن لا تمارسه داعش التنظيم فقط، لكنه يمارس يوميا وبأعداد هائلة من قبل العديد من المجتمعات العربية والإسلامية، خصوصا المتخلفة والفقيرة.

كل ما فعلته نادية أنها اعترفت بشجاعة بكل ما حدث لها أمام وسائل إعلام كانت في الحقيقة تبحث عن الإثارة، وعن جذب أكبر عدد من إقبال المشاهدين، ويبدو أنه الهوس بالإثارة الذي انتقل إلى جائزة نوبل نفسها التي أصبحت تتخبط بشكل كبير ، والتي هي نفسها لم تنأى لجانها عن فضائح التحرش الجنسي الأكاديمي التي تسببت في إيقاف منح الجائزة في مجال الأدب هذا العام.

ألا توجد نساء عربيات كثيرات يستحققن هذه الجائزة عن جدارة وعرفانا بنضالهن أو جهودهن الأدبية والعلمية؟ أم أن حصول المرأة العربية على نوبل أصبح رهنا بالمصادفة أو بتعرضها للاغتصاب فقط.

مقارنة بقائمة نساء نوبل المبدعات في مجالات شتى خلال قرن و15 عاما، يمكن أن نرى بوضوح هذا التفاوت العلمي والنضالي والإبداعي الكبير فيما يخص النصيب أو اليانصيب العربي النسائي:

1903 ماري كوري ، مشاركة مع زوجها بيير كوري وهنري بيكيريل الفيزياء “اعترافًا بخدماتهم الجليلة التي أدوها بأبحاثهم المشتركة حول ظاهرة الإشعاع التي اكتشفها البروفيسور هنري بيكيريل”.

1905 برتا فون سوتنر ، النمسا- المجر، السلام  “الرئيسة الشرفية للمكتب الدولي للسلام، برن، سويسرا؛ مؤلفة اخفض ذراعيك”.

1909 سلمى لاغرلوف السويد ، الأدب “إعجابًا بالمثالية الراقية، والخيال الحي والنظرة الروحية التي تميز كتاباتها”.

1911 ماري  كوري بولندا وفرنسا، الكيمياء  “لاكتشافها عنصري الراديوم والبولونيوم”.

1926 غراتسيا ديليدا  إيطاليا،  الأدب  “لكتاباتها ذات النزعة المثالية التي تصور بوضوح الحياة على الجزيرة التي كانت موطنها الأصلي، والتي تعالج بعمق ووجدانية المشاكل البشرية بشكل عام”.

1928 سيغريد أوندست النرويج ، الأدب  “بشكل أساسي لوصفها القوي للحياة في النرويج إبان العصور الوسطى”.

1931 جين آدمز (مناصفة مع نيكولاس موراي باتلر) الولايات المتحدة الأمريكية،  السلام “عالمة اجتماع ورئيسة الرابطة النسائية الدولية للسلام والحرية”.

1935 إيرين جوليو-كوري (مناصفة مع زوجها فردريك جوليو-كوري)   فرنسا،  الكيمياء “لتخليقهما عناصر مشعة جديدة”.

1938  بيرل بك الولايات المتحدة الأمريكية ، الأدب “لوصفها الثري والملحمي لحياة الفلاحين في الصين، ولكتاباتها المميزة في مجال السير الذاتية”.

1945 غبريالا ميسترال تشيلي،  الأدب  “لشعرها الغنائي المستلهم من العواطف القوية والذي جعل من اسمها رمزًا للتطلعات المثالية لعالم أمريكا اللاتينية بأجمعه”.

1946 إميلي جرين بالش (مناصفة مع جون راليه موت)  الولايات المتحدة الأمريكية ، السلام “أستاذة سابقة للتاريخ وعلم الاجتماع، والرئيسة الشرفية للرابطة النسائية الدولية للسلام والحرية”.

1947 جرتي كوري (مشاركة مع زوجها كارل كوري وبرناردو هوساي) الولايات المتحدة الأمريكية، الطب أو علم وظائف الأعضاء “لاكتشافهما مسار أيض الجليكوجين”.

1963 ماريا غوبرت-ماير (مشاركة مع هانز ينسن ويوجين ويغنر) الولايات المتحدة الأمريكية، الفيزياء “لاكتشافاتهم المتعلقة بتركيب غلاف نواة الذرة”.

1964 دوروثي هودجكن، المملكة المتحدة ، الكيمياء  “لتحديدها تركيب العديد من المواد الكيميائية الحيوية الهامة باستخدام تقنيات الأشعة السينية”.

1966  نيلي زاكس (مناصفة مع شموئيل يوسف عجنون) ألمانيا والسويد، الأدب،  لكتاباتها الشعرية والدرامية التي تتناول قدر إسرائيل بقوة مؤثرة”.

1976 بيتي ويليامز، ميرياد كوريجان، المملكة المتحدة السلام “أسستا حركة السلام في أيرلندا الشمالية (سميت فيما بعد بتجمع مناصري السلام)”.

1977 روزالين يالو (مشاركة مع روجه غيومين وأندرو سكالي) الولايات المتحدة الأمريكية ،      الطب أو علم وظائف الأعضاء “لتطويرهم للمقايسة المناعية الشعاعية لهرمون الببتيد”.

1979 الأم تريزا ، الهند ويوغوسلافيا ، السلام ـ  قائدة “إرساليات من أجل الخير”، كلكتا.

1982 أولفا ميرال (مناصفة مع ألفونسو جارسيا روبلز) السويد، السلام ” دبلوماسية ومندوبة في الجمعية العامة للأمم المتحدة لنزع السلاح”.

1983 باربرا مكلنتوك ، الولايات المتحدة الأمريكية ، الطب أو علم وظائف الأعضاء “لاكتشافها الينقول”.

1986 ريتا ليفي مونتالشيني (مناصفة مع ستانلي كوهين) إيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية ،الطب أو علم وظائف الأعضاء “لاكتشافهما عوامل النمو”.

1988 جرترود إليون (مشاركة مع جيمس بلاك وجورج هتشنغز) الولايات المتحدة الأمريكية، الطب أو علم وظائف الأعضاء “لاكتشافهم مبادئ هامة للعلاج الدوائي”.

1991 نادين غورديمير ، جنوب أفريقيا، الأدب “أسدت بكتاباتها الملحمية البديعة -حسب ما قال ألفريد نوبل- نفعًا عظيمًا للإنسانية”.

1991 أون سان سو تشي ، بورما ، السلام “لنضالها السلمي من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان”.

1992 ريغوبيرتا مينتشو ، غواتيمالا ، السلام “تقديرًا لعملها من أجل العدالة الاجتماعية والتفاهم بين الأعراق والثقافات المبنيين على احترام حقوق السكان الأصليين”.

1993 توني موريسون ، الولايات المتحدة الأمريكية ، الأدب “تضفي – برواياتها التي تتميز بالقوة الحالمة والمضمون الشعري- الحياة على جانب هام من الواقع الأمريكي”.

1995 كرستيانه نوسلاين فولهارد (مشاركة مع إدوارد لويس وإريك فيشاوس) ألمانيا ، الطب أو علم وظائف الأعضاء “لاكتشافاتهم المتعلقة بالتحكم الجيني في التكون الجنيني المبكر”.

1996 فيسوافا شيمبورسكا ، بولندا ، الأدب “لشِعرها الساخر بدقة والذي سمح للسياق التاريخي والحيوي بالخروج للنور في أجزاء من الواقع الإنساني”.

1997 جودي ويليامز (مشاركة مع الحملة الدولية لمنع الألغام الأرضية) الولايات المتحدة الأمريكية ، السلام “لعملهما على حظر وإزالة الألغام الأرضية المضادة للأفراد”.

2003 شيرين عبادي ، إيران ، السلام  “لجهودها من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان. ركزت جهدها بالأساس على النضال من أجل حقوق النساء والأطفال”.

2004 إلفريدي يلينيك ، النمسا ،الأدب “للتدفق الموسيقي للأصوات والأصوات المعاكسة في رواياتها ومسرحياتها التي تكشف في حماس لغوي استثنائي سخافة التنميطات المجتمعية وتسلطها القاهر.

2004 وانجاري ماثاي ، كينيا ،السلام “لمساهمتها في التنمية المستدامة للديمقراطية والسلام”.

2004 ليندا باك (مناصفة مع ريتشارد أكسال) ، الولايات المتحدة الأمريكية ، الطب أو علم وظائف الأعضاء “لاكتشافاتهما في مجال المستقبلات الشمية ووظائف الجهاز الشمي وتنظيمها”.

2007 دوريس ليسينغ ، المملكة المتحدة ، الأدب  “تلك الكاتبة الملحمية ذات التجربة الأنثوية التي أخضعت حضارة منقسمة على نفسها للتدقيق بتشكك وحمية وقوة بصيرة”.

2008 فرانسواز باري سينوسي (مشاركة مع هارالد تسور هاوزن ولوك مونتانييه) فرنسا ، الطب أو علم وظائف الأعضاء “لاكتشافهم فيروس العوز المناعي البشري”.

2009 إليزابيث بلاكبيرن (مشاركة مع كارول غريدر وجاك زوستاك) ، أستراليا والولايات المتحدة الأمريكية ، الطب أو علم وظائف الأعضاء “لاكتشافهم دور التيلومير في حماية الصبغيات (الكروموسومات) واكتشافهم لإنزيم التيلوميريز”.

2009 كارول جريدر (مشاركة مع إليزابيث بلاكبيرن وجاك زوستاك) الولايات المتحدة الأمريكية.

2009 عادا يونات (مشاركة مع فينكاترامان راماكريشنان وتوماس ستايتز) إسرائيل ، الكيمياء “لأبحاثهم في تركيب ووظائف الريبوسوم”.

2009 هيرتا مولر ، ألمانيا ورومانيا ، الأدب “استخدمت التركيز الشعري والصراحة النثرية لتصوير المحرومين”.

2009 إلينور أوستروم (مناصفة مع أوليفر وليامسون) ، الولايات المتحدة الأمريكية ،الاقتصاد “لتحليلاتها للإدارة الاقتصادية ولا سيما إدارة المشاركة واقتصاد البيئة”.

2011  توكل كرمان (مشاركة مع إلين جونسون سيرليف و ليما غبوي)   اليمن ، السلام  “لنضالهن السلمي من أجل أمان وحقوق المرأة للمشاركة الكاملة في الأعمال السلمية البناءة.

2013  آليس مونرو ، كندا ، الأدب “سيدة القصة القصيرة المعاصرة”.

2014 ماي بريت موزر (مشاركة مع إدوارد موزر وجون أوكيف) النرويج ، الطب أو علم وظائف الأعضاء “لاكتشافاتها للخلايا التي تحدد المواقع داخل المخ”.

2014 ملالا يوسف (مناصفة مع كايلاش ساتيارثي)  باكستان، السلام “لنضالها ضد قمع الأطفال والشباب ونداءها من أجل حق جميع الأطفال في التعليم”.

2015  تو يويو (مشاركة مع وليام كامبل وساتوشي أومورا) الصين ، الطب أو علم وظائف الأعضاء “لاكتشافاتها المتعلقة بعلاج جديد للملاريا”.

2015  سفيتلانا أليكسييفيتش ، بيلاروسيا ، الأدب “على كتاباتها متعددة المعاني التي تفند المعاناة والشجاعة في عصرنا”.

2018  دونا ستريكلاند (مشاركة مع أرثر أشكين وجيرار مورو) كندا ،الفيزياء “للمساهمة في الاختراعات الرائدة في مجال فيزياء الليزر”.

2018 فرانسيس أرنولد (مشاركة مع جورج سميث وغريغوري وينتر)  الولايات المتحدة ، الكيمياء “لأبحاثها على البروتينات”.

2018 نادية مراد (مناصفة مع دينيس موكويج) ، العراق ، السلام “للجهود المبذولة لإنهاء استخدام العنف الجنسي كسلاح في الحرب والصراع المسلح”.

أما رجال نوبل فحدث ولا حرج، وباستثناء الروائي، نجيب محفوظ، الذي تحصل على جائزة نوبل العربية الوحيدة في مجال الأدب، وأحمد زويل في الكيمياء ، لاقى البقية ممن حصلوا على جائزة السلام ــ السادات، عرفات، والبرادعي ــ احتجاجا قويا من داخل الجمهور العربي نفسه، ومازالوا حتى الآن محل جدل فيما يخص استحقاقهم للجائزة.

الجدير بالذكر أن العرب الذين يشكلون 4% من سكان العالم تحصلوا على نسبة 0.9% من جوائز نوبل، أما اليهود الذين يشكلون 0.2%  من سكان العالم ، تحصلوا على نسبة 20% .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى