تكنولوجيا

مراجعة The Dark Pictures Anthology: Man of Medan

خاص | أحمد سامي

“بينما الكل مشغول بألعاب الباتل رويال، هلّ علينا استوديو Supermassive Games بلعبة مميزة “من نشر BANDAI NAMCO ذاتها، الشركة الموزعة التي باتت تنتقي بعناية الأعمال والأفكار التي تقدمها للجمهور بعد عدة سقطات مع ألعاب الفيديو المبنية على أعمال أنمي يابانية.

استطاعت اللعبة أن تحظى بشعبية كبيرة بين اللاعبين على مستوى العالم، ودمغت اسم سلسلة ألعاب The Dark Pictures Anthology (المكونة من خمسة أجزاء) في قلوب وعقول اللاعبين للأبد، وصبغت وجوده بالرعب والهلع بدون شك.

لعبة لا تتحدث عن ما بعد الحادثة أو ما قبلها، بل تتحدث عن الحادثة نفسها، وكيف يمكن أن تكون الحياة كلها عبارة عن فترة طويلة ومؤلمة من العذابات المتكررة، وكيف يمكن للزمن أن يتقدم للأمام، بينما تظل أشباح الماضي موجودة للتربص من الجميع في كل جانب.

أحجية مرعبة، وباعثة على التوجس والقلق أكثر وأكثر مع كل ثانية تمر فيها.

الرعب النفسي في هذه القصة يصل حتى عنان السماء، ولن يخرج اللاعب منها نفس الشخص أبدًا. المميز في نوع الرعب المطروح هنا أنه معتمد على عنصر تقليدي للغاية، لكن في نفس الوقت تأثيره لا يبدو بتلك السطحية على الإطلاق. الرعب هنا مبني على قفزات الفزع – Jump Scares، والتي تعني أن تظهر أمامك أشياء فجأة من العدم لإرعابك، وفي العادة ما تكون مصحوبة بارتفاع مفاجئ في الموسيقى التصويرية، أو انعدام فجائي لها أيضًا.

مراجعة The Dark Pictures Anthology: Man of Medan

هذه الآلية تم استخدامها لعقود خلف عقود في صناعة السينما، وبالتبعية في صناعة ألعاب الفيديو كذلك. لكن استطاعت TDPA – Man of Medan أن تقدم تأثيرها بشكلٍ مختلف، وذلك عبر إدخال العديد من العناصر الدرامية-السردية في المنتصف، وهذا ما يصنع القصة التي تعوض نقص العناصر التقليدية، وفي نفس الوقت تقدم أحجية معقدة تسحبك بداخل متاهاتها الصغيرة مع كل قطعة جديدة تُضاف إلى اللوحة.

تبدأ القصة في الماضي، حين انطلقت سفينة أمريكية من الصين، محملة بجثث لبعض الجنود الأمريكيين، موضوعة في توابيت خشبية، ومغلفة بالعلم الرسمي للبلاد. صعدت التوابيت في صمت إلى قبو السفينة، ورقدت هناك. لكن فجأة رقدت بجانبها ثلاثة صناديق خشبية أخرى عليها علامة جمجمة، في دلالة على أنها تحمل الكثير من الأشياء الخطرة.

تسير السفينة، وتجد نفسها في خضم عاصفة شديدة. تنقلب الأجواء بشدة، ثم تضرب صاعقة رعدية ساري السفينة، لتنتقل مباشرة إلى الصناديق ذات علامة الجمجمة. وهنا تبدأ الغازات الخضراء الغريبة في غمر المكان كله، وجعل الجثث حية بشكلٍ ما.

الآن نحن في الحاضر، ونرافق مجموعة شباب في رحلة ترفيهية في عرض البحر. الحياة جميلة في البداية، لكن سرعان ما ننخرط معهم في أحداث يشيب لها الصغار، أحداث مرتبطة بالسفينة الملعونة التي باتت الآن مجرد كم مهمل، لكن بداخلها أعتى الشرور التي عرفتها الأرض منذ نشأتها.

أسلوب اللعب مختلف تمامًا عن أي شيء آخر يمكن أن تلعبه في حياتك، اللعبة هنا معتمدة على المشي والركض في مساحات محدودة ومغلقة، بل مغلقة أكثر من اللازم في معظم الأحيان. إذا كنت تعاني من رهاب الأماكن الضيقة، سوف تعاني بشدة مع هذه اللعبة، فالمطورون لم يعتمدوا على آلية صنع أماكن صغيرة فحسب، بل جعلوها أصغر وأصغر حتى تشعر بالضيق النفسي لمجرد السير فقط، دون أن تتوقع وجود شيء مرعب بعد ثوانٍ من الآن.

وبينما أسلوب اللعب الانغلاقي هو أفضل شيء في اللعبة، أيضًا آلية الحركة هي أسوأ شيء في اللعبة. الحركة ركيكة للغاية فعلًا، تجعلك تشعر وكأن شخصيتك لا تحتوي على مفاصل عظمية، بل أخرى ميكانيكية تصدر أزيزًا مع كل خطوة. هذا التشبيه ليس مزايدة أو افتراءً على العمل، بل هو أنسب تشبيه للحركة البطيئة جدًا. كما أن الأمر لم يقتصر على الحركة، بل أيضًا ارتبط بزوايا الكاميرا.

الكاميرا جيدة في بعض المشاهد القريبة جدًا من الوجه، إخراج فني ممتاز فيها. لكن من الناحية الأخرى، وجود الكاميرا في أماكن التقاط الحركة مثل تغطية المشي، الركض، وأيضًا بعض الكادرات الواسعة، كان سيئًا إلى أقصى حد.

التمركز في معظم المشاهد لم يسمح بإعطاء عمق بصري مطلوب لجعل الإطار العام مرعبًا بالقدر الكافي، كما أنه لا يجعل اللاعب متحكمًا بالكامل في شخصيته لأنه لا يرى إلا نصفها للأسف. وهذا لكونه يلعب بالمنظور الثالث بنسبة 50% من اللعبة تقريبًا، بدون شك تغيير مواضع الكاميرا أو الانتقال 100% إلى المنظور الأول لكان حل المشكلة تمامًا.

لكن بعيدًا عن الإخراج الفني، فجعل القصة مبنية على أكثر من محور وجعلنا (كلاعبين) نتتبع فيها الشخصيات المختلفة وهي تقوم بأخذ خيارات مختلفة، هذا حقًا مثير للاهتمام.

كما أن كاتب السيناريو قرر وضع شخصية مرشدة لنا أثناء اللعب، شخصية غامضة وعجوزة وبمثابة الملاك الحارس، لكن الملاك ربما لن يساعدك عندما تقترف الخطأ، فاللعبة في النهاية عبارة عن حياتك الشخصية، ولا تتوقع مساعدة من أحد في حياتك الشخصية. إذا أصبت ستسعد، وإذا أخطأت ستحزن، لكن في الحالتين يجب تحمل نِتاج قراراتك.

كما أنه يمكن اللعب مع الأصدقاء، أنت وأربعة منهم تخوضون الغِمار في مهمات خاصة تتشاركون فيها الهلع، الرعب، وفي بعض الأحيان أيضًا الضحكات المرتفعة من ردود أفعالهم الكوميدية على ما يحدث أمامكم.

بالرغم من الإخراج غير المتوازن، فالجرافيك في منطقة أخرى تمامًا، منطقة الإبداع.

المساحات المحدودة أعطت فريق العمل مساحة كبيرة للعمل على إخراج تفاصيل جرافيكية ممتازة. التفاصيل الخاصة بالبيئة واضحة، حتى جرافيك حركة الشخصيات في الماء وتفاعلهم مع الأمواج والفقاعات وما إلى ذلك كان بديعًا، كما أن الأسلحة والأبواب والملابس كلها مرسومة ومصممة ومُحرَّكة بعناية فائقة، بالطبع باستثناء الحركة العامة للشخصيات كما أردفنا منذ قليل.

المشكلة الوحيدة كانت مع وجوه الشخصيات نفسها، فهناك تباين واضح بين رسم وجوه الإناث، ووجوه الذكور. الإناث كانت ملامحهم بها الكثير من المجهود الملحوظ في رسم تعبيرات الوجه وبعض الأعضاء البارزة مثل الشفاه والعيون، بينما تم إهمال تفاصيل كثيرة في وجوه الذكور، ولم يهتموا بهم إلا في منطقة شعر الرأس والحاجبين فقط.

صوتيات بسبب وبدون سبب، هذا أنسب وصف لها، الموسيقى التصويرية موجودة في كل مكان تقريبًا، وهذا جعل التجربة نوعًا ما تكرارية. حيث أن المقطوعات نفسها ليست متنوعة على الإطلاق، فبالتالي يشعر اللاعب وكأن الأحداث تتكرر في حلقة مفرغة.

أجل العناصر السردية أمسكت العصا من المنتصف من حيث معدل السير في الأحداث، لكن الصوتيات المستمرة جعلت الأمر متسارعًا بالرغم من كل شيء، مما صبغ التجربة باللهاث المستمر، التعرق بغزارة، والرغبة في غلق اللعبة من حينٍ لآخر.

الخلاصة :لعبة The Dark Pictures Anthology: Man of Medan تجربة لعب ممتازة محتوية على قصة تشجعك على اللعب لفترة ليست بالسيئة، بل وختمها أكثر من مرة نظرًا لآلية (الخيارات) التي ربما تكون مختلفة مع كل مرة لعب. القصة محبوكة جيدًا، الشخصيات متعددة وتعيش مع كلٍ منها تجربة فريدة، الجرافيك جيد مجملًا، أسلوب اللعب به سقطات واضحة في الحركة وتمركز الكاميرا، الصوتيات تكرارية لكن في بعض المشاهد مرعبة للغاية، وبالمجمل إنها عمل فني يستحق أن تعطيه فرصة فعلًا.

التقييم النهائي : 7/10

[تم توفير هذه اللعبة بأنفسنا بعد صدورها في الأسواق]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى