أخبار ليبيااهم الاخبار

من هجّر تاورغاء هل هو آمن؟

 218TV|خاص

هدى المزوغي 

استعد أهالي مدينة تاورغاء قبل يومين لتحويل حلم العودة لمواطنهم المُصغّرة إلى حقيقة آملين ملامسة أبسط تفاصيلها التي أفاضت رصيد غصّات الحنين بشوقهم إليها، في الوقت الذي ترقّبت وما زالت تترقّب فيه أعين الليبيين المرحلة التي ستُمثل تخطّي الوطن أقسى العتبات التي طالما تعثّرت فيها آمال أبنائه في أن يحظوا بوطن يعترف بالتسامح كأحد العمائد التي ترفع بها الشعوب أوطانها وتنتشلها من دائرة الحقد والانتقام.

وعلى الرغم من تقصير من كانوا يملكون المفاتيح الجاهزة لحل هذه الأزمة، وبالاقتراب أكثر نحو جانب آخر يكشف عن مظهر إيجابي لهذه الأزمة، وعدّاد أيّامها الذي تخطّى عمر الـ7 سنوات، الجانب الذي ربطت فيه حبال الرحمة والمودّة قلوب أهالي تاورغاء بمُستقبيلهم من الليبيين داخل المدن الأخرى، الذين قاسموهم أساسيّات المعيشة اليومية رغم شحّها، ليس ذلك فحسب، بل إنهم حرصوا على توديعهم بإقامة اللمات والجمعات التي أظهرت الارتباط الاجتماعي الوثيق الذي نشأ بينهم.

ولاقت الصور التي أظهرت استعدادات أهالي تاورغاء بعد أن حزموا أمتعتهم البسيطة التي رافقتهم خلال سنوات التهجير استعدادا للعودة، إقبالا كبيرا من الليبيين الذين اختلطت أمنياتهم لأهالي تاورغاء بعودة كريمة بالفرح والامتنان والترحيب بهذه الخطوة التي ما إن تم تنفيذها ستتكفّل بإزاحة أحد أكبر الأحجار التي طالما تعثّرت به ليبيا في طريقها نحو مرفأ السّلام ولمّلمة شمل أبنائها مُجدّداً.

لم تستمر الغيمة التي أمطرت الأمل على أهالي تاورغاء والليبيين لتجف ويعود المشهد إلى بدايته، وككل مرّة لا يتأخّر العابثون عن غرس أنياب الخيبة في قلب الوطن، بعد أن تعثّرت رحلة العودة بالتهديدات الصادرة عن بعض الأطراف التي قدّمت مصالحها الشخصية عن استقرار وهدوء الوطن.

ورغم كلِ ذلك، أهالي تاورغاء الذين ما إن وصلوا إلى مشارف مدينتهم التي فارقوها قسراً قبل 7 أعوام، يرفضون العودة مُجدّدا تحت سقف المخيّمات البعيدة عن مدينتهم، مؤكّدين أن قربهم من مساكنهم ولو بنسبة بسيطة ورؤيتهم لمداخل مدينتهم من بعيد زادهم عزيمةً وإصراراً على المضي قدماً في طريق العودة والالتحام بمواطنهم المُصغّرة مُجدّداً.

ولعلّ أحد أكثر المشاهد التي أذاقت مرارة التهجير حتّى لمن لم يخطر بباله أن يُعايش موقف التهجير يوماً، تمثّل في حميمية اللقاءات التي جمعت الأهالي والأصدقاء بالقرب من مدينتهم بعد أن فرّقتهم فترة التهجير التي قضوها في مُخيّيمات مُتباعدة، كل هذه المشاهد والأحداث التي تحبس الأنفاس وجعاً، بين الأمل والرحمة وويلات الظلم، والتسامح والعجز، تُعاش وتُحاك وتستمر بسبب أبناء الوطن الواحد، فهل يحظى وطنٌ يُهَجّرُ داخله أبناؤه قسراً كتاورغاء بالأمن والسلام؟

زر الذهاب إلى الأعلى