تكنولوجيا

مراجعة It Takes Two

خاص | أحمد سامي

ألعاب كثيرة أرادت أن تُقدّم الجديد للصناعة، البعض حالفه الحظ، والبعض لم يكن موفقًا للأسف، وبالمنتصف لدينا أعمال وعدت الجمهور بالكثير، وفي وقت صدورها، اختلفت الآراء حولها بشدة. وربما لعبة It Takes Two الصادرة على يد استوديو Hazelight Studios بنشر شركة Electronic Arts واحدة من تلك الألعاب فعلًا.

قبل صدور اللعبة بفترة قصيرة، قرر المخرج الظهور في تصريحٍ رسميّ والقول إن الشخص الذي لن يستمتع باللعبة، سيدفع له ألف دولار بالتمام والكمال، تعبيرًا عن كون القصة ممتعة للغاية وأسلوب اللعب ساحب للمرء حتى نهاية الأحداث، على عكس ألعاب أخرى تعتمد على مبدأ التنصيف في عرض الأحداث والتنقل بين المراحل المختلفة.

وفي الواقع، استطاعت اللعبة أن تقدم تجربة مثيرة للاهتمام فعلًا، بغض النظر عن الضجة التي تم القيام بها قبل صدورها، لأنها فعلًا، من المرات القليلة التي تنجح لعبة كما توقع الجمهور.

قصة لعبة IT TAKES TWO مقتبسة من الواقع بحذافيره، وهذا بالرغم من كون العالم نفسه مبنيًّا على الفانتازيا المطلقة. أجل، هناك عشرات العشرات من النوافذ والأنابيب ومقابس الكهرباء المتحركة والمكانس الغاضبة، لكن مع كل هذا، هناك واقعية بين طيّات الفانتازيا، وهي واقعية مؤلمة إلى أقصى درجة، وإذا قام أحد البالغين باقتناء اللعبة والغوص في أحداثها، فبالتأكيد سيستشعر مضمونها في حياته بشكلٍ أو بآخر.

تتحدث القصة عن فتاة صغيرة تحب اللعب بالدمى المحشوَّة، والتي في الأغلب قامت بحياكتها بنفسها. في أحد الأيام تنظر الفتاة من الشرفة لتجد والديها يتعاركان بالأسفل، ويتحدثان بصوتٍ عالٍ عن الطلاق، وأنه يجب الاعتراف للمسكينة الصغيرة بالتفكك الأسري التي هي على وشك التعامل معه بعد شهور قليلة جدًا. وسرعان ما تنتقل الأحداث إلى غرفة المعيشة، حينها يعترف الوالدان لها بالأمر، وفجأة تصمت الفتاة في لامبالاة، وتقرر الذهاب إلى ركنها الخاص في كشك صغير بحديقة المنزل.

في الركن يوجد كتاب، تترقرق عيون الفتاة بالدموع لتسقط على الدميتين، لتدب فيهما الحياة فجأة، ويكون الكتاب هو مرشدهما “الرومانسي” خلال الأحداث. الأب في دمية، والأم في دمية، والآن عليهما التعامل مع الكتاب المزعج، بينما يحاولان الوصول إلى ابنتهما، والعودة إلى هيئتهما الطبيعية مرة أخرى.

فهل سينجحان؟

طريقة اللعب أغرب –وربما أفضل- شيء في اللعبة كلها!

أسلوب اللعب ينتمي إلى شريحة السهل الممتنع، فالعالم من حولك بسيط وسلس ومليء بالأشياء الملونة وبالمجمل لن تشعر أنه معقد أو صعب، فبالتالي يغمرك شعور بالراحة والهدوء.

لكن بمجرد التعامل مع مفرداته، تشرع في تدارك الكابوس الذي أنت فيه فعلًا، كل شيء يتضاخم في الحجم من حولك، وتفهم أنك أصغر من أصغر شيء رأيته في حياتك، وعليك التعامل مع كل المفاتيح والمقابس والرافعات بشكلٍ دقيق لتتخطى المراحل.

لكن مهلًا، هذا ليس كل شيء، لا تعتقدوا أن اختلاف الحجم يعني انعدام المتعة. بالعكس؛ المتعة كلها في اختلاف الحجم، فهو يساعد اللاعب على القفز والطيران والجري بطريقة كوميدية للغاية، وكذلك عندما يتم سحبك بداخل أنبوبٍ ما أو يتم دفعك بواسطة مدفع هوائي، تكون لحظة كوميدية ستشعرك بالسعادة بدون شك، خصوصًا أنها تكون مصحوبة بعبارات سيناريو لطيفة ومتغيرة بناء على الحدث والمكان، وهذه نقطة تحسب للعبة ككل؛ عدم النمطية بمعنى أصح.

بالطبع كل هذا في كفة، وأسلوب اللعب الثنائي في كفة أخرى تمامًا.

تعتمد اللعبة بالكامل على اللعب الثنائي، فأنت تقوم بالتعامل مع مفردات البيئة في نصف الشاشة (وبجانبك اللاعب الآخر)، بينما الآخر نفسه يظهر لديه نفس الشيء في النصف الثاني من الشاشة. كل لاعب يقوم بإكمال ما قام به الآخر، لكن بشكلٍ آنيّ، وغير معتمد على قيام أحدهما بشيء، ثم العمل على إتمامه. فمثلًا لا يقوم أحدهما بإمساك رافعة لسحبها لأسفل بينما الثاني يقوم بضغط مقبس مثلًا، لا، هنا يقوم الاثنان بإنزال الرافعة في نفس الوقت.

وحتى في الأوقات التي فيها تبادل أدوار في نفس المهمة، لا يكون الأمر نمطيًّا، فالتكرارية يتم كسرها من خلال رفع الصعوبة وإجبار اللاعب على التفاعل مع البيئة بشكلٍ أسرع في كل مرة، مما يضيف عنصر الضغط العصبي، ويُدخل اللاعب أكثر في أجواء اللعبة، ويقضي على النمطية تمامًا (هذا إذا استشعرت وجودها حتى).

وبالرغم من كون أسلوب اللعب طريفًا وكوميديًّا في كل محاور القصة تقريبًا، إلا أنه احتوى على منعطفات (سردية) حادة جدًا، وتجعل من اللعبة فعلًا عملًا لامسًا لقلوب كل اللاعبين، سواء تعرضوا في حياتك لانفصال الأبوين، أو لديهم إنسانية كافية للشعور بالحزن.

المشكلة الوحيدة في أسلوب اللعب هي أنه يجبر اللاعب على جلب شخص آخر لإتمام المهام معه، مما يعتمد على قوة الإنترنت في المقام الأول، وتواجد طرف آخر في المقام الثاني، وهذه تعتبر مشكلة بالنسبة للاعبين ذوي الإنترنت السيئ، والذين لا يملكون أصدقاء.

عند النظر إلى جرافيك هذه اللعبة بشكلٍ سطحيّ، أول ما يخطر على البال هو تحريك الـ Stop-Motion، أي التحريك الذي تكون فيه الإطارات المتعاقبة (والمحركة يدويًّا) هي المكونة للصورة المتحركة على الشاشة. يمتاز الستوب موشن بالواقعية الشديدة في التقديم، مع الحفاظ على الطابع الكارتوني.

هذه اللعبة تبدو وكأنها مصنوعة بتلك التقنية، لكن المستوى الجرافيكي في الرسم والتحريك يصرخ بالفخامة الإلكترونية للحواسيب القادرة على تصنيع نماذج 3D وتحريكها بطريقة عبقرية إلى ذلك الحد. حتى أن تعابير الوجه متقنة للغاية، بداية من العيون، مرورًا بالشفاة، ووصولًا إلى الجسد المتدحرج في كل مكان بسبب بدانة الجسم وصغر حجمه مقارنة بالبيئة.

الصوتيّات

لم أستطع أن أجد عنصرًا سيئًا في الصوتيات، فهي فعلًا جيدة، وجيدة بدرجة كبيرة أيضًا.

الموسيقى مناسبة للأجواء، الأداء الصوتي فوق فوق الممتاز، والانتقال بين الطبقات الصوتية للمؤدين الصوتيين مثير للدهشة بحق. أجل، الموسيقى لم تكن (خلّابة) مثلًا، لكنها مناسبة للقصة، وهذا كل ما يهم في النهاية، أليس كذلك؟

الخلاصة: لعبة It Takes Two مثيرة للاهتمام فعلًا، تقدّم أسلوب لعب فريد، قصة آسرة، جرافيك يأرجحك بين الماضي والمسقبل، موسيقى مناسبة، وتجربة لعب من النادر رؤيتها هذه الأيام. يجب أن تلعبها مع شخص آخر، هذا هو العيب الوحيد فيها، فلو تم تقديم خاصية اللعب مع الحاسوب، لاكتسبت اللعبة شعبية أكبر بكثير من التي هي حاصلة عليها الآن بدون شك.

التقييم النهائي : 8/10

[تم توفير هذه اللعبة من قبل الناشر عند صدورها في الأسواق]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى