مقالات مختارة

نعم لا بد لهذا المسلسل أن يثير كل هذه الضجة

عبدالحميد بطاو

أجدابيا مدينة غير عادية بمناخها بأهلها بشُعرائها بمودتها وأنا عشت أجواءها عام 1972م حينما انتقلتُ إليها وفعلا كما يُقال عنها (أتجيها وانت تبكى وتغادرها وانت تبكى).

يبدو لى أن الضجة التي أثيرت حول المسلسل الفكاهي (شط الحرية) ربما لا مبرر لها إلا لأنها من أجدابيا وكانهم يستكثرون عليها أن تقدم عملا بكل هذه الروعة (رغم بؤس الإمكانيات وعدم الخبرة الاحترافية).

أنا لم أتابع المسلسل إلا في حلقة الصقر وحلقة كونه راح وحلقة ليلة البارحة دودى وضحكت وحدي كالمجنون وأنا أشاهد هذه الكوميديا الناقدة التي أبدع فيها الكاتب والمخرج والتي فجر من خلالها البدو الذين هم على الفطرة عيوب هذا المجتمع وسلوكياته الكارثية، بطمعه بتقاتله على السلطة، بتملقه، بأحلامه الخائبة، بالفارق المرعب الكبير بين الفقير والغني، بين بيت البدوي الذي بلا إضاءة وقصر الغني الذي تبقى إضاءته طول الليل والنهار.

مسلسل شدّني حتى صرت انتظره كل ليلة بلهفة وكنتُ أتخيل لو أن المخرج زاد في المفارقات، لو أن صاحب الصقر التقى بأحد الخليجيين واتفق معه بأن يشتريه منه بآلاف الدولارات ويذهب معه ليتسلمه وهنا يكون مشهد (الحول وهو يشوي في الصقر قمة الفجيعة).

كنت أتمنى لو أن المخرج في مشهد أهل النجع وهم يطاردون دودى أن يضربوه بالحجارة لتضخيم المفارقة بين تدليعهم له تملقًا لصاحبه المسؤول، ثم بعد أن فقد صاحبه السلطة، وحتى بلا هذا يكفي هذا المسلسل أنه فجر كل هذه الحوارات وجعلنا نحس ببشاعة سلوكياتنا رغم المبالغة التي اعتبرها البعض سخرية من البادية، بينما اعتبرتها أنا مبالغة في المفارقات التي يعرضها هؤلاء المبدعون لكي نشعر نحن بألم أكثر ونحن نتحسسها في حياتنا الواقعية.
أبدعتم أيها الأجدابيون وأنا أتابعكم وأضحك وأتحسس دموعي في كل حلقة فلا نامت أعين الجبناء.

المصدر
صفحة الشخصية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى