تكنولوجيا

مراجعة Watch Dogs: Legion

خاص | أحمد سامي

في ظل الأوقات العصيبة التي يمر بها العالم هذه الأيام بسبب فيروس كورونا المستجد، حاولت الكثير من استوديوهات الألعاب أن تقدم تحفها الفنية الجديدة في 2020، مجابهة بذلك الصعاب والمشاكل اللوجيستية للعمل من المنزل.

بعض الشركات لم تستطع المجابهة واكتفت بتأجيل ألعابها من تاريخ إلى تاريخ –والجمهور يكاد يفقد صوابه- وشركات أخرى أخذت على عاتقها مهمة إنقاذ الصناعة التي بدأت بالتدهور، وقدمت ألعابًا ممتازة بالرغم من كل شيء. واحدة من الشركات المناضلة في هذا الصدد هي يوبي سوفت، اليوم معنا مراجعة Watch Dogs: Legion المنتظرة منذ بداية العام تقريبًا، والتي تم تأجيلها سابقًا، وتعتبر واحدة من أبرز أعمالها حصرًا، ونقلة نوعية بالنسبة لها.

فإلى أي مدى نضجت يوبي سوفت في هذه السلسلة بالضبط؟

مراجعة Watch Dogs: Legion

في نهاية الجزء الثاني من السلسلة، استطاعت (ديد سيك) أن تستعيد شعبيتها بين الناس، وبدأت سطوة الحكومة على العقول في التقهقر بعض الشيء، وعاشت البلاد في عصرٍ من حرية الفكر والتكنولوجيا بنسبة كبيرة.

لكن هذا لا يعني أن الحياة آمنة بالكامل، فهناك أعمال إرهابية نزعت الحكومة أيديها عن منعها تمامًا، وهنا يأتي دور ديد سيك التي باتت هي الملاك الحارس للبلاد التي تخلى رؤساؤها عنها. تبدأ قصة الجزء الثالث بتفجيرٍ إرهابيّ متوقع في مبنى البرلمان الضخم في لندن، وتشرع المنظمة في تقفي أثر الأمر بهدف إبطال التفجير في النهاية.

يحاول البطل فعل كل شيء وأي شيء يستطيعه من أجل إبطال القنبلة، وبالفعل ينجح؛ ليتضح لاحقًا أن هناك قنابل أخرى في أماكن عديدة بالبلاد، وكلها جاهزة للانفجار، وبالفعل تنفجر. لكن قبل انفجارها نرى شخصية جديدة تحمل اسم (زيرو داي) تظهر على الساحة، وهو مخترق مجهول الهوية، وكذلك المسؤول عن كل تلك الفجيرات، ليقتل البطل، ثم يُشعل النيران في بريطانيا، ليموت الآلاف في ثوانٍ. في نفس الوقت كان مقر ديد سيك تحت قصف النيران من أتباع المخترق المجهول، ليُسدل الستار على مقتل البطل، واختفاء ديد سيك بالكامل.

تمر الشهور، وتحكم الحكومة قبضتها على الشعب مرة أخرى بفضل أكبر شركة حماية في بريطانيا: (ألبيون). كل هذا بسبب وضع زيرو داي لشعارات وملصقات ديد سيك على كل القنابل والأماكن التي حدث فيها التفجير في اليوم المشؤوم، وبذلك تحولت المنظمة السرية من الحامي الخفي، إلى المعتدي الظاهر، وانقسم الناس بين مَن يدينهم فعلًا، ومَن لا يصدق الأمر ويثق فيها تمام الوثوق.

الآن على اللاعب لمّ شمل الرفاق من جديد، لاستعادة عصر الحرية المعلوماتية مرة أخرى، وقطع يد ألبيون الملوثة بدماء الأبرياء الذين قتلوهم بموجب قانون مكافحة أعمال الشغب، نفس القانون الذي جعل الجنود منتشرين في الشوارع كالجراد.

لمّ الشمل ليس سهلًا، تهشيم بأس الغاشم ليس بسيطًا، وبتر أذرع الظلم ليس باليسير، لكن بكل تأكيد محاولة تحقيق المستحيل تحمل بين طياتها المتعة المطلقة، وهذا ما برعت فيه اللعبة، وهذا ما يجعل المحطة القادمة في مراجعة Watch Dogs: Legion هي إنجازات رفع يوبي سوفت لسقف المنافسة هذة المرة، وبشدة.

مراجعة Watch Dogs: Legion

بعيدًا عن القصة، اللعبة بالكامل هي أسلوب لعب، لذلك أكبر جزء من المراجعة هو المتحدث عن الوسائل التي استطاعت بها يوبي سوفت تقديم تجربة لعب مختلفة تمامًا هذه المرة، وآخذة لنفسها مكانًا بين عمالقة العالم المفتوح. فعند الحديث عن تلك الوسائل، يجب تقسيمها إلى خمسة فروع ثانوية لإعطاء كل شيء حقه، وبالتفصيل.

التخصيص

عند ذكر التخصيص؛ تأتي الشخصيات. الأمر هنا ليس محدودًا لشخصيات بعينها تقدمها اللعبة، لا. الأمر هنا يشمل حرفيًّا كل شخصيات اللعبة؛ كلها. الشخصيات مصنفة حسب الشريحة، فهناك عمال البناء، أفراد الطاقم الطبي، القوات الخاصة، المخترقون، وغيرهم الكثير.

كل شريحة منهم تمتاز بخصائص معينة تعين اللاعب على أداء مهمات معينة خلال مسار اللعبة، وكل شخصية قابلة للتجنيد في ديد سيك مقابل أداء مهمة جانبية لها، ونيل رضاها. هناك من تتم استمالتهم بسهولة، وهناك من يكرهون ديد سيك تمامًا، وهؤلاء يمثلون تحديات حقيقية للاعب، بجانب التحديات الرئيسية التي تمثل قصة اللعبة نفسها.

لا توجد شخصية لا تمتلك قصة حياة، لا توجد شخصية غير ذات فائدة، ولا توجد شخصية لا يمكن تجنيدها (إلا من أبرحهم أو سيبرحهم اللاعب ضربًا). مصطلح شخصيات غير قابلة للعب – NPC كان من الماضي، هنا اللعبة تعيد تعريف العالم التفاعلي بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

لكن من الناحية الأخرى هذا التخصيص قاتل للمتعة بالنسبة للبعض، حيث إن هناك من يريد التعلق ببطل واحد من بداية القصة لنهايتها، دون الحاجة إلى تبديله بآخر من أجل إتمام مهام معينة. لكن هذا يمكن حله فقط بالتحويل وقت الحاجة إلى شخصية مختلفة، ثم العودة سريعًا إلى الشخصية الأولى وإكمال القصة بها. وبهذا يكون التخصيص أحد أبرز العوامل في مراجعة Watch Dogs: Legion التي نتناولها اليوم.

لكن لا تدعوا التخصيص المبهر يُنسيكم أن القصة غير متمحورة حول بطل واحد، فبالتالي غير متمحورة حول شرير واحد. وإذا استمر شرير ما لفترة طويلة بالأحداث، لن يوجد له تشابك مع الأشرار الآتين من بعده.

فبالتالي لا تصير القصة صلبة كما المتوقع، كلها عناصر تجعل القصة بالنسبة للبعض هشّة للغاية، لكن على الجانب الآخر من المعادلة تكون تجربة اللعب هي الفيصل، وربما فعلًا تعمل على تعويض نواقص ضعف القصة الإجمالية.

مستوى أعلى من الاختراق

اليوم تجب تغطية كل الجوانب، وأبرز جانب في اللعبة هو الاختراق بالطبع، وإلا كانت كلمة Legion (المقتبسة عن شعار شبكة أنونيموس – Anonymous الواقعية للاختراق) غير ذا دلالة، أليس كذلك؟

هذه المرة قامت يوبي سوفت بالارتقاء قليلًا ورفع مستوى الاختراق، وكأنها تقول للجميع: “لا يوجد شيء غير قابل للاختراق”. لكن دائمًا وأبدًا كان الذهاب إلى الأماكن يعد خطرًا على اللاعب، حيث إنه بشر في النهاية، وليس آلة يمكن استعاضتها بأخرى.

ولذلك بات حصان طروادة الجديد في هذا الجزء هو عنكبوت آلي بمثابة مساعد شخصي، لكن قدراته تفوق ما تم تقديمه في الأجزاء السابقة بمراحل، وهو أكثر الآلات المثيرة في مراجعة Watch Dogs: Legion اليوم. يستطيع هذا العنكبوت المشي والقفز ودخول أصغر الأماكن واختراق كل شيء وأي شيء تقريبًا، وبواسطته يستطيع اللاعب التحكم في الكاميرات ودوائر الكهرباء والأبواب وغيرها.

مراجعة Watch Dogs: Legion

وإذا لم يحتج اللاعب للعنكبوت وأراد فقط ممارسة هواية الاختراق الأثيرة، فهناك آلاف الآلاف من الطائرات الصغيرة المحلقة في سماء بريطانيا، والتي يتم التحكم فيها إما لسرقة الأشياء، استكشاف المناطق، تحديد الخصوم، تفعيل أجراس الإنذار، تشتيت الناس، أو حتى التحكم في طائرات أو كاميرات أخرى، وربما كذلك العودة للعنكبوت إذا بدأنا سلسلة الاختراق من خلاله.

هذه المرة لم تعتمد يوبي سوفت على جعل كل الهواتف قابلة للاختراق، نظرًا لحصول ديد سيك على معلومات كل هؤلاء الناس منذ البداية، مما يسهل عملية تجنيدهم، وفي المقابل اعتمدت على جعل اللاعب مشاركًا في عمليات الاختراق ذات المستوى الأعلى كالسيرفرات وأجهزة الحماية وأيضًا الخزانات التي تحوي أشياء مثيرة للاهتمام.

بيضات شم النسيم

أو Easter-Eggs، وهو مصطلح يُطلق على الأشياء النادرة في عالم أي لعبة، والتي تمثل بيضات شم النسيم الملونة، والتي تكون مدفونة في مناطق يصعب الوصول إليها. تلك البيضات هي وثائق، خطابات، مقاطع صوتية، مقاطع فيديو، والكثير بالمنتصف؛ كلها تكشف المزيد والمزيد عن عالم اللعبة.

العالم المغلق ظاهريًّا، المفتوح باطنيًّا

هنا تصبح الأمور مثيرة في مراجعة Watch Dogs: Legion فعلًا، وهذا لكون اللعبة لا تحتوي على خريطة كبيرة، إلا أن التجربة الفعلية توحي بأن الخريطة ربما ثلاث أو أربع أضعاف حجمها الأصلي. عند النظر جيدًا إلى الخريطة الأصلية، سنجد أنها مقسمة إلى مناطق أو مقاطعات معينة، تفصلها ممرات مائية وجسور، وغنية بالتفصيل، وهذا هو مربط الفرس.

غمر البيئة بالمباني والألوان المبهرة والشخصيات التي لا حصر لها والطائرات التي لا تتوقف عن الأزيز والسيارات التي تهتم جدًا بقواعد المرور والجسور التي تُضفي شعورًا بالسفر من مكان لمكان، كان هو الذي جعل عالم اللعبة ضخمًا للغاية، بينما هو محدود على الصعيد الجغرافي.

نمط الأونلاين، واهتمام المطورين

نمط الأونلاين لن يصدر في اللعبة إلا مع بداية ديسمبر 2020 للأسف، لكنه يبدو واعدًا بالنسبة إلى لعبة بهذه الضخامة، وأخذت من الفريق شهورًا طويلة لإنجازها. وعلى ذكر الفريق، اهتم المطورون جدًا باللاعبين، ووعدوهم بتقديم حلول للمشاكل التقنية التي ظهرت على الحاسوب وإكس بوكس، والتي اشتملت على عدم استقرار في معدل تحديث الإطارات، والغلق الفجائي للجهاز أثناء اللعب. بجانب الاهتمام الشديد بالشرق الأوسط، وتقديم ترجمة كاملة ومتقنة للغاية لكل القوائم والجمل الحوارية، وحتى أصوات البيئة كالانفجارات ووقع الأقدام وفتح الأبواب وطلقات النيران.

مراجعة Watch Dogs: Legion

استطاعت يوبي سوفت المحافظة على إمساك العصا من المنتصف في الجرافيك، حيث قدمت رسم شخصيات غير واقعي بنسبة كبيرة مقارنة بألعابها الأخرى، وذلك بهدف وضع فوارق جوهرية بين ألعابها المختلفة. وهذا يجعلنا ننظر بدقة للنظرة التسويقية خلف أعمال الشركة مجملًا، فمثلًا Assassin’s Creed هي سلسلة عالم مفتوح، ذات جوانب قتالية واضحة، وتتغير في الزمان والمكان مع كل جزء جديد. وفي Watch Dogs لدينا نفس الأمر، فكيف نقوم بتفريقهما عن بعضهما البعض لضمان وجود سوق كامل لكل واحدٍ منهما؟

بسيطة، قم بتغيير التوليفة!

اجعل Watch Dogs محتوية على نفس العناصر، لكن غيِّر في طريقة تقديمها. اجعلها سلسلة عالم مفتوح لكن ليس مفتوحًا للغاية، اجعلها ذات تجربة قتالية لكن عن بعد، واجعلها متغيرة في الزمان والمكان لكن للأمام فقط (المستقبل) وليس للخلف (الماضي). وبهذا بات لدينا لعبة ذات جرافيك ممتاز جدًا بالنسبة إلى أحداثها وقصتها وطريقة لعبها، لكن في نفس الوقت مختلفة تمام الاختلاف عن الألعاب الأخرى التي تقع في نفس التصنيف الخاص بها.

لكن أيضًا لا يجب تحمُّل بعض أخطاء التطوير، والتي تكون في صلب اللعبة، وليس بالسهل تغييرها. أبرز تلك الأخطاء هي أن التوليد التلقائي للشخصيات ينتج عنه في بعض الأحيان تركيبات جسدية غير مألوفة أو مريحة للعين بالمرة، ناهيكم عن الملابس التي لا تنتمي بعض توليفاتها لأرض الواقع من قريب أو بعيد.

كما أنه عند مزج أخطاء التوليد التلقائي، مع تشابه مهام التجنيد، ستصير عملية التفاعل مع الشخصيات للمرة الأولى مملة وغير مريحة بعض الشيء. أجل لاحقًا عند اللعب بها تكون ممتعة، لكن في البداية الأمر غير مشجع بنسبة كبيرة. إذا اهتم الفريق جدًا بتنوع الشخصيات إلى هذا الحد، لماذا لم يضع تلك الرتوش الأخيرة ليجعل التجربة ممتازة 100%؟

لا معنى لسرد مراجعة Watch Dogs: Legion بدون صوتيات بالطبع، حيث تم عمل صوتيات هذه اللعبة وعبارة واحدة بالتأكيد في ذهن المطورين: “نريد تجربة من المستقبل”.

وهذا بالفعل ما قدموه؛ الأغاني المستخدمة هنا هي مزيج بين البوب والفانك والموسيقى الكلاسيكية، لتعكس التنوع الموجود في المجتمع. وعندما تتم سرقة أي سيارة (على مسافات متباعدة)، تقوم كل واحدة بطرح أغنية مختلفة على الراديو، والتي كانت مناسبة لذائقة السائق السابق. وإذا انتقل اللاعب من سيارة إلى سيارة بسرعة، سوف يُكمل الراديو نفس الأغنية المختارة في السيارة الأولى، لعدم إحداث اختلال في الحالة الشعورية للاعب.

الخلاصة : لعبة Watch Dogs: Legion واحدة من أكثر الألعاب الواعدة في 2020، قدمت توليفة مميزة من الجرافيك المناسب لبساطة التجربة، الصوتيات المتوافقة مع تنوع أفراد المجتمع، الترجمة العربية المتقنة من يوبي سوفت للقوائم والحوارات والأصوات، وأيضًا القصة التي تُعطي للاعب مساحة للقيام بمهام جانبية بعدد شعيرات رأسه. تجربة ناضجة جدًا بالنسبة إلى السلسلة نفسها، ومكنتها من إثبات نفسها في مضمار ألعاب العالم المفتوح، ورفعت سقف المنافسة بشدة بالنسبة لألعاب الجيل الجديد.

التقييم النهائي : 8/10

[تم توفير هذه اللعبة من قبل الناشر عند صدورها في الأسواق]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى