أخبار ليبيااقتصاداهم الاخبار

مهندس أمريكي يروي اللحظات الأولى لأول كشف نفطي في ليبيا

“الخشية من مغادرة ليبيا بعلامة سوداء في سجلي”، بهذه العبارة بدأ الخبير الجيولوجي ريتشارد ماسون قصته مع اكتشاف أول بئر نفطي في ليبيا بحقل زلتن الواقع بمنطقة الهلال النفطي.

ماسون الذي يعمل مع شركة أسو “ESSO” النفطية الأمريكية، التي انضمت فيما بعد لتحالف شركات إكسون موبيل عاد بالذاكرة إلى عام 1965، عندما استدعاه مديره لمكتبه في عجل ليوكل له مهمة استكمال حفر البئر الاستكشافية بحقل زلتن بعد ظهور مصاعب فنية تتعلق باحتمالية خسارة البئر؛ نتيجة تداخل جيولوجيا الأرض مع طبقات الحجر الجيري.

تحدٍ بالغ الخطورة للمهندس الشاب الذي لم يتجاوز عمره 25 سنة، خاصة بعد فشل عملية حفر أول بئرين في نفس الموقع، توجّه ماسون للموقع بعد الاطّلاع على التقارير يُحرّكه التوتر وتحذيرات مديره من النتائج الوخيمة لخسارة البئر التي تهدد الشركة بخسائر قد تبلغ ملايين الدولارات، وهي خسارة كفيلة بأن تذهب بسُمعة المهندس الشاب حيث كان صدى الخسارة ووقعها في نيويورك لا يغادر ذهنه.

بدأت عمليات الحفر وكانت طبقات الأرض مسامية لدرجة أن طين الحفر الذي يُسهّل عملية الحفر كان يمتص بسهولة، الأمر الذي يُهدد بالتصاق أنبوب الحفر وفقدان البئر، حيث كانت المهمة تنحصر في اختراق صخرة الغطاء التي تبلغ مساحتها 50 إلى 100 قدم، والاستمرار في الحفر مسافة قدمين قبل البدء باختبار البئر.

واصل ماسون الحفر بسرعة 20 دقيقة للقدم الواحد بعد الوصول إلى مسافة 45 قدماً من الحفر، طلبت من الطاقم مراقبة عملية الحفر عن كثب بعد أن واجه الحفّار صعوبة نتيجة اقترابه من الطبقة المسامية لتصبح البئر مهددةً بخسارة الحفار، هنا طلبت من الطاقم ضخ مزيج من الطين الجديد بمادة قد تمنع البئر من فقدان الطين واللزوجة اللازمة لاستمرار الحفر.

بعد دقائق وفي العشرة أقدام الأخيرة بدأت تظهر بقع الزيت لنتنفس الصعداء ويزول خطر فقدان البئر بعد تزايد الزيت لنحو بوصتين، ليهمّ “ماسون” بلعق الصخور المكسورة الناتجة عن الحفر للتأكد من عدم وجود طعم مالح يدل على وجود الماء المالح في البئر، حيث طغت رائحة الزيت على المكان.

يضيف ماسون بعد انتهاء الحفر توجهتُ لاختبار البئر وفي صباح اليوم الثاني قدّمت تقريراً أكدت فيه قدرة البئر على الإنتاج، حيث تسلّمت خرطومًا مطاطيًا مربوطًا في أنبوب الحفر، ووضعتُ الطرف المفتوح في دلو من الماء سعة خمسة جالون لأبدأ باختبار البئر، بعد ثوانٍ خرج الخرطوم المطاطي تقريبًا من يدي بعد أن فجّرت موجة من الهواء الخارج من البئر معظم الماء الموجود بالدلو.

شاهد ماسون امتلاء أنبوب الحفر بالطين وهو حدث طبيعي عند إجراء عمليات الاختبار، ليصرخ فني الاختبار أن الغاز بدأ يخرج على السطح، وما إن قذفنا شعلة من النار حتى بدأت البئر بالعمل، حيث ألسنة اللهب الزرقاء والبيضاء انتظرنا حتى نرى اللهب البرتقالي الذي يشير إلى النفط، فلم يكن الغاز مهماً للشركة بسبب بُعد الأسواق العالمية للغاز عن الموقع بنحو 250 ميلاً، وبعد لحظات من الترقب انطلق أخيراً اللهب البرتقالي بعد اصطدام الزيت بالسطح.

بعد نصف ساعة قمتُ بتغيير الخانق وكتبتُ 2780 رطلاً على خنق نصف بوصة معدل الإنتاج على خنق أكبر سيتجاوز 10000 برميل من النفط يوميًا، “أنجزتُ المهمة ونمتُ بهدوء في تلك الليلة لأول مرة منذ أسبوعين، يقول ماسون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى