تكنولوجيا

مراجعة Tales of Arise

خاص | أحمد سامي

استطاعت الكثير من شركات الألعاب أن تقدم للصناعة الأعمال العبقرية بالأعوام القليلة الماضية، وهذا نظرًا لبدء ظهور الجيل الجديد من أجهزة اللعب على السطح، والذي تنامت معه القدرات الجرافيكية والرغبة في إحداث تغيير وبدء الجيل بقنابل لا يُنسى أثرها أبدًا حتى بداية الجيل القادم. لكن كل الألعاب في كفّة، ولعبة Tales of Arise في أخرى تمامًا. فعند النظر إليها كلعبة لا تندرج أسفل تصنيف AAA الشهير (أي لعبة مُنفقة عليها ملايين الملايين من الدولارات)، فإنها فعلًا تلمع في سماء عالم الألعاب، وتقدم الكثير والكثير للاعبين من مختلف الشرائح.

إذا كنت من هواة الأنمي، ستجد مرادك في هذه اللعبة. إذا كنت من هواة الألعاب القتالية، ستجد مرادك في هذه اللعبة. وأخيرًا؛ إذا كنت من هواة الملاحم الدرامية، فأنت –بلا شك- ستجد مرادك في هذه اللعبة أيضًا. استطاعت Tales of Arise المطورة على يد BANDAI NAMCO أن تقفز من حالة شعورية إلى أخرى، دون أن تشعرك أن هناك فجوات في القصة أو أسلوب اللعب بالقدر الملحوظ.

لكن هل كانت خالية تمامًا من العيوب؟ أم تستحق لقب “الأفضل” في الجيل الجديد؟

مراجعة Tales of Arise

في عالمٍ فانتازيّ بعيد تمامًا عن عالمًا، أنت تتعامل مع أرض “دانا” العظيمة، الأرض التي كان من المتوقع ألّا تموت أبدًا، أو تشيخ، أو حتى تُستعمر، وهذا لأن مواردها كثيرة وطبيعتها غنّاء، والطابع المسالم لها يوحي بأن العالم من حولها لن يكون في يوم من الأيام أي شيء سوى الجنّة بكل ما تحمل الكلمة من معنى. لكن يتغير كل هذا فجأة عندما يتم استعمارها من قِبل جنود “رينان” الأقوياء، والذين لم يأتوا من أسفل الأرض أو من أطرافها المترامية، بل من الفضاء الخارجي، في سفن فضائية خالية من الروح والحياة، مدججة بالسلاح من كل جانب، ولا تريد لدانا أي شيء سوى الخراب والسحق واستنزاف الموارد.

وبالفعل، هبط الجنود المدرعون على الأرض، انطلقت النيران من المدافع السماوية، وعاثت وحوش “زوجل” في الأرض فسادًا، حتى بدأ عصر الاستعمار والخراب لدانا الحبيبة.

بعد مرور 300 سنة، اختلط الناس وتشعبت الممالك، حتى صرنا أمام 5 ممالك بالتمام والكمال، لكل منها إمبراطور يحكمها بالطريقة التي يجدها مناسبة، إلا أن قصتنا تبدأ في مملكة “كالاجليا”؛ مملكة الحديد والنار، المحكومة من قِبل الإمبراطور الشرير والذي وصل إلى مرتبة الطاغية.

أنت في هذه المملكة مجرد عبد تساعدهم على استخراج موارد الأرض ليزيد جبروتهم؛ أنت هو “القناع الحديدي”، الرجل الذي وجد نفسه فجأة في المملكة النارية، غير متذكرٍ لأي شيءٍ من الماضي على الإطلاق، وعلى رأسه قناع حديدي يبدو أنه لا يستطيع نزعه حتى، وأيضًا عندما يُصفع ويُضرب من الجنود، لا يشعر بالألم!

في أحد الأيام تظهر أمامك فتاة بارعة الجمال، تنطلق شرارات البرق من جسدها كله، وأي شخص يلمسها سوف يموت. ومن هنا تشرع حياتك كلها في التغير، إن هناك مقاومة حبيسة في المملكة ومختبئة عن عيون الجنود والإمبراطور، فهل ستستطيع الإطاحة به فعلًا؟ وما دور تلك الفتاة في القصة؟ وما الاتصال الغريب الذي أتى للإمبراطور فجأة يقول له أن يستعد لدورة الحكّام القادمة؟

حسنًا، هذه أسئلة لن تعرف إجابتها إلا عن طريق اللعب، وهي فعلًا لعبة تستحق اللعب.

مراجعة Tales of Arise

أسلوب لعب Tales of Arise يتميز بوجود العديد من العوامل التي تجعله مثيرًا للانتباه ومقربًا إلى قلوب جميع اللاعبين تقريبًا. الأمر كله يبدأ بطابع اللعب المصبوغ بالأنمي الياباني، وهذا بداية من الأداء الصوتي الياباني، مرورًا بالرسم والتحريك القريبين جدًا من الأنمي، وأيضًا الأجواء الفانتازية التي تتغنى بها أعمال أنمي تصنيف الإيسيكاي على وجه التحديد.

لكن إذا لم تكن من هواة الأنمي، فأيضًا اللعبة تناسبك لأن فيها الكثير من العناصر القتالية المبهرة، فإن نظام القتال فيها مشابه جدًا لنظام القتال في لعبة Scarlet Nexus المقدمة أيضًا من نفس الشركة المطورة، وآلية القتال في كليهما تعتمد على القفز والجري والدوران ثم الهبوط بأكثر من ضربة، وصنع الثنائيّات والضربات المتتابعة – Combos فيه متعة مُطلق لها العنان، ويشعرك بأنك سيِّد هذا العالم، وكل مَن فيه مجبرون على الركوع أمامك. إنه نوع من إشباع النرجسية بعض الشيء، لكنه مُرضٍ جدًا للاعب.

كما أن أسلوب اللاعب لا يعتمد فقط على القتالات، فهناك العديد من المشاهد السينمائية في المنتصف، والتي ربما تتكون منها 80% من أحداث اللعبة.

أنت تقريبًا أمام فيلم سينمائيّ تتخلله بعض المعارك التي تقوم فيها باللعب بنفسك، هذه المرة أنت تستمتع بالقصة أكثر من استمتاعك بأسلوب اللعب، وهذه بالنسبة للبعض قد تكون سقطة كبيرة جدًا في اللعبة، لأن الألعاب في الأساس مصنوعة ليتم التفاعل معها من قِبل أيدي اللاعب نفسه، وليس بصره فقط. ومن الناحية الأخرى، قد يراها البعض ميزة في اللعبة، وهذا نظرًا لأن عشّاق السينما كثيرون في العالم بالطبع.

ببساطة، تميزت Tales of Arise بالجرافيك المناسب جدًا لسياق الأحداث. ليس مبالغًا فيه حتى يصل إلى الواقعية التي لا يقبلها محبو الأنمي، وليس سيئًا للغاية حتى يُجبرك على ترك اللعبة من بين يديك. إنه المزيج الفني المطلوب لإخراج لعبة أكشن تتبدل فيها الأحداث وتتشابك فيها المصائر عن طريق المعارك والمشاهد السينمائية المصنوعة بعناية فائقة.

لكن المشكلة هنا تمثلت في عدم الاهتمام بزوايا الكاميرا. إنها قريبة جدًا من الشخصية، حتى مع عدم ترك زمام الأمور للعبة عند تحريك الكاميرا، فإنها أيضًا قريبة. وهذا يظهر جانبه السلبي بشدة عند ارتداء أزياء الشخصيات، خصوصًا الأجنحة الخلفية التي تحجب الرؤية تمامًا وتجعل من السير في الأماكن المحدودة للعبة (قبل القتالات) أمرًا مزعجًا إلى أقصى حد. لكن ينتفي هذا الجانب تمامًا عند البدء في المعارك نفسها.

مراجعة Tales of Arise

وأيضًا إذا ارتديت الأزياء الفارهة في بداية اللعبة، سيكون في واجهة تبديل الملابس وجهك مكشوفًا، بينما في المقاطع السينمائية وجهك محبوس في القناع الحديدي كما هو في بداية الأحداث (قبل تطورها)؛ فعلى الأقل كان يجب منع ارتداء الملابس الفارهة قبل مرحلة معينة من اللعبة ليكون كل شيء متناسقًا مع بعضه البعض.
الصوتيّات

الموسيقى ملحوظة في اللعبة، خصوصًا في المقاطع السينمائية، إنها تحفة فنية فعلًا. لكن وجودها غير ملحوظ بالمرة في معظم المشاهد التي فيها جري أو قفز أو تجول، مما يجعل الانغماس في القصة أمرًا عسيرًا بعض الشيء، وربما غير محبب بالنسبة للبعض. لكن من الناحية الأخرى، فإن الميكساج الصوتي لأصوات الأقدام والنيران المتأججة في كل مكان (وأيضًا البيئات المختلفة عند التقدم في القصة، لن نحرق لا تقلقوا)، كلها مصنوعة بعناية شديدة.

الصوتيات كانت بحاجة إلى تحسين في تلك المشاهد تحديدًا، لكن بالمجمل فإن المجهود في الميكساج الصوتي واضح للعيان.

الخلاصة: لعبة Tales of Arise تجربة شبه ناضجة في عالم الألعاب، تعلمت الكثير من زلّات وأخطاء Scarlet Nexus، لكن ما زالت بها بعض الفنيّات بحاجة إلى تحسين. القصة مذهلة وتسحبك بشباكها حتى النهاية، أسلوب اللعب رائع جدًا لكنه مسحوق أمام المقاطع السينمائية، الجرافيك مصنوع بعناية لكن مع بعض زوايا الكاميرا المزعجة، والصوتيّات مُلحنة وممتزجة بصورة جيدة جدًا لكن مع غياب ملحوظ لها في بعض الأماكن.

التقييم النهائي : 6.5/10

[تم توفير هذه اللعبة من قبل الناشر عند صدورها في الأسواق]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى