العالماهم الاخبار

نهاية داعش في العراق قريبة، لكن مشاكل البلاد ستستمر

بقلم: درك ستوفل. سي بي سي نيوز                             

ترجمة خاصة

عندما فجر مقاتلو داعش الجامع الكبير بالموصل في يونيو، الجامع الذي اشتهر بإعلان قيام دولة الخلافة الذي أطلقه منه قائدهم، نُظر إلى الحركة كفعل يائس من قبل جماعة على وشك الفناء.

سارع المسؤولون العراقيون إلى القول بنهاية الدولة الإسلامية المعلنة. فلقد كتب رئيس وزراء البلاد، حيدر العبادي على تويتر، “إننا نشهد نهاية دولة داعش الزائفة”.

إلا أن هذا التوقع يبدو سابقا لأوانه، ما دامت قوات الأمن العراقية مازالت تقاتل الجهاديين في الشوارع الضيقة لمدينة الموصل القديمة وأزقتها، حيث كانت أعلام داعش السوداء ترفرف من على مسجد النور المهدم الآن.

هزيمة داعش واضحة

 التقطت الصورة التي يعتقد أنها زعيمة داعش، أبو بكر البغدادي، من شريط فيديو نشرته الجماعة كما أعلن البغدادي خلافه الإسلامية في مسجد النوري في الموصل في حزيران / يونيو 2014. (رويترز)

معظم المحللين الذين يدرسون داعش يعتقدون أن شوط المتشددين في العراق يقترب من النهاية، بعد ثلاث سنوات من اجتياحهم الموصل والسيطرة على ثاني أكبر مدن البلاد.

“أعتقد أنه من الواضح أن داعش قد هزمت، ليس عسكريا فقط ولكن نفسيا ودعائيا أيضا”. قال إيلي كرمون، الباحث العلمي الأول في معهد مكافحة الإرهاب Institute for Counter-Terrorism بمركز الدراسات البينيةInterdisciplinary Centre الإسرائيلي.

وقال كرمون لمحطة سي بي سي نيوز”موادهم الدعائية، المعقدة جدا، أخذ انتشارها يتناقص. لم نعد نستمع إلى قادة داعش على المذياع أو الفيديوات”. مضيفا: “إنهم ينسحبون. مصير قائد داعش، أبو بكر البغدادي، غير معروف. روسيا قالت مرتين إنها متأكدة من أنه قتل في غارات روسية في سوريا شهر مايو. إلا أنه ما من دليل على موته برز للعلن.”

الحملة العسكرية لاستعادة الموصل بدأت منذ أكثر من ثمانية أشهر مضت وضمت في قوامها آلاف الجنود العراقيين وضباط الشرطة إضافة إلى أعضاء من المليشيات المدعومة إيرانيا والجنود الأكراد.

أجزاء من المدينة دمرت

وأدت معركة الموصل إلى فرار عشرات الآلاف من السكان من منازلهم. أولئك الذين يحاولون العودة يجدون الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء غير متوفرة. (علاء المرجاني / رويترز)

انتصارهم المتوقع ستكون حلاوته ممزوجة بالمرارة، فأجزاء واسعة من المدينة دمرت جراء هجوم الجيش، ومئات آلاف المدنيين هجروا بيوتهم، إضافة إلى العديدين الذين يعيشون في ظروف صعبة وبائسة في مخيمات أقيمت خارج الموصل لإيواء المشردين.

تحالف بقيادة أمريكا يحارب داعش يقول إن مليوني شخص عادوا إلى بيوتهم في أماكن مختلفة من العراق. إلا أن الكثيرين منهم وجدوا بيوتهم قد آلت إلى خرائب مع انعدام الخدمات الأساسية، مثل توصيلات المياه والكهرباء.

ومع ذلك ثمة إحساس بقدر من البهجة في الموصل لكون ثلاث سنوات من العيش تحت أوامر داعش الخانقة والخوف من طائلة عقوبة الموت إذا ما اخترقت هذه الأوامر، توشك أن يصبح تاريخا.

حينما تعود الموصل إلى سيطرة السلطة العراقية بشكل تام، فقد يكون هذا الدليل الأوضح على أن خلافة داعش آخذة في التقوض.

أراضي داعش وعائداتها تنكمش

كما تتعرض داعش لضغوط في الرقة، المدينة السورية حيث تقاتل القوات الكردية والعربية ضد المسلحين. (غوران توماسيفيتش / رويترز)

يوضح تقرير صدر مؤخرا عن IHS Markit Conflict Monitor أن المتشددين، في أوج قوتهم بداية 2015، سيطروا على 90800 كيلومتر مربع من أراضي سوريا والعراق. الآن يقدر التقرير نفسه أن الأرض الخاضعة لسيطرة داعش تقلصت إلى أدنى من 60%، أي إلى 36200 كيلومتر مربع.

يدلل التقرير أيضا على أن داعش تعاني مشكلة مالية بسبب انخفاض مدخولها إلى 16 مليون دولار في الربع الثاني من هذه السنة، مقارنة بـ 81 مليون دولار في نفس الفترة سنة 2015.

كانت داعش قد اعتمدت على النسبة العالية من الضرائب والغرامات المفروضة على الخاضعين لحكمها. إلا أن قسما كبيرا من الأموال المحصلة أتت من بيع النفط، وهذا الدخل تقلص، حسب التقرير المذكور، بنسبة 80%.

“صعود وسقوط الدولة الإسلامية تميز بتضخم سريع، تبعه تراجع بطيء”. مثلما قال كولمب ستراك المختص بشؤون الشرق الوسط في IHS Markit Conflict Monitor. وأضاف: “إنه لمن الواضح، بعد ثلاث سنوات من إعلان الخلافة، أن مشروع داعش للحكم قد فشل”.

داعش تواجه ضغطا شديدا في سوريا أيضا، حيث تواصل قوات كردية وسورية خوض المعارك للسيطرة على الرقة، عاصمة الأمر الواقع لداعش شمال البلاد.

ثمة تقارير تشير إلى أن المتشددين يقومون بعمليات انتحارية وهجومات أخرى ضد المدنيين مع تزايد الضغط على داعش.

لقد فقدت داعش العديد من مقاتليها جراء الغارات الجوية الكثيفة التي قام بها التحالف الذي تقوده أمريكا ويقاتل المتشددين. في الموصل والرقة، اُنتقد التحالف بسبب ما تسميه جماعات الرصد معدل الوفايات العالي بين المدنيين الناتجة عن الغارات.

العراق المنهكة تواجه مسائل عديدة

بينما سيحتفل الكثيرون بأفول داعش في سوريا والعراق ، يقول كرمون، محلل مكافحة الإرهاب الإسرائيلي، فإن الاستقرار سيظل مهددا لشهور أو سنوات قادمة.

“نهاية داعش في الموصل لن تنهي المشاكل الاستراتيجية بالمنطقة”. قال كرمون، مشيرا إلى المتشددين الشيعة المدعومين من إيران الذين يحاولون الحصول مرتكز قدم شمال الموصل، حيث يتواجد كثير من المسلمين السنة الذين يخشون “هجمات انتقامية” محتملة بعد استقرار أعداد من الشيعة هناك، كما أنه من المتوقع أن أكراد العراق سيستغلون نجاحاتهم العسكرية الأخيرة للدفع نحو الاستقلال في الاستفتاء القادم.

ثمة مخاوف أيضا من إعادة تجميع مقاتلي داعش لأنفسهم. قال كرمون”سيحاولون… بناء شبكة خفية سرية لمواصلة القتال. لدينا أيضا أناس سيحاولون مغادرة العراق وسوريا متجهين نحو مناطق مضطربة مثل اليمن”.

غياب الخطة الناجعة

لفتت معركة الموصل الانتباه في الأيام الأخيرة إلى أنه، بشكل عام، لا توجد رؤية واضحة للحياة في العراق بعد داعش.

“لا توجد خطة ناجعة” قالت بسمة مومني الأستاذة بمدرسة بالسيليي للشؤون الدولية في جامعة واترلو.

“مازال يوجد في الموصل– أحببت ذلك أم لا- عدم ثقة عميقة إزاء الحكومة المركزية في العراق” قالت بسمة للسي بي سي نيوز في وقت مبكر من هذه السنة. ومضت تقول: “عليهم القيام بالكثير لإعادة الأمور إلى نصابها: الكهرباء، الماء، كل ذلك مخرب الآن. نظام الرعاية الصحية دمر بالكامل تقريبا. كل ذلك يتطلب أموالا. والحكومة المركزية لا تملكها”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى