أخبار ليبيااهم الاخبار

ندوة دولية حول ليبيا (2): لا دولة.. الوضع مُعقّد جدا

218TV.net خاص

في الحلقة الثانية من الندوة التي عُقِدت في مركز رفيق الحريري الدولي لتقييم الأوضاع في ليبيا، والتي ترجمتها قناة (218) خصيصا للقارئ والمشاهد الليبي، يُواصِل ستة خبراء وضع مشاهداتهم وتحليلاتهم للأوضاع العامة في ليبيا، ومناقشة كل الاحتمالات السياسية والأمنية والاقتصادية المُثارة كسيناريوهات في مراكز صنع القرار العالمي، وهو ما يظهر جليا في هذه الحلقة التي تضع قناة (218) ترجمتها الحرفية بين يدي القارئ الليبي والعربي.

(مِرزان): هل تعتقدين أن الحل في تقسيم ليبيا إلى ثلاث ولايات تاريخية؟ هل هو حلٌّ ممكن؟

(فدريكا): في الحقيقة لم أفكّر بأن ليبيا يجب أن تُقسّم ، بالمقابل، قلت أنّه بهذا الشكل لن نصل إلى أي مكان، لذا فالاتفاقية كما قالت لم تنجح وهي غير فاعلة، برأيي ما علينا القيام به، هو إعادة التفكير في العملية، لأنّ الثورات بطبيعة الأمر تستغرق وقتًا، وعلينا أن نكون صبورين، لكن بهذه الطريقة لن تسير الأمور على ما يُرام. لذا ففكرة الفدرالية ليست خاصة، ولاثورية من عدة نواحٍ، فهناك العديد من الدول الفدرالية في العالم كما في الولايات المتحدة، ما من خطأ فيها ..لذا تكمن الفكرة على أنّ العمل بدءًا من الأعلى ثمّ التوجّه إلى الأسفل أمر خاطئ.
تشرح فيدريكا فكرتها بالقول: في ليبيا ليس لدينا دولة ولا تقاليد تسير عليها الدولة.. والناس غير معتادين على ذلك بعد أربعين سنةً من حكم القذّافي، وإدريس من قبل… ونعلم كيف كانت الأمور..وإيطاليا من قبل.. لذا فليبيا غير معتادة على أن تكون دولة، لذلك يجب البدء تدريجيًا خطوة خطوة وتحاول إنشاء روح من الوطنية، بالطبع في الأعلى، ولكن بعد ذلك نقوم بأمر مماثل في الأسفل.. ونتقبّل تنوّع المناطق الثلاث مثل سويسرا مثلًا.. لذا لم أقل أني أودّ رؤية ليبيا مقسّمة، بل محاولة إيجاد الأفضل للمنطقة ثمّ الحكومة وهكذا… تقويّة اللامركزية في المناطق، باعتقادي أنّ الأمور تسير على هذا النحو الآن، هذا ما أعنيه.
تتابع فيدريكا قائلة: علينا أن نبدأ من مكان ما ، وفكرة المناطق الثلاث موجودة منذ الاستعمار الإيطالي، بل وقبل ذلك أيضًأ، فهناك العامل المورفولوجي والمشاكل الجغرافية أيضًا… لذا باعتقادي، أنّا بحاجة إلى تغيير رؤيتنا.
(مِرزان): من خبرتك الميدانية، هل تعتقدين يا نبراس حقًّا أنّ بناء الدولة من الأسفل أفضل من بناءها من الأعلى إلى الأسفل؟
(نبراس): كلّ من في المجتمع الدولي ينظرون إلى الوضع من الخارج، ولا ينظرون إلى ما يجري في الداخل، لذا إن أردت تصويب الأمور عليك أن تبدأ على المستوى المحلي، كما قلت علينا أن نبدأ من المدن، درنة…البيضاء…زوّارة… زاوية..من الداخل، كل مدينة لديها مشاكلها الخاصّة، وفي الوقت ذاته هناك مشاكل مشتركة. إذا أردت تصويب الأمور عليك أن تبدأ مثلًا من الزاوية، ماهي مشاكلهم؟ من يعرف هذا؟ سكّان الزاوية يعرفون ذلك، لذا عليك التحدّث معهم ومعرفة كيف تحلّ الأمر.
تقول نبراس: العمل من الأسفل إلى الأعلى، أي من العائلة ثم المدينة أو كما يقولون المنطقة ..ثم المدينة.. ثّمّ على المستوى الوطني ثمّ الدولة بأسرها، هكذا هو الأمر..المشكلة حاليًا، في ليبيا أن لدينا أربع حكومات، وهذه الحكومات الأربعة غير مقبولة محليًا.بدأنا بالمؤتمر الوطني العام، هذا هو الوحيد المنتخب..الوحيد الذي انتخبته ليبيا.
(مِرزان): عام ألفين واثني عشر؟
(نبراس): نعم، بعد ذلك جاء البرلمان بانتخاب بعض المدن، حيث لم تُشارك كافّة المدن بسبب الأوضاع فيها، لكن كان لها قرار من داخل المدن..هلاّ ذكّرتني عزّة؟
(عزّة): فقط درنة
(جاسون): لم تُشارك في أيٍّ من الانتخابات، عام ألفين واثني عشر ..
(نبراس): لكن الناس، وإن لم يُشارك أهالي درنة فقد تمّ انتخاب أشخاص من أهالي درنة..
تتابع نبراس قائلة: لذلك فالناس من الداخل يقولون أنه لا صوت لهم في الخارج، السكّان المحليون يقولون لا صوت لهم.. لكن من له صوت؟ المليشيات، الحكومات، من يملك النفوذ وهذه المشكلة…فأنت لا تتواصل مع السّكان المحليين..والأناس العاديين.. تتواصل مع من يملك النفوذ، المليشيات، فلماذا تتواصل معهم إن كانوا أحد أسباب المشكلة، لذا لماذا تمنحهم المزيد من النفوذ بالتواصل معهم، ..
يضيف قائلا: هناك أيضًا الحكومات الأربع..كل مرة يحدث شيء جديد.. كان هناك واحدة…ثم اثنتان..ثم الثالثة..والرابعة أخيرًا حكومة السّرّاج، وحتّى السّرّاج لم يقبل به الجميع لأنّه جاء بناءً على قرار دولي…حسنًا قام السّرّاج بهذه الأمور واتفقوا معه ووقّع الأوراق وأصبح رئيس الحكومة وسيقود ليبيا..
تشرح الفكرة من جديد بالقول: لذا من هنا يمكن القول من وجهة نظري أنّ المجتمع الدولي لا يحاول حلّ المشكل بجدية في داخل ليبيا، بل يعملون على تهدئة الوضع! بشكل عام.. غير أنّ هذا يبقى من الخارج..وكأنّ هذه المشكلة لا تنتشر وتصل إلى مصر أو تونس أو غيرها من الأماكن الأخرى… إن كان لديك مشكلة احتويها داخل دولتك ولا تنشرها إلى الخارج….هناك مصالح، وعلينا التوّقف هنا للأسف، فلدينا مصالح ..ولا أحد يحاول معالجة المشكلة الحقيقية.
(مِرزان): جاسون، بما أنّك تتابع الشأن الليبي منذ سنوات من أوروبا ومن الولايات المتحدة، ما رأيك بسلوك اللاعبين الدوليين حيال الأزمة الليبية؟ … هل ترى أنّ مصالح اللاعبين من الغرب تلتقي مع مصالح اللاعبين في المنطقة؟ أم أنها تفترق؟ وكيف ترى دخول روسيا مؤخرًا على المشهد؟
(جاسون): إنّها لحظة مهمة لطرح مثل هذا السؤال، فهناك تغيّر في التحالفات على الأرض في ليبيا، باستيلاء سرايا الدفاع عن بنغازي على حقول النفط سواءً سلّمتها للقوّات الموالية لحكومة الوفاق أم لا. أرى أن تعقيد الأمور في ليبيا ناجم عن تبدّل الولاءات والتحالفات المتواصل وما هذا إلّا انعكاس للمشهد الدولي…فالمجتمع الدولي متعدد الوجوه من حيث تركيبة التحالفات وتغييرها طيلة الوقت
يتابع جاسون: لذا لنصل إلى تصوّر لهذا الأمر، علينا العودة لما قاله جوناثان حول عملية الوساطة التي يتولّاها المجتمع الدولي عبر لأمم المتحدة… منفصلة عن عملية الوساطة في المنطقة -والتي نظريًا من المفترض أن تكون مشتركة- والتي تدعو إلى حوار ليبي-ليبي، بينما تُديره مصر والجزائر، من ناحية يحاولون التوصّل إلى أهداف مماثلة من جمع حكومة الوفاق والبرلمان والتعاون معهما لتشكيل حكومة حقيقية، لكن أرى الأمور كمنافسة، حيث يحاول مختلف اللاعبين الدوليين والإقليميين الاستحواذ على الملف الليبي وهذا أمر متعارف عليه في المساومة السياسية في الشرق الأوسط، حيث يحاول عدة لاعبين إقليميين السيطرة على ملف سياسي حتى وإن كانت السيطرة تقتصر على الوساطة بين لاعبين مختلفين.
يقول جاسون أيضا: لنعتمد ذلك لنضع الأمر في سياقه. منذ عام ألفين وسبعة عشر، أي الوقت الحالي، ومصر وروسيا تحاولان فرض نفسيهما كوسطاء محوريين والاستحواذ على الملف الليبي، ما أهدافهم؟ ربما زيادة النفوذ على الساحة الدولية أو ليتمكنوا من وضع معايير الحلّ داخل ليبيا.. لذا لنفهم كيف وصلنا إلى هنا؟ علينا أن نعيد تلخيص الانقسامات المختلفة في المجتمع الدولي حول ليبيا منذ عام ألفين واثني عشر وحتى الآن، باختصار في عام ألفين وأحد عشر كان المجتمع الدولي على اتفاق ، فلم يُعارض أحد قرار الأمم المتحدة ألفٍ وتسعمائة وثلاثة وسبعين… ولم تستخدم روسيا والصين حق الفيتو للاعتراض على القرار، وامتنعوا عن التصويت، لكن على الصعيد العملي..بقيتا خارج الساحة فلم ترسل طائرات ولم تتدخل دبلوماسيًا.
يتابع جاسون: والآن فيما نحن هنا..بداية مارس علينا أن نسأل أنفسنا هل ستتمكن سرايا الدفاع عن بنغازي من الاستيلاء على حقول النفط وتستعيد دول إقليمية مكانها وتعود الحرب بالوكالة بين هذين التجمعين بطريقة مماثلة لما يحدث في العراق عن طريق المليشيات؟… لنجيب عن هذا، علينا العودة إلى نهاية عام ألفين وخمسة عشر حيث أفضت وساطة الأمم المتحدة بقيادة برناردينو ليون إلى حكومة الوفاق الوطني.
وأصبحت الولايات المتحدة وبريطانيا الداعم الرئيس لها، بينما دعمت إيطاليا وفرنسا حكومة الوفاق بالاسم وتعاملت أيضًا مع حفتر وذلك ناتج عن الاتصالات العسكرية مع مصر..هكذا كان الوضع في عام ألفين وخمسة عشر.. لكن في عام ألفين وستة عشر أدت التطوّرات ممثل دورة الانتخابات الأمريكية وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى إحداث فراغ من التدخل الغربي استغلته روسيا في محاولة لتصبح الداعم الدولي الأول..في ظل هذه الديناميكة من محاولة روسيا الاستحواذ على ملف ليبيا في أثناء انشغال الغرب في فوضى الديمقراطية عام ألفين وستة عشر ..يمكن رؤية الأمر كمحاولة لإزاحة مقاربة الولايات المتحدة وبريطانيا والأمم المتحدة …. وفي ذات الوقت، .. لدينا التحالف الإقليمي الذي ذكره جوناثان من الجزائر وتونس ومصر التي تستطيع كما أشرت تنشيط العملية التي تقودها الأمم المتحدة أو قد تكون بديلًا عنها .. أرى أنّه لن تنجح أيٌّ من هذه الأمور، فلا أحد يملك القوة الحقيقية لجمع المعنيين فيي ليبيا معًا على أرض الواقع أوليوافق بين التحالفات..كلاهما احتمالان ضعيفان جدًا!.
يتابع جاسون شرح فكرته بالقول: لذلك، القيادة الأمريكية وحدها تستطيع الإجابة عن هذا السؤال، وآمل أن ترى إدارة ترمب أحداث هذا الأسبوع الأخير ، وكيف يحاول لاعبون دوليون مختلفون العمل مع مليشيات محلية ومحاولات روسيا ومصر للاستحواذ على الملف الليبي، فالوضع معقّد!… تلخيصًا لما سبق، في الوقت الحاضر، برأيي، سنشهد انقسامًا أكبر بين اللاعبين الدوليين والإقليميين المختلفين وفيما بين اللاعبين على المستوى الإقليمي والدولي ..أرى أنّ روسيا ومصر منحتا نفسيهما دورًا محوريًا ونفوذًا لاحتكار مساعي تحقيق السلام. ..ويعملان على ذلك، بحيث ينتهي الأمر لصالح البرلمان وحفتر لأنّهم موالون لهم؟، وسيقومون بذلك لتحقيق مصالح استراتيجية..ففي مصر لتمنع عودة وتسرّب الإسلاميين إلى ليبيا، أمّا روسيا، فلأسباب انتهازية، مثل إضافة حرب إلى سجلها، أو المتاجرة بليبيا من أجل تحقيق مصالح في سوريا والقرم. .. وفي هذه الفترة من الفراغ، إن لم تطرح القوى الغربية مبادرة جريئة، يُنظر إليها كدعم لحكومة الوفاق بقوة تفوق الدعم الذي يحظى به البرلمان من روسيا ومن تدعمهم مصر.
وينهي جاسون مداخلته بالقول: آمل أنّ العديد من الناس هنا، وكذلك من إدارة ترامب، سيبادرون عمّا قريب إلى اتخاذ موقف اتجاه ليبيا ويسارعون إلى ملء الفراغ وبهذا تتناسق الجهود بين الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وآخرين. ..الخطوة الأولى هي التوفيق بين الحلفاء، ولِنُنهِ الموضوع على نحو إيجابي، أثقّ بأنّه عندما يكون هناك استعداد، فإنّ إدارة ترامب لديها الإرادة والقدرة للقيام بدور إيجابي في ليبيا ولتستخدم قرارات محلية تركز على أمور مثل الإرهاب والهجرة وتستخدمها بطريقة إيجابية في قيادة الملف الليبي..نأمل أن نرى مثل هذ التطوّرات في الأسابيع والأشهر القادمة. (يتبع)
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

ترجمة خاصة بقناة (218)- رهيفة محمود

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى